IMLebanon

سويسرا: شركات صناعة الأدوية تضخ ملايين الفرنكات لرعاية وتمويل الجامعات

merck
عاد التساؤل مجددا حول مدى استقلالية الجامعات السويسرية عن عالم الأعمال والمصالح الإقتصادية إثر كشف القناة الألمانية بالتلفزيون العمومي السويسري SRF عن تفاصيل اتفاقيات تتعلق بالرعاية من طرف شركات لإنتاج الأدوية. وقد تمكن البرنامج التلفزيوني من العثور على أدلة تفيد بأن إحدى الشركات قد تكون تلاعبت ببيانات بحثية أكاديمية.
التحقيق الذي أنجزته قناة SRF أظهر وجود علاقات مالية بين عمالقة صناعة الأدوية – مثل شركات روش ونوفارتيس وميرك – سيرونو وحتى مجموعة الضغط لصناعات الأدوية المعروفة اختصارا بـ “إنترفارما” – وبين عدد من أبرز الجامعات السويسرية. كما اتضح أن تمويلات مدفوعة من قطاع الصيدلة استُخدمت لتسديد تكاليف مقاعد تدريس لأساتذة و/أو أبحاث علمية في جامعات برن وبازل وفي المعهد التقني الفدرالي العالي في لوزان.
المنح التي كشف عنها التقرير تراوحت قيمتها ما بين 450 ألف فرنك سنويا إلى عقد بقيمة 12 مليون و500 ألف فرنك يستمر على مدى خمسة وعشرين عاما. وقد تم دفع هذا المبلغ الأخير من طرف شركة ميرك – سيرونو لفائدة كراسي جامعية تهتم بعلم الأعصاب وكيفية إيصال الأدوية إلى الجسم وبعلم الأورام في المعهد التقني الفدرالي العالي في لوزان.
الخبر الأسوأ الذي كشف عنه التحقيق يتمثل في أن شركة ميرك سيرونو طلبت الإطلاع على مضمون الأبحاث كل ثلاثة أشهر، واحتفظت لنفسها بحق “إجراء تعديلات مقبولة” على النتائج. وفي تصريحات لقناة SRF، أكد جيروم غروس، المسؤول عن عقود الرعاية في العهد التقني العالي الفدرالي بلوزان أن “الباحثين مستقلون في عملهم اليومي”، لكنه أقر بأن الجامعة قد لن توُّقـع على عقد من هذا القبيل في المستقبل.
بدورها، قالت شركة ميرك سيرونو إن التعديلات التي أدخلت على الأبحاث اقتصرت على عمل الكراسي الجامعية التي ترعاها. وقال غانغولف شريمبف المتحدث باسم الشركة: “نحن نحترم ونُحافظ ونشدد بوضوح على استقلالية البحث والتدريس”.
وفي حوار أجراه معه برنامج “روندشاو” الذي يُبث على قناة SRF، شكك المحامي ماركوس مولّر من برن في الطابع الأخلاقي للإتفاقيات المثيرة للجدل. وقال: “إن اتفاقيات من هذا القبيل مع شركات خاصة لصناعة الأدوية تؤثر بشكل كبير على استقلالية الجامعات السويسرية”.

جدل متجدد

في الواقع، ليست هذه المرة الأولى التي يُثار فيها الجدل في سويسرا بشأن الروابط المالية القائمة بين المؤسسات الإقتصادية والجامعات والمعاهد العليا في البلاد.
ففي عام 2012، سُلّطت الأضواء على جامعة زيورخ إثر توقيعها على اتفاق بقيمة 100 مليون فرنك مع مصرف يو بي اس لتغطية تكاليف خمس كراسي تدريس وإنشاء “مركز يو بي اس الدولي للسياسات الإقتصادية في المجتمع”. وقد نصّ الإتفاق حينها على أنه يتم منح العاملين لدى مصرف يو بي اس الأفضلية عند الإلتحاق بالمركز وعلى ضرورة حضور الأساتذة الجامعيين لبعض النشاطات التي يُنظمها المصرف.
وعلى إثر الجدل الصاخب الذي أثير آنذاك، طلب المفوض السويسري لحماية المعطيات الشخصية من المعهدين التقنيين الفدراليين في كل من لوزان وزيورخ بنشر جميع العقود التجارية التي قاما بإبرامها.
تجدر الإشارة إلى أن معظم الجامعات والمعاهد العليا السويسرية تتلقى أقدارا متفاوتة من التمويل الخاص وهي تُجادل بأنها موارد حيوية للمحافظة على قدراتها التنافسية على المستوى الدولي. وبالفعل، أظهرت تحقيقات قناة SRF العمومية أن نسبة التمويل الخاص لأهم الجامعات السويسرية تتراوح ما بين 8.8% إلى 44.7% من الحجم الإجمالي لميزانياتها.