موريس متى
منذ تأسيسه عام 1973 اعتمد البنك الاسلامي للتنمية مبالغ مالية ضخمة للبنان لتمويل حزمة من المشروعات الإنمائيّة في قطاعات مختلفة، كما خصص اموالاً بأساليب متنوّعة للتمويل الاسلامي بغية المساهمة في إعادة اعمار الجنوب. واليوم يصب إهتماماته على تقديم العون والمساندة للبنان ودول الجوار السوري للتخفيف من تداعيات أزمة اللجوء.
الزيارة الاخيرة التي قام بها رئيس البنك الاسلامي للتنمية الدكتور أحمد محمد علي المدني الى لبنان على رأس وفد من المؤسسة، في إطار جولة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ورئيس البنك الدولي كيم ينغ جيم، أثمرت عدداً من الإتفاقات التمويلية. وفي لقاء مع “النهار” يصف المدني الزيارة بالناجحة جداً، ويقول: “البنك الاسلامي للتنمية تعهد في شباط الماضي خلال اجتماع الدول المانحة في لندن أن يزيد حجم التمويلات التي يقدمها الى لبنان خلال السنوات الثلاث المقبلة لمساعدته على التعامل مع تداعيات الأزمة السورية، وذلك عبر زيادة التمويل المقدم لمشاريع القطاعين العام والخاص وتمويل التجارة وبناء القدرات”.
هل ستؤثر الأزمة الديبلوماسيّة بين لبنان والخليج على نشاط المصرف في لبنان مستقبلاً؟ يؤكد المدني أن البنك الاسلامي للتنمية هو في منأى عن الأمور السياسيّة التي تشهدها الدول الاعضاء، لذا لا دخل لأعماله وأنشطته بأي أزمات ديبلوماسية أو سياسية، وتنفيذ الاتفاقات يسير بحسب الشروط وبعيدا عن المشكلات السياسية”. ويتابع: “هدف البنك كان وسيبقى دعم التنمية الاقتصادية والتقدم الاجتماعي لشعوب الدول الأعضاء الـ56 والمجتمعات الإسلامية في الدول غير الأعضاء بعيداً عن التمييز الطائفي والمذهبي”.
المشاريع والتمويل
بلغت اعتمادات مجموعة البنك الاسلامي للتنمية في لبنان 1,7 مليار دولار منذ العام 1975، منها 1,3 مليار دولار قدمها البنك مباشرة لتنفيذ مشاريع تنموية في كل القطاعات، اضافة الى تمويل عمليات تجارية بقيمة 221 مليون دولار تقريباً، وعمليات تأمين لإستثمارت وضمان صادرات بقيمة 234 مليون دولار. ومن أبرز المشاريع التي موّلها المصرف: مشروع البنية التحتية في طرابلس، مشروع الجامعة اللبنانية في طرابلس ايضاً، مشروع طريق شبعا في الجنوب، مشروع إمدادات المياه والصرف الصحي في سهل عكار، مشروع طريق حدث الجبة – بقرقاشا، مشروع البنى التحتية في صيدا وغيرها من المشاريع.
وخلال الزيارة الأخيرة التي قام بها وفد البنك الى لبنان تم توقيع 5 اتفاقات مع مجلس الانماء والإعمار بقيمة إجمالية بلغت 372,7 مليون دولار لتمويل مشاريع تساهم في التخيف من تداعيات ازمة اللجوء، على أن تشهد الاشهر المقبلة أيضاً توقيع اتفاق جديد بقيمة 27,3 مليون دولار، ليصل إجمالي دعم لبنان إلى نحو 400 مليون دولار. وفي هذا السياق، يقول المدني: “يُفترض على لبنان أن يقدّم مشاريع وبرامج محددة تحتاج إلى تمويل، كذلك ينبغي أن يجري الاتصالات المطلوبة مع الدول المانحة لمساندة المبادرة المشتركة التي أطلقتها الامم المتحدة والبنك الدولي والبنك الاسلامي للتنمية”.
الاتفاقات التي تم توقيعها
1- إتفاق مشروع تحسين إدارة المياه العادمة والخدمات الصحية في منطقة الغدير بقيمة 87,5 مليون دولار:
يهدف المشروع الى زيادة سعة محطة الغدير لمعالجة مياه الصرف الصحي وترقية عملية معالجة الصرف من معالجة مبدئية الى معالجة أولية في المرحلة الاولى. سيقلل هذا المشروع بشكل ملحوظ من التلوّث البيئي ويساعد على تحسين المستوى الاقتصادي والاجتماعي للسكان. ومن المتوقع ان يستفيد منه نحو 1,1 مليون شخص مباشرة.
2- إتفاق مشروع تشييد الطريق الساحلية الجنوبية (المرحلة الخامسة) بقيمة 26,7 مليون دولار:
يهدف المشروع الى تعزيز وتحسين التواصل بين جنوب لبنان والعاصمة. ويعتبر المشروع من المشاريع الحيوية التي ستعزز شبكة الطرق اللبنانية، ومن المتوقع ان يستفيد منه نحو مليون شخص.
3- إتفاق مشروع زيادة تغذية منطقة بيروت الكبرى بمياه الشرب من سدّ بسري بقيمة 128 مليون دولار.
يهدف المشروع الى زيادة كمية المياه المتاحة لمنطقة بيروت الكبرى وجبل لبنان عن طريق بناء سد بسري متعدد الغرض ومحطة لمعالجة المياه وشبكة أنابيب لنقل المياه ومحطة كهرمائية بطاقة 12 ميغاواط/ ساعة. ويعتبر المشروع إضافة الى مشروع قائم ينفذه البنك الدولي بقيمة 350 مليون دولار، ومن المتوقع ان يساعد على توفير المياه بدون إنقطاع لنحو 1,3 مليون شخص.
4- إتفاق مشروع الطريق الشمالي السريع المعروف بطريق طرابلس الدائرية الشرقية بقيمة 65,5 مليون دولار:
يعتبر المشروع جزءاً من خطة شاملة لتطوير شبكة الطرق اللبنانية ويهدف الى التخفيف من الاختناق المروري في شوارع طرابلس عبر تحويل حركة المرور الكثيفة التي تمر في شوارع طرابلس ومن بيروت واليها، على ان يستفيد من هذا المشروع نحو 800 الف نسمة.
5- إتفاق مشروع إمدادات المياه بجبل عامل بقيمة 60,97 مليون دولار:
يهدف المشروع الى توسيع وإصلاح وتحديث أنظمة نقل وتخزين وتوزيع المياه الى المناطق التي تخدمها “محطة الطيبة لمعالجة المياه” ومصادر “نهر الوزاني” ونظام الآبار الموجود في محيط المشروع. وهو يساعد على توفير مياه صالحة للشرب لنحو 150 الف نسمة. وبحسب الدكتور المدني، يعتبر البنك الاسلامي للتنمية لبنان من الدول المتوسطة الدخل، وتالياً تكون مدة القروض نحو 20 سنة تشمل 5 سنوات فترة سماح، وبشروط وفوائد مخفضة للغاية، مع تأكيده أن لبنان من الدول الاعضاء في البنك التي لم تتأخر يوماً عن تسديد مستحقاتها رغم كل الازمات التي مرت فيها، وهذا يعود برأيه الى حسن إدارة الدين العام من السلطات المالية. إضافة الى هذه الاتفاقات، أطلق البنك الاسلامي للتنمية في طرابلس مبادرة ترمي الى تمكين ما يقارب المليون طالب سوري من الوصول الى التعليم، وأدت هذه المبادرة إلى طبع نحو 10 ملايين كتاب من المنهج السوري للتعليم.
ختاماً تمنّى الدكتور المدني التوصل قريباً إلى حل نهائي للأزمة السورية التي ادت إلى مقتل مئات الألوف من الأبرياء وتشريد الملايين، مؤكداً استعداد البنك درس أي مشاريع جديدة يقدمها لبنان خلال السنوات الثلاث المقبلة.