كتب باسم عون
عام 1877 نشبت الحرب بين روسيا وتركيا فجعلت الإمبراطورية العثمانية تواجه موقفاً عصيباً. وكانت إنتصارات الجيش الروسي تبعث الأمل في نفوس الشعوب الرازحة تت النير التركي القاسي، وخالجت تلك الآمال أوساط الأرمن الغربيين أيضاً. خلال هذه الحرب، احتلّت روسيا مساحة من الأراضي الأرمنية . وعند توقيع معاهدة الصلح بين العثمانيين والروس طرحت القضية الأرمنية لأول مرة على مسرح المحادثات السياسية . وبالفعل وقّعت المعاهدة المذكورة في “سان ستيفانو” قرب اسطنبول، وكان البند السادس عشر منها ينص على الإعتراف بنوع من الحكم الذاتي للأرمن تحت إشراف ومراقبة روسيا القيصرية، مع ضمان حق روسيا في السيطرة على الجزء الذي كانت قد ضمته إليها أبان الحرب .
بتعرفو شو يلي صار؟ رفضت القوى الأوروبية هذه الإتفاقية. لأنها إعتبرت بنودها تكريساً لسيطرة النفوذ الروسي وكان في طليعة هذه الدول المعترضة بريطانيا وإلمانيا . فلم تنفذ بالتالي بنود هذه الإتفاقية ، وتمت الدعوى إلى مؤتمر ثان في برلين حيث عدل البند السادس عشر المتعلق بالقضية الأرمنية ليحل محله بند آخر وينص على أن تسارع الدولة العثمانية إلى تنفيذ مجموعة من الإصلاحات في الأراضي التي يسكنها الشعب الأرمني وقد حذفت من البند كل كلمة تأتي على ذكر كلمة أرمينيا وتعرفون بالطبع ما نتيجة الإصلاحات . كمثل من يوكل الذئب برعاية الخراف . و في مؤتمر برلين الملعون هذا ، حضر بطريرك الأرمن آنذاك ممثلاً للأرمن بصفة مراقب . ولكنه عاد بخيبة أمل كبيرة وأدلى بتصريح شهير شبه فيه بنود معاهدة برلين بـ”طنجرة هريسة” وعلى المدعوين أن يأكلوا كل بملعقته الخاصة: وقال البطريرك : كانت ملاعقهم من معدن أما ملعقتي فكانت من ورق . وتوجه إلى مواطنيه الأرمن وقال لهم : إذا شئتم أن تأكلوا فما عليكم إلا أن تتسلحوا بملاعق معدنية وهو يعني من كلامه هذا حمل السلاح، ولم تكن المذابح اللاحقة إلا تفصيلاً لما أنتجه عقل الإستعمار والمصالح الغربية .
أما نحن ، فهل يمكن لأحد منا نحن الشرقيين أن يحصي أعداد طناجر الهريسة التي اعدها ويعدها لنا الغرب ؟ وما زال ؟ فكيفماسرّحتم الطرف في ارجاء هذا الشرق التعيس لوجدتم الآلاف من هذه الطناجر الغربية الصنع التي لا تحمل إلا السمّ في الدسم ، وهل من يتّعظ ؟