شون دونان
على الرغم من أن تقرير الاستقرار المالي الأخير لصندوق النقد الدولي يحدد مخاطر متنامية على عدة جبهات، يبدو هوزيه فينيالس أكثر ارتياحا من الماضي- لأنه، كما يقول، “يبدو العالم الآن مستعدا بصورة أفضل لمثل هذه التحديات”.
قال المصرفي الأسبق في البنك المركزي الإسباني في مقابلة أجريت معه “عندما جئت إلى صندوق النقد الدولي، ولبضع سنوات تلت، لم أكن أحظى بنوم جيد ليلا.
الآن، ما زلت أستيقظ مرة واحدة من حين إلى آخر وهذا كل شيء”.
تراوح المخاطر المحددة في تقرير الاستقرار المالي العالمي الذي يصدر مرتين في السنة عن الصندوق من نمو بطيء وأسعار سلع ضعيفة إلى مخاوف تتعلق بصحة وسلامة المصارف الأوروبية، وتدهور الميزانيات العمومية للشركات الصينية.
ويركز التقرير على دعوة الصندوق الحكومات إلى الإسراع في استجابتها لمثل هذه المشكلات أو التعرض لخطر فقدان ثقة الأسواق، مثلما يبدو أنه قد حدث فعلا في وقت سابق من هذا العام.
فينيالس، مدير إدارة الأسواق النقدية والرأسمالية في الصندوق، قال “إن العالم لا يواجه تهديدا بتكرار حدوث الأزمة المالية لعام 2008. بدلا من ذلك التحدي الآن هو في تجنب معدلات النمو الباهتة التي يسميها هو وغيره في الصندوق باسم المتوسط الجديد”.
كما أضاف “نعم، هنالك مخاطر وهنالك عمل نقوم به.
دعونا لا نفقد الرؤية بأن كثيرا من العمل قد تم إنجازه وأن النظام المالي العالمي أكثر مرونة بكثير مما كان عليه. في كل مكان”.
تبدأ الصين الآن في التصدي للمخاوف المتعلقة بمشكلات ديون الشركات، وبشكل أكثر عمومية تستعد الأسواق الناشئة الآن ليقوم “الاحتياطي الفيدرالي” برفع أسعار الفائدة مرة أخرى وتبحث إيطاليا الآن عن طرق جديدة لدعم مصارفها.
قال فينيالس “نحن لا نتحدث عن كون العالم على شفير التعرض لأزمة أخرى، على الإطلاق.
ما نتحدث عنه هو أن هنالك فرصة يمكن تجنبها، وينبغي تجنبها، بالوقوع في نمو متوسط جديد لن يكون جيدا لأحد. لحسن الحظ، لم نصل بعد إلى هناك. لكننا لا نريد الوصول إلى هناك، ولذلك من الضروري اتخاذ إجراءات الآن”.
قال فينيالس “إن الاضطرابات المالية لهذا العام في كل من اقتصادات البلدان المتقدمة وبلدان الأسواق الناشئة – التي يصفها بأنها “عاصفة مثالية”- كانت بمثابة تذكير بثمن عدم تناول ومعالجة المخاوف التي ظلت عالقة على مدى ثماني سنوات بعد الأزمة المالية”.
يسعى التقرير الأخير الخاص بالاستقرار المالي إلى حساب ثمن مثل هذا الإهمال المحتمل. كما أنه يحدد سيناريو يسهم فيه تقاعس الحكومات في إحداث انخفاض نسبته 20 في المائة في أسواق الأسهم العالمية منذ أكثر من عامين، بينما تصبح المستويات الحالية من النمو البطيء مترسخة.
ويقدر أيضا بأن مثل هذه الحلقة يمكن أن تبلغ تكلفتها التراكمية نسبة 3.9 في المائة من الناتج العالمي – ما يعادل أكثر من سنة من النمو.
بعض الأرقام الواردة في تقرير الصندوق مروعة بشكل خاص. من خلال حسابات الصندوق، تعد 14 في المائة من ديون الشركات في الصين – ما يعادل 1.3 تريليون دولار – مستحقة من قبل الشركات التي تكسب أقل في كل عام مما تحتاج إليه لتقديم مدفوعات الفائدة.
توسع ذلك الرقم إلى حد كبير خلال السنوات الخمس الماضية، ولو أن المصارف الصينية أجبرت على استيعاب الخسارة من جميع تلك القروض التي أصبحت سيئة، فإنها قد تكون ضربة تعادل 7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
بكين تبدأ في معالجة المشكلة من خلال تشجيع مبادلة الديون بالأسهم وغيرها من التدابير الأخرى، بحسب ما قال فينيالس، ولديها كثير من القدرة للقيام بذلك. “المخاطر يمكن إدارتها، لكنها تحتاج إلى أن يتم التعامل معها بالشكل المناسب”.
كما اقترح فينيالس أيضا بأن خطط الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لرفع أسعار الفائدة ليست بمثابة مخاوف بالنسبة إلى الاستقرار المالي العالمي كما كانت العام الماضي، قبيل أول زيادة أجراها مجلس الاحتياطي الفيدرالي بعد قرابة عقد من الزمن.
وقال “إن هذا يعود الفضل فيه إلى حد كبير إلى التواصل الأفضل من مجلس الاحتياطي الفيدرالي خلال الفترة المفضية إلى ذلك الإجراء”. لكن كثيرا من الاقتصادات الناشئة كانت قد تكيفت أيضا، من خلال الانتقال إلى نظم صرف عائمة وبناء مخزوناتها المؤقتة من رأس المال، وهي أكثر استعدادا لتحمل التأثير المحتمل، كما قال. أضاف فينيالس، مشيرا إلى التشجنات التي أصابت السوق في عام 2013 التي تحملها عديد من الاقتصادات الناشئة بعد أن كشف مجلس الاحتياطي الفيدرالي النقاب عن خططه ليشرع في التقليص من عمليات شراء الأصول واسعة النطاق لديه “أعتقد أن نوبة غضب الانسحاب التدريجي كانت شيئا مفيدا جدا ليتعلم منه الجميع”.
كما أنه متفائل نسبيا إزاء الأثر المحتمل لأسعار الفائدة السلبية من قبل المصارف المركزية الرئيسية في أوروبا واليابان، رغم الانتقادات بأن مثل هذه السياسات قد تقوض الإنفاق الاستهلاكي وتسبب الضرر لربحية المصارف.
قال فينيالس “على الرغم من أن تجربة أسعار الفائدة الاسمية السلبية قصيرة، إلا أنها تساعد عموما على تقديم الحوافز النقدية الإضافية والشروط المالية الأسهل، التي تدعم الطلب واستقرار الأسعار”.
وأضاف “حتى إن كانت هنالك حدود على مدى وطول فترة استمرارية أسعار السياسة السلبية، ما زلت أعتقد أنها تشكل صافيا إيجابيا بالنسبة إلى الاقتصاد العالمي”.