كتبت كاتيا توا في صحيفة “المستقبل”:
توجّهت ن.ح. الى محل لبيع “الفراريج” المشوية في البقاع. كان “الفروج” المشوي لا يزال ساخنًا، فانتظرت بعض الوقت كي يبرد ليس لأنّها تخشى أن تُحرق فمها اثناء إلتهامه وإنّما لغاية أخرى في نفسها.
وبعد أن أصبح “الفروج” جاهزًا، عمدت الى لفّ جهاز هاتف خليوي بإحكام بورق من الكاربون، وقامت بـ”حشو” “الفرّوج” به، وتوجّهت بناء على اتّصال من السجين محمد ك. الى سجن زحلة. سلك “الفروج” طريقه الى “معدة” كسر، بعد أن “جرّده” من الهاتف الذي لم يُكتشف أمره لأنّ آلة تفتيش “السكانر” لم تضبطه بسبب لفّه بورق الكاربون.
وخلال أسبوعين لا ثالث لهما تمكّن محمد من استخدام الهاتف داخل السجن، هو لم يكن بحاجة لتهريب شاحن له، “فثمة شواحن كثيرة في السجن”، وبعد تلك المدة تمّ ضبط الهاتف مع محمد فوُضع في السجن الانفرادي عقابًا له.
لم تنتهِ قصّة محمد عند هذا الحد وإنّما عمد الى اختلاق أدلة جرمية لم تُرتكب، حيث عزا الى احد العسكريين جريمة رشوة مع علمه المسبق بانها لم تُقترف، وكان هذا الامر سببا في مباشرة تحقيق تمهيدي وقضائي.
“لطّشلي مرتي فجبتو بالدعوى”، قال محمد، الذي أراد أن “يحصّل كرامته”، فهو سجين وبالتالي فليس أمامه أي سبيل للإنتقام من العسكري سوى بهذه الطريقة. ويضيف محمد أثناء استجوابه أمام المحكمة العسكرية الدائمة برئاسة العميد أنطوان فلتاكي: “من ورا ضهري بدّو ياخد رقم مرتي” اثناء زيارتها له في سجن زحلة، موضحا بأنّ زوجته هي التي أخبرته بأنّ العسكري طلب منها رقمها الخاص فرفضت تزويده به، “وعلى فورة دمي جبتو بالدعوى”.
كان محمد قد مضى على خروجه من السجن ستة أشهر بعدما حُكم سبع سنوات بتهمة مخدرات، ثمّ أُعيد توقيفه بناء على “كتاب معلومات” عن تجارته بالمخدرات “انما طلعت منع محاكمة”، كما أفاد أمام المحكمة موضحًا بأنّ العسكري عاد واعتذر منه، كما ان محمد تراجع عن تلك الادعاءات بحق العسكري اثناء التحقيق الاستنطاقي معه، نافيا أن يكون قد استحصل على المخدرات في السجن “لانني في الاساس لا اتعاطى”، كاشفا عن أنّ ن.ح. التي نجحت في إدخال الهاتف الى السجن عبر”الفروج” هي امرأة مصرية.
وحكمت المحكمة العسكرية على محمد بالسجن مدة سنة وقررت مصادرة الهاتف المضبوط.
وفي المحكمة العسكرية أيضا، قضية من نوع آخر، فزكريا خ. “أخفق” في الحصول على “تشكيلة” من المخدرات، هرّبت اليه اثناء مثوله أمام محكمة الجنايات في الشمال حيث يحاكم بجريمة قتل، عندما رمى له السوري احمد الشغري، علبة دخان “محشوة” بالمخدرات من نوع الحشيشة والريفوتريل والبنزنكسول، وذلك بعد أن تنبّه العسكري، أحد حرّاسه، لعلبة الدخان فيما تمكّن السوري من الفرار ولا يزال.
وينفي زكريا أثناء مثوله الجمعة 22 نيسان الحالي أمام المحكمة العسكرية ما اسند اليه عن ترويجه المخدرات وحيازتها بهدف ترويجها والحبوب المخدرة في سجن زغرتا حيث هو موقوف. كما أنكر معرفته بالسوري أحمد الشغري، زاعمًا أنه أثناء مثوله امام محكمة الجنايات في الشمال، وعندما كان ينتظر دوره في المحاكمة، حضر شخص لا يعرفه واقترب من قفص الاتهام حيث هو ماثل، ورمى علبة دخان باتجاهه، فما كان منه ان التقطها وسلّمها الى العسكري الواقف بقربه ليتبين ان بداخلها مخدرات. ويضيف زكريا ان ذلك الشخص الذي لا يعرفه رمى العلبة على بُعد مترين من مكان مثوله في قفص الاتهام ووقعت تحت المقعد الذي يجلس عليه داخل القفص، مؤكدا بانه لم يكن يعلم ما تحويه العلبة الا اثناء التحقيق الاولي معه.
وردا على سؤال قال زكريا إن الشخص الذي رمى العلبة قال له إنّ أحدًا سوف يحضر لاستلامها ولم يزوّده باسم ذلك الشخص انما رمى العلبة وولّى هاربًا، وقال: “لو كانت العلبة لي لكنت التقطها ولم أسلّمها للعسكري”، موضحا أنّهم كانوا في قفص الاتهام ثلاثة اشخاص، وهو موقوف منذ اربع سنوات، ولا يتعاطى المخدرات انما”حوكمت بتهمة التعاطي سابقا تحت الظّن”.
وأصدرت المحكمة بحق زكريا حكما قضى بسجنه ثلاث سنوات وبتجريده من حقوقه المدنية وتغريمه مبلغ خمسماية الف ليرة، فيما حكمت غيابيًا على السوري احمد الشغري بالاشغال الشاقة المؤبدة وبغرامة مئة مليون ليرة مع تجريده من حقوقه المدنية، على أن تنفّذ مذكرة القاء القبض الصادرة بحقه.