Site icon IMLebanon

معركة الدامور… إنتخابات على وقع الإتهامات

damour

 

 

كتبت ربى منذر في صحيفة “الجمهورية”:

لا شك في أنّ معركة الشوف ستبدأ من بلدة الدامور التي ستكون نقطة انطلاق التحديات الانتخابية، فمهما ارتفعت أسهم التوافق، يتّضح مدى الاحتقان المترسّب خصوصاً عندما تدخل المجالس العائلية الصغرى في اللعبة، إضافة الى وجود نزعة لإطلاق الشائعات وخوض الحروب النفسية، علماً أنّ هذه البلدة هي مدخل الشوف، وعانت الأمرّين من التهجير والمجازر.الدامور التي تُعتبر إحدى أكبر البلدات المسيحية في الشوف، تُصرّ على خوض معركة انتخابية شرسة تتجدّد كل ست سنوات، يتنافس فيها الداموريون على 18 مقعداً، في معارك تتّسِم بطابع عائلي بحت، تدخل فيها السياسة نوعاً ما، كتحضير للمعركة الأكبر، أي الإنتخابات النيابية.

في الانتخابات الماضية، شارك نحو 3800 مقترع من أصل 9600 ناخب كانوا مسجلين على لوائح الشطب، أما خلال هذه الدورة فتتخذ المعركة طابعاً أشرس بسبب وجود لائحتين مكتملتين، حيث من المتوقّع أن يشارك ما يزيد عن 4000 مقترع.

وفي سباق مع الوقت، تتكوّن كلٌّ من اللائحتين من 18 عضواً و5 مخاتير، واحدة برئاسة رئيس البلدية الحالي شارل غفري، وأخرى برئاسة الياس عمار، وقد انطلقت التحضيرات اللوجيستية. والجدير ذكره أنّ اللائحتين تضمّان معظم العائلات، ما يعني أنّ العائلات مقسومة على بعضها، ويتوزّع أعضاء القوتين المسيحيتين المتحالفتين، أي «القوات» و»التيار الوطني الحر»، على اللائحتين.

«القوات»

في الدامور كما غيرها من البلدات، طبَع التوافق العوني- القواتي بصمته على اتجاهات المعركة، فيحسم منسّق منطقة الشوف في «القوات اللبنانية» المحامي اندريه السرنوك الأقاويل، معلناً أنّ «التوجيهات التي أصدرها الحزبان هي التعاون والتنسيق بينهما، ففي البلديات التي يمكننا فيها تشكيل لوائح توافقية سنقوم بهذا الأمر، أمّا البلديات التي تتخذ انتخاباتها طابع المعركة فسينسحب الأضعف لصالح الأقوى بينهما»، ويؤكّد: «معركة مع التيار «ما في».

«القوات» لم تحسم قرارها بعد في شأن مرشّحها، وأيّ إشارة الى اتجاه معيّن «بتخَربِط» العملية، هذا ما يوضحه السرنوك، معتبراً أنّ «البعض فسّر صمتنا بحسب تحليلاته، إلّا أنّ التفسير واحد: نحن في مرحلة درس العملية ككل».

ويشدد السرنوك على «أننا سنذهب في اتجاه التوافق إذا أمّنَ مصلحة البلدة إنمائياً ولم يؤدِّ الى انقسامات، لكن في حال أُغلقت الأبواب في وجهنا فسنخوض معركة ديموقراطية»، مضيفاً: «الجميع ينتظر موقف «القوات» لأنهم يعلمون أنه مؤشر راجح في الشوف ويستطيع قلب الموازين، وهذا سبب إضافي يجعلنا نتريّث في حسم الموقف».

إيلي عون

الأحزاب بدورها لم تُصدر بيانات رسميّة تدعم فيها إحدى اللائحتين، تاركةً حرية الخيار للعائلات نظراً الى حساسيّة الوضع وحدّة المعركة. لكن في كل انتخابات، يكثر الاستغلال والترويج الإعلامي بهدف تسويق فكرة معينة، بحيث يلجأ كل طرف الى نشر الشائعات وتحويرها لخدمة هدفه الانتخابي، وهذا ما يشير إليه عضو «اللقاء الديموقراطي» وابن الدامور النائب ايلي عون الذي يؤكّد لـ«الجمهورية» أنّ «المعركة عائلية ودامورية داخلية في الدرجة الاولى، وأنا شخصياً كنائب عن الدامور، أدعم رئيس البلدية الحالي شارل غفري، ولأنني عضو في «اللقاء الديموقراطي» فهذا يعني بطبيعة الحال أنّ النائب وليد جنبلاط بدوره موافقٌ على ما أقوم به، علماً أنه لا يتدخل شخصياً وإنما يدعم رأيي كنائب عن المنطقة، لكن لا علاقة للحزب التقدمي الاشتراكي في القضية، بل يمكن أن يدعم أشخاصٌ من الحزب اللائحة الأخرى»، موضحاً أنّ «لائحة غفري تشمل كل الفئات والأحزاب وليست حكراً على فريق معيّن».

ويرى عون أنه «يحقّ لأيّ كان أن يكون لديه الطموح بالوصول الى البلدية، إنما يبقى الموضوع تنافسياً ديموقراطياً، يُقرّره أهل الدامور». وينكر الإشاعات التي تشير الى أنّ غفري وقَف في وجه إنشاء مشاريع إنمائية واجتماعية كان يود بعض رجال الأعمال تنفيذها في الدامور، معتبراً أنّ «هذه الأمور تُعتبر استهلاكاً سياسياً للتنافس على الأصوات».

ويوضح عون أنه في ملف المستشفيات الذي تداولوا به، «صدر مرسوم بعد الحرب الأهلية يُحدّد الأماكن الذي يجب أن تُنشأ فيها المستشفيات الحكومية. وبالتالي، القرار لا يعود لغفري، علماً أنّ هناك اكتفاء ذاتياً في الدامور من النواحي الصحية والاجتماعية وغيرها».

أمّا عن الاتفاق مع عرب السعديات الذي اعتبره البعض استغلالاً لكسب أصوات المسلمين، فيشدد عون على أنّ «ولاء عرب السعديات منذ سنين طويلة هو لآل غفري سواء كان هناك اتفاق أو لا، وفضّلنا ألّا يكون لهم مختار بين الخمسة الذين يُصوّت لهم لكي لا يكون لهم تأثير في قرارات البلدة، وقد قرّروا أن يستقلّوا ببلدية خاصة بهم في المستقبل، فوافقنا على هذا الأمر».

«التيار الوطني الحر»

بدورهم، انقسم مسؤولو «التيار الوطني الحر» بين هاتين اللائحتين، حيث يوضح مصدر من «التيار» أنّ «وجهات النظر كانت متنوعة، إلّا أنّ الأجواء متجهة نحو تأييد المرشّح الياس عمار، وذلك بعدما رفض «العونيون» المشاركة في بلدية يترأسها غفري لأنه متورط في ملفات فساد»، بحسب تعبيره، مشيراً الى «احتمال وصول بعض هذه الملفات الى القضاء».

«الكتائب»

وفي وقتٍ يؤكد مصدر قريب من حزب «الكتائب اللبنانية» أنّ «التجربة في الدامور أودت الى حسن علاقات بين الحزب وغفري، وهناك علاقة مميّزة تربط الفريقين على مستوى المشاريع المطروحة، ما يوحي بأنّ التعاطف الرسمي يذهب نحو هذا الطرف».

يوضح رئيس إقليم الشوف الكتائبي جوزيف عيد لـ«الجمهورية» أنّ «الحزب يترك للناس حرية انتخاب الأكفأ في معارك البلديات، حيث تبقى اللعبة لعبة عائلات، وفي الدامور هناك حزبيون في اللائحتين، إلّا أنهم يمثلون عائلاتهم وليس الأحزاب»، مشيراً الى «أننا نهتمّ بمشاريع عودة الناس إليه إضافة الى قضية عدم بيع الأراضي والمشاريع الإسكانية والإنمائية والحياتية، لكننا لا نفرض لائحة معيّنة على الكتائبيين، بل إننا نعمل من أجل الوفاق، خصوصاً أنّ الحزب يولي الشوف اهتماماً كبيراً».

عمار

هناك أسلوبان مختلفان للمرشحين في التعاطي مع قضية الانتخابات، فعمار الذي سبق وترشّح في الدورة السابقة، اعتمد سياسة الإضاءة على أخطاء المجلس البلدي الحالي، والوعود بإنماء الدامور وعودة جميع المهجرين، وتنفيذ المشاريع الإعمارية والاجتماعية.

ويقول لـ»الجمهورية»: «هناك انقسام حاد في البلدة يميل نحو التغيير، أما برنامج اللائحة التي شكّلناها فينطلق من اسمها «الدامور هويتي»، لأننا خائفون على هوية الدامور في هذه المرحلة التي تشهد تغيير خرائط في كل المنطقة»، مضيفاً: «بلدتنا مهملة وهناك نحو 1400 طلب إعادة

مهجرين، لذلك كل فكرة إنماء تُطرح هي قابلة للتنفيذ لأنّ شيئاً لم ينفّذ، لكن هناك أولويات، وأدعو الى مؤتمر بعد الانتخابات يشارك فيه كل الفعاليات برعاية شركات عالمية بهدف معرفة ما تحتاجه الدامور، هذا عدا عن المشاريع الانمائية التي وضعناها».

 

وعن موضوع السعديات، يؤكد عمار أنه «لا يحق لرئيس البلدية الحالي أن يبادر الى سلخ نحو مليون متر من دون القيام باستفتاء في البلدة، لأنّه ما ان تُدعى الهيئات الناخبة حتى يُعطّل الفعل وتتحول الى مرحلة تصريف الاعمال»، مضيفاً: «هذا الأمر مُدان وهناك سوء إدارة للأزمة وسوء استعمال للسلطة في البلدية أدى الى فوضى في حي السعديات ممّا قاد الى مطالبتهم بالانفصال عن بلدتنا».

ويشدد عمار على «أننا وضعنا كل الأخطاء التي اقترفها المجلس الحالي، وأوضحنا للجميع أننا قوة تغييرية دامورية، فمن يريد أن يدعمنا أهلاً به، ومن ينتظر فوزنا حتى يقوم بالأمر فهو إنسان إنتهازي ولا نريده»، موضحاً «اننا في الدورة السابقة أعلنّا ترشيحنا قبل 15 يوماً فقط ومع ذلك وصلنا الى نسبة 40 في المئة من الأصوات، أمّا هذه المرة فتحضيراتنا امتدت لـ6 سنوات».

غفري

من جهة أخرى، يلتزم رئيس البلدية الحالي شارل غفري الصمت أمام الحملة الإعلامية التي يتعرض لها، وهو يؤكد في هذا الإطار لـ»الجمهورية»، أنه لا يحب الدعايات الإعلامية، قائلاً: «فلنترك حسم الأمور لصناديق الاقتراع، وهي كفيلة بتكذيب الحرب الإعلامية التي أتعرّض لها، فأهل الدامور لا يعيشون في الصين ويعرفون كل ما يحصل».

ويعتبر غفري أنّ «الديموقراطية هي تداول سلطة، وهو ما تقرّره الانتخابات، فأنا لا أملك ميليشيا ولا أوزّع المال على العالم لشراء أصواتهم، لذلك أترك الموضوع لحرية ضمير كل إنسان، وأنا على ثقة بابن الدامور الذي يعرف تاريخ كل مرشح وما الذي يفعله، فأنا لست بعيداً ولم آتِ من أفريقيا قبل الانتخابات بثلاثة أشهر لأقوم بمعركة إعلامية وانتخابية»، مشيراً الى أنّ «الدامور وإن كانت بلدة كبيرة، إلّا أنّ ناسها قريبون بعضهم من بعض بحكم التداخل العائلي، وبالتالي الجميع يعرف حقيقة الأمور».

ويشير غفري الى «أننا إذا قرأنا بين السطور، تتبيّن الأهداف من الحملة الإعلامية التي أتعرّض لها، فهي قائمة على التشهير بي وبعائلتي، ومن شَنّوا الحملة هم أنفسهم الذين ترشحوا في المرة السابقة، علماً أنّ الفارق كان 2000 صوت، فهل سيشترونها جميعاً؟».