مارسيل محمد
عادت أزمة إنفلونزا الطيور الى تهديد سوق الدواجن بعد ان انتشرت في لبنان في العام 2004 وتراجع الحديث عنها. ومع التراجع لم ينسَ المزارعون ما تكبدوه من خسائر يومها، وهم يتخوفون اليوم من إطالة عمر الأزمة وتسجيل المزيد من الخسائر.
إنتشار مرض الأنفلونزا في مزارع منطقة النبي شيت البقاعية بدأت آثاره بالتسرب الى أكثر من منطقة في لبنان، مع أن المرض لم ينتشر بعد بشكل يستدعي تسجيل حالة تأهب وتعميمها. وبدأ مزارعو الفروج بإتخاذ التدابير اللازمة لمنع وصول المرض الى مزارعهم ولمنع تأثر الزبائن بالإعلام المرافق للأزمة، إذ ان الإعلام “يلعب دوراً في نشر الخبر الى المناطق الأخرى وفي التأثير على السوق”، وفق ما يقوله لـ”المدن”، أحد أصحاب المزارع في الجنوب.
صاحب المزرعة الذي فضّل عدم نشر إسمه كي لا يخاف الناس من منتجاته، يؤكد لـ”المدن” انه بدأ بتكثيف فحوص الفروج وإعطائه الأدوية اللازمة. لكنه يشير الى ان الجانب الإقتصادي للأزمة ليس بالضرورة ان يتأثر بالإحتياطات المتخذة في المزارع، لأن الزبائن قد يخافون لمجرد الحديث عن الأزمة. ويذكر انه في العام 2004 تقريباً خسر مبالغ كبيرة، علماً ان مزرعته لم تًصب بالمرض، لكن تراجع الإقبال على الفروج والبيض رتب الخسائر. ويشرح صاحب المزرعة بأنه في العام المذكور، وصل سعر مبيع كيلو الفروج 80 سنتاً، في حين انه كان يباع بحوالي 1.5 دولار، وهذا الوضع أدى الى تصفية بعض المزارعين لمزارعهم، وبيعها، والتحول الى مهنة أخرى. فالمزرعة التي تحوي حوالي 10 آلاف طير، تكلف صاحبها 1000 دولار يومياً، بين مياه وعلف وكهرباء وما الى ذلك من كلفة يومية، فكيف سيؤمن صاحب المزرعة أكلافه في مثل هذه الأزمة؟. ويلفت صاحب المزرعة الى ان هناك أنواعاً من البيض تباع كل 3 كراتين بحوالي 10 آلاف، في حين ان الكرتونة الواحدة كان سعرها يصل الى 7 و8 آلاف، وهذا الوضع يمكن ان يتفاقم في حال تطورت الأزمة. مع الإشارة الى ان لبنان ينتج يومياً حوالي 5000 صندوق بيض، وحوالي 8 ملايين فروج شهرياً.
في البقاع الغربي لم يختلف الوضع كثيراً عن الجنوب، إذ أكد “أحمد.ي” في اتصال مع “المدن” على ان السوق يترقب ما سيحدث مع الوقت. لكنه ينفي ان يتطور الوضع الى الأسواً، معتمداً بالدرجة الأولى على ثقة الناس بأصحاب المحلات او المزارع التي يعرفونها، لأن أصحاب المزارع سيتأثرون أول الناس بأي مرض سيظهر للطيور، لأنهم يلامسونها ويلامسون الدم في محلات البيع، والناس عندما يرون ان صاحب المحل مازال يعمل، سيرتاحون لبضاعته ويشترونها، خاصة وانهم إختبروا هذه الازمة في السابق. وإختبار الأزمة بالنسبة لأحمد، أظهر ان كبار تجار الفروج إستفادوا منها، لأنهم إشتروا كميات كبيرة من الفروج بأسعار بخسة، وثلجوها، وبعد أسبوعين أو شهر إنخفض مستوى الخوف لدى الناس، فطرحوا الفروج المجلد في السوق و”خربوا بيوت الناس”. ويتخوف أحمد من توجه البعض الى شراء الفروج المستورد الذي ينافس المحلي في الأصل، وهذا الفروج يأتي من البرازيل وغيرها عبر الخليج الى لبنان. ويناشد أحمد المسؤولين التأكيد على ضرورة عدم تهويل الأمر على المستهلك، وضبط التهريب والتأكد من مصدر الفروج الآتي من الخليج، وأيضاً معالجة المزارع المصابة. وهو ما أكد عليه وزير الزراعة أكرم شهيب بالقول ان “كل الدجاج البياض واللاحم والصيصان والبيض وكل انواع الطيور في المنطقة المصابة، ستتلف بإشراف فريق وزارة الزراعة والوزارات المعنية والهيئة العليا للإغاثة، وذلك لضمان السيطرة على الفيروس والقضاء عليه”. ويعقّب أحمد على كلام شهيب بالقول ان حصر الأزمة بالمزارع المصابة ضروري، لكن من الضروري تدخل وزارة الإعلام لحث الإعلام على عدم التعاطي مع الأزمة على أنها أزمة قطاع برمته، فضلاً عن أن مسؤولي وزارتي السياحة والصحة يجب ان يراقبوا المطاعم للتأكد من سلامة ما يقدمونه للناس، محذراً من إمكانية إنتشار الشائعات بين المطاعم للتأثير على نسبة المبيع. فالمطاعم تدخل في منافسة يومياً وتستغل أي أمر يمكنه أن يؤدي الى رفع نسبة مبيع بعضها، وخسارة المنافسين، وهذا ما تشهده المطاعم في الحالات العادية، فتقوم بتخفيض سعر الفروج أو تقديم عروض بأسعار منافسة.
في المقابل، تؤكد مصادر “المدن” في وزارة الصحة الى ان مراقبي الوزارة سيتابعون نشاطهم كالمعتاد لمراقبة المطاعم والمحلات بشكل طبيعي ودون تهويل الناس، فحملة مكافحة الفساد الغذائي هي من أولويات الوزارة في الأحوال الطبيعية، فكيف في الحالات الإستثنائية.