كتبت مارلين وهبة في صحيفة “الجمهورية”:
تبدو البلبلة الإنتخابيّة في الكورة سيّدة المشهد، خصوصاً أنها تضم 34 مجلساً بلدياً، ولكلّ بلدة خصوصيتها. ويحاول الجميع تحريك قواعده الشعبية نظراً لما تحمله الانتخابات البلدية من دقة وحساسية، بحيث يتداخل فيها الطابع السياسي بالنزعة العائليّة.تتميّز الكورة بغناها السياسي وتنوّعها، ويراهن البعض على تأجيل الإنتخابات، لذلك يتريّث في تحريك الماكينات. ومن المتوقع أن تشهد المنطقة معارك شرسة نتيجة الاصطفافات السياسية الجديدة. وعلى رغم تأكيد الحسم والتوافق في بعض القرى، إلّا أنّ هناك معارك حتميّة في قرى أخرى. ومن أبرز البلدات المهدّدة بمعارك قويّة: كوسبا، دده، أميون، وكفرعقا.
كوسبا تترقّب
تُعتبر كوسبا من كبرى بلدات القضاء، ويصل عدد سكانها الى نحو 10 آلاف نسمة، فيما يبلغ عدد الناخبين الواردة أسماؤهم على لوائح الشطب نحو 5 آلاف ناخب، إقترع منهم في الإنتخابات الأخيرة 2550 ناخباً أي بنسبة 50 في المئة. وتتوزّع القوى السياسية بين النائب نقولا غصن والوزير السابق فايز غصن، «القوّات اللبنانية»، «التيار الوطني الحر»، «المردة»، وهناك حضور للحزب «القومي السوري الاجتماعي» والكتائب اللبنانية.
يتألّف المجلس البلدي من 15 عضواً، ويضم المجلس الحالي عضواً مارونياً واحداً، أمّا الأعضاء الباقون فهم روم أرثوذكس، فيما يُحسب الأعضاء على «القوات اللبنانية» وابن البلدة النائب نقولا غصن. وأبرز عائلات كوسبا هي: شحادة، جريج، نصار، يعقوب، حبيب وغيرهم. وهذه العائلات لها تمثيلها داخل المجلس البلدي ولو بشكل غير مباشر.
ينهمك رئيس بلدية كوسبا عقل جريج بالتحضيرات للمعركة، ويسارع الى القول «إنّ أبناء كوسبا يعملون من أجل تثبيت التوافق»، لكنه في الوقت نفسه يقرّ بأنّ «الصورة غير واضحة المعالم حتى الآن».
وحين استفسرنا عن التحالفات المقبلة والاصطفافات الجديدة وإسم الرئيس الجديد للبلدية، يقول جريج لـ»الجمهوريّة»: «ولاؤنا الى نقولا بيك، ويمكنكم استشارته والاستيضاح منه».
يثمّن أهالي كوسبا أعمال البلديّة الحالية والإنجازات التي حقّقتها وأداء رئيسها، لكنّ الواقع السياسي الجديد لن يشفع في أيّ شخص يترشّح للرئاسة، علماً أنّ الاوساط المعارِضة التي تتحدّث عن مفاجآت، محسوبة على الوزير السابق فايز غصن وتيّار «المردة».
وفي هذا الاطار، يقول قريبون من «المردة» إنّ «النائب سليمان فرنجية أوصى بفصل السياسة عن الإنماء وعدم التدخل وترك الحرية لأبناء البلدة لاختيار مجلس متجانس لينجح إنمائيّاً».
ويبدو واقع كوسبا اليوم كالآتي: عقل مستمرّ في ترشيحه لرئاسة البلدية، وسط استمرار الكلام عن التوافق. ويشير بعض الأهالي الى أنّ بلدتهم مقسومة سياسيّاً، ولهذا يرجّح عدم عودة البلدية كما كانت، وفي حال التوافق ستتغيّر التركيبة مع إضافة أسماء أخرى. علماً أنّ البلدية الحالية تضم 4 نساء.
من جهته، يبدو النائب نقولا غصن حائراً بين «القوات» والعائلات وتيار «المستقبل». وحين استوضحته «الجمهورية» عن خياراته في المعركة المقبلة إذا حصلت، أجاب: «أعمل للتوافق وهذه هي التوجيهات وتبدو الأمور حتى اليوم جيدة، وسأواصل العمل حتى الرمق الأخير لإتمام التوافق وتجنيب البلدة معركة محتملة، أمّا إذا لم ننجح بالتوافق، فسأعلن عدم التدخل في مجريات المعركة وسأترك للعائلات تحديد خياراتهم».
ويرى غصن أنّ «العمل البلدي لن ينجح اذا لم يتوافر الانسجام بين الأعضاء»، مرجّحاً «تغيير بعض الاسماء او تبديلها اذا تمّ التوافق».
ثرثرة إنتخابية
تشهد مقاهي كوسبا ثرثرة إنتخابية، فالبعض يجاهر بأنّ التحالفات الجديدة لن تؤثر كثيراً في التركيبة الحالية للمجلس البلدي، وأنّ اسمين وليس اكثر قد يتغيران في هيكلية المجلس، خصوصاً أنّ الثقل «القومي» لن يؤثر سوى في القرى الأساسية، وأبرزها اميون، بينما يراهن البعض الآخر على النتائج المفاجِئة التي قد تحدثها المعركة المحتملة.
بدوره، يؤكد الوزير السابق فايز غصن لـ«الجمهورية» أنه «ليس بعيداً عن الأجواء التوافقية التي يحكى عنها، إنما لا شيء مؤكداً حتى الساعة إذ لا وضوح للرؤية الانتخابية»، مشيراً الى أنّه «لا يؤيّد جوّ المعارك لأنّه لا يجب مزج العمل الإنمائي بالعمل السياسي بل التركيز على الإنماء بامتياز لأنّ البلدات والقرى في غنى عن التجاذبات السياسية».
«القوات»
بعدما قال الجميع رأيهم في انتخابات كوسبا، تبقى الكلمة الأساسيّة لـ«القوّات اللبنانية» التي تعتبر القوّة الأبرز في البلدة. وفي هذا السياق، يؤكّد منسق «القوات» في كوسبا جورج زيدان لـ«الجمهورية» أنّ «تحالفنا مع النائب نقولا غصن ثابت، والامور التي تجمعنا أكثر ممّا تفرّقنا»، مشيراً الى «أننا نعمل من أجل التوافق، والعائلات هي في صلب نسيج المجلس البلدي وسنُدخل الى المجلس الحالي اخوتنا العونيين بالتأكيد وكل الاحزاب»، مشدداً أيضاً على أنّ «تحالفنا ثابت مع «المستقبل» والتنسيق معه مستمر في مختلف قرى الكورة على عكس ما يروّج له البعض، إذ إننا ولو اختلفنا اليوم على ملف رئاسة الجمهورية لكنّ الهموم الإنمائية تجمعنا في الكورة».
ويكشف زيدان أنّ «مرشحهم للبلدية هو عقل جريج الذي يرضى عنه جميع أبناء البلدة، وهو محسوب على النائب نقولا غصن وليس على «القوات» وحدها». ويوضح أنّ «جريج طلب من الفريق الآخر تقديم عرضهم للمشاركة لكنه حتى الساعة لم يحصل على إجابة واضحة ولم تتضح الطروحات التي سيقدمونها، الأمر الذي يبدو غير مشجّع للتوافق».
امّا بالنسبة الى «القوات»، فيشدّد زيدان على أنّ «أيّ طروحات للتغيير تبدأ من دون المفاوضة على اسم الرئيس عقل جريج، اذ إنّ «القوات» لن تفاوض على رئاسة البلدية بل على الاعضاء». ويجزم: «لا تفاوض على الرئيس عقل جريج، ومن هونيك ورايح أهلاً وسهلاً بالتفاوض».
ويوضح: «اذا كان لا بد من معركة «فنحن لها»، مضيفاً: «نتفهّم وضع النائب نقولا غصن الخاص، ولكننا متأكدون أنه اذا انسحب من المعركة فنحن واثقون بأنّ الاصوات المحسوبة عليه ستؤول الى مرشّحنا عقل جريج».
بعد موقف «القوات» الحازم، يبقى السؤال: أين ستصبّ أصوات النائب غصن وتيار «المستقبل»؟ وكيف ستتموضع العائلات؟ وما هي الصيغة المقترحة؟ وكيف ستجنّب الاقطاب السياسية أهل البلدة تداعيات تحالفات استجدّت، قد تراها الغالبية ظاهرة صحية على مستوى الوطن، فهل تكون كذلك على مستوى القرى والبلدات المتشابكة؟
قد تبلور الاسابيع المقبلة الصورة بشكل أوضح حسب الاوساط السياسية النافذة في بلدة كوسبا، فيما ينتظر البعض إنجاز المرحلة الاولى للانتخابات البلدية في البقاع ومراقبة إقلاع الماكينات الانتخابية ليبنوا على الشيء مقتضاه.