واصل الجنيه المصري سلسلة الخسائر الحادة، مقابل الدولار، وسط عمليات مضاربة عنيفة وانتشار قوي لتجار السوق السوداء في القاهرة والمحافظات.

ولأول مرة في تاريخ تعاملات الجنيه والدولار، يسجل سعر صرف الدولار مستويات تاريخية بعدما وصل سعره إلى نحو 10.60 جنيه، مقابل نحو 8.35 جنيه حينما تولى طارق عامر رئاسة البنك المركزي المصري في نهاية نوفمبر الماضي، أي قبل أقل من 5 أشهر، فاقداً نحو2.25 جنيه من قيمته بما يعادل نحو 26.9%.

وفي السوق الرسمي وخلال فترة تولي “عامر” رئاسة “المركزي المصري” فقد الجنيه المصري أكثر من 14% من قيمته، بعدما انخفضت قيمة الجنيه مقال الدولار من نحو 7.78 جنيه ليسجل نحو 8.87 جنيه في الوقت الحالي، وذلك وفقاً للأسعار التي يحددها البنك المركزي للدولار.

وكان هشام رامز محافظ البنك المركزى السابق، قد تقدم باستقالته في 21 أكتوبر الماضي، وتم تكليف طارق عامر بالعمل محافظاً للبنك المركزى لمدة أربع سنوات، اعتباراً من 27 نوفمبر 2015.

ومن المقرر أن يطرح البنك المركزي المصري اليوم عطاءً استثنائياً بقيمة 120 مليون دولار، وسط مخاوف من شركات الصرافة التي تواجه اتهامات بأنها السبب في الأزمة التي عمقت خسائر الجنيه مقابل الدولار خلال الفترات الأخيرة.

وعدل “المركزي المصري” نظام العطاءات الدولارية التي يطرحها بشكل أسبوعي، من 3 مرات قيمة كل عطاء 40 مليون دولار، ليصبح عطاء أسبوعيا واحدا يوم الثلاثاء من كل أسبوع بقيمة 120 مليون دولار.

وتوقع عاملون بسوق الصرف أن يسجل سعر صرف الدولار نحو 11 جنيهاً من الآن وحتى بداية شهر رمضان المقبل، في ظل استمرار شح السيولة الدولارية وزيادة الإقبال على العملة الصعبة، مع عدم تمكن الحكومة المصرية من تقليص فاتورة الواردات واستمرار كبار التجار وشركات الاستيراد في توفير الدولار من السوق السوداء بعيداً عن البنوك والسوق الرسمي.

وربط رئيس شعبة المستوردين باتحاد الغرفة التجارية بالقاهرة، أحمد شيحة، بين استمرار ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه، وبين عدم قدرة الحكومة والبنك المركزي المصري على توفير العملة الصعبة اللازمة لتمويل العمليات الاستيرادية، متوقعاً استمرار ارتفاع الدولار خلال الفترة المقبلة.

وأشار في حديثه لـ “العربية.نت”، إلى أن البنك المركزي وعد المستوردين أكثر من مرة بتوفير كامل احتياجاتهم من العملة الصعبة، ولكن حتى الآن لم تنته أزمة نحو 70% من شركات الاستيراد التي تعتمد على السوق السوداء في توفير الدولار.

وسبق أن اتخذ البنك المركزي العديد من الإجراءات بهدف الحد من قفزات الدولار ومواجهة ظاهرة الدولرة والقضاء على السوق السوداء، سواء كان ذلك بطرح عطاءات دولارية استثنائية ضخمة بقيم تتجاوز 3 مليارات دولار، أو من خلال طرح الغاء حدود لسحب والإيداع على تعاملات الأفراد والشركات بالدولار، وأيضا اتجاه الحكومة للسيطرة على فاتورة الواردات من خلال تعديل آليات الاستيراد.
هذا بالإضافة إلى قيامه بإجراء أكبر خفض لقيمة الجنيه مقابل الدولار بنحو 1.12 جنيه مرة واحدة، في خطوة منه بتقريب الأسعار بين السوق الرسمي والسوق السوداء، وأيضاً إطلاق شهادات “بلادي” الدولارية لتعزيز تحويلات المصريين العاملين بالخارج.

لكن كل هذه الإجراءات لم تنجح في وقف نزيف العملة المصرية.

وتوقعت مصادر مصرفية مطلعة لـ “العربية.نت”، أن يتدخل البنك المركزي المصري ويخفض قيمة الجنيه مرة أخرى مقابل الدولار، خاصة أن صندوق النقد الدولي أشاد بالإجراءات التي اتخذها “المركزي المصري” في إطار تعويم الجنيه، وذلك خلال زيارة المحافظ طارق عامر الأخيرة لواشنطن، ووصف الصندوق هذه الإجراءات بالناجحة.

وأوضحت المصادر أنه بمجرد عودة “عامر” من واشنطن سيتم إجراء خفض جديد للجنيه مقابل الدولار، وهناك مشاورات بين المحافظ وبين أعضاء لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري حول القيمة التي من المتوقع خفضها للجنيه، والتي ستكون أقل من القيمة التي خفضها خلال الفترة الماضية.