كتبت سابين الحاج في صحيفة “الجمهورية”:
يكتفي بعض الرجال بقول كلمة “أحبكِ” كالببغاء، ولا يعبّرون للمرأة عن مشاعرهم بأفعال تبهرها. وفي حين أّنّ الكلام المعسول يؤثّر فيها، إذ إنّها تنتظر الثناء على إطلالة تكبّدت عناء الوقوف أمام المرآة فترة طويلة لتحقيقها مثلاً، وتحتاج أنّ يذكّرها شريكها بحبه وإعجابه، إلّا أنّ للأفعال وقعاً يوازي وقع الكلمات.
تحتاج المرأة إلى لمس مشاعر الرجل عبر تطبيقه لكلامه الجميل والمعسول وتحويله إلى تصرّفات. فسلوك الرجل النبيل، واهتمامه براحتها وفرحها وحرصه عليها وتقديرها، والتضحية في سبيلها هي من الشروط الأساسية التي تُشعرها بحبّه، وتقدّم دليلاً قاطعاً لمدى رغبته في إسعادها واستمرار هذه العلاقة.
ومهما بلغت درجة بساطة الفعل، إلّا أنّ تأثيره قد يكون أقوى من الكلمات. فالمرأة تشعر بالإحباط والشكّ واليأس وبأنّ شريكها “يبيعها الكلام” إن لم يترجم كلامه إلى اهتمام. ويحمل بعض الأفعال رسالة حبّ قوية للمرأة، بينما يؤكّد غيابها عدم اكتراثه بها.
يطبخ لها
كان الطبخ منذ عقود حكراً على المرأة بحسب الأدوار الجندرية. أمّا اليوم، وبعد خروج المرأة لخوض ميدان العمل شأنها شأن الرجل، بات العديد من الشباب المعاصرين لا يمانعون من أن يطبخوا لنسائهم. وتحوّل طبخ الرجل إلى تعبير عن الحبّ والاهتمام بالعائلة، وليس فقط إلى واجب على الشريكين إتمامه في سبيل تمكّنهما من الاستمرار في الحياة.
وتؤكّد دانا لـ”الجمهورية” وهي متزوجة وأم لطفلة صغيرة أنّ زوجها يتولّى مسؤولية الطبخ منذ انتقالهما إلى بيت الزوجي قبل 4 سنوات. وتضيف: “أنا لا أجيد الطبخ ولم أتعلّمه، لأنّ زوجي الذي يعمل يومياً بعد الظهر، يحضّر لي الأكل قبل مغادرته.
هو يحرص على أن لا أعود إلى المنزل ليلاً بعد يوم شاق في العمل ولا أجد طعاماً جاهزاً”، موضحة أنّه “يتّصل بي يومياً ليسألني ماذا أرغب أن أتناول على الغداء. هو بذلك يوفّر عليّ عناء الطبخ، ويحرص على تحضير أطباق أحبّها، ما يشعرني بالحبّ”.
الأعمال المنزلية
تناولت دراسات عديدة التأثير الإيجابي لمشاركة الرجل في الأعمال المنزلية، علماً أنّ العديد من الرجال في عصرنا ما عادوا يهربون من هذه الواجبات تحت ذريعة “الرجولة”.
وفي دراسة بعنوان “حقوق المرأة في الفضاء الجامعي”، أعَدّتها الجامعة اللبنانية، كلّية الحقوق والعلوم السياسية، الفرع الثاني، وأجريَت في جامعات لبنان، تبيّن أنّ عدداً كبيراً من الذكور يدعمون فكرة عمل زوجاتهم، ويؤكّد 91 في المئة منهم استعدادَهم على مساعدتهنّ في الأعمال المنزلية وتربية الأولاد. هذه النسبة العالية إن صدقت ونفّذت أقوالها، فيرجّح أن يكون الاستقرار الزوجي حليفها.
يُذكر أنّه بحسب دراسة أجرتها مدرسة لندن الاقتصادية عام 2010 يتبيّن أنّ مشاركة الزوج لزوجته في الأعمال المنزلية تخفّض خطر الطلاق بشكل كبير. وتُبيّن هذه الدراسة أنّ الأسرة التي تهتمّ فيها المرأة بالأعمال المنزلية وبتربية الأولاد منفردة، تشهد مشكلات وترتفع فيها نسبة الطلاق إلى 91 في المئة مقارنةً بالعائلات التي تعمل فيها المرأة ويساعدها زوجها في المنزل.
ومن جهة أخرى، تؤكّد دراسة أجراها الأستاذ في علم البيئة الأسرية الدكتور مات جونسون في جامعة “ألبرتا” في ألمانيا أنّ العلاقة الجنسية تصبح أكثر تواتراً ومتعة للزوجين عندما يقومان بتقاسم الأعمال المنزلية على حدّ سواء.
مسؤولية الأولاد
ليست المرأة وحدها مسؤولة عن تربية الأولاد وتدريسهم وتثقيفهم، فللأب دور مهم وفعال أيضاً يؤدّيه، ما يزيد من تعلّق الأولاد به لوجوده إلى جانبهم، ويعبّر للمرأة عن الحب والرعاية والاهتمام. ويبدو أنّ تدخّله في التربية يتخطّى التعبير عن الحبّ والاهتمام لها وللأولاد، إذ إنهم قد يكونون أكثر استيعاباً بوجوده. فعلى سبيل المثال تلفت دراسة إلى الفرق الكبير بين طريقة رواية الأم لقصص الأطفال وطريقة رواية الأب.
وتشير الدكتورة “اليزابيث دورسما” من جامعة “ولونغون” الأوسترالية، القيّمة على الدراسة بمشاركة فريق من الباحثين من جامعة “هارفارد” الأميركية، إلى أنّ الأطفال يصغون أكثر إلى القصص عندما يقوم الوالد بقراءتها ويشعرون بتميّزها، خصوصًا أنّ القراءة تُعتبر نشاطاً نسائياً. ويشدّد العلماء على أنّ الأطفال يستعملون خيالهم أكثر أثناء قراءة الوالد للقصة ما يؤثّر في تطوّر لغتهم وتحسينها.
الإنصات
وبعيداً من المشاركة في الأعمال المنزلية يشكّل حسن استماع الرجل للمرأة وعدم انشغاله بعمل آخر أثناء تكلّمها معه، دليلاً حسّياً على حبّه واهتمامه بها.
وتؤكد دراسة بريطانية حديثة أنّ قدرة إنصات الرجل للمرأة لا تتعدّى الست دقائق. في حين تصل قدرته على التركيز على حديث حول كرة القدم أو الجنس إلى 15 دقيقة. وتلفت صحيفة تليغراف البريطانية أنّ النساء يشعرن بعدم إنصات الزوج لهنّ وتعبيره عن الإهمال. وغالباً ما تحاول المرأة اختباره، فتسأله سؤالاً عن موضوع حديثها، ويتأخر في الإجابة ويرتبك.
في هذا السياق، يؤكّد بعض علماء النفس أنّ المرأة تحتاج إلى إنصات الرجل لها، بينما يسعى دائماً وفي أفضل الأحوال إلى تقديم النصح والحلول بدل الاستماع بدقة. ويُعتبر إنصاته لها من دلائل تعبيره عن الحب، وهو من الوسائل التي تحسّن نوعية العلاقة بينهما، فضلاً عن قضاء الوقت سوياً، وطلب نصيحتها، وإعداده المفاجأت السارة لها.