أظهر تقرير عالمي أن أصول صناديق الثروة السيادية العالمية ارتفعت إلى مستويات قياسية في نهاية الشهر الماضي لتصل إلى 6.51 تريليون دولار، بعد أن ارتفعت بنحو 200 مليار دولار خلال 12 شهرا رغم تقلبات الأسواق وانخفاض أسعار النفط.
وأشارت البيانات الصادرة عن شركة بريكين للأبحاث إلى أن ذلك يعني نموا سنويا بمعدل 3 بالمئة، مقارنة مع معدلات بين 16 و17 بالمئة في السنوات السابقة.
وقالت إن أصول الصناديق السيادية تزيد حاليا على ضعف حجمها في عام 2009 عندما كانت تبلغ نحو 3.22 تريليون دولار.
وأضافت أن الصناديق غير العاملة في السلع الأولية، قادت النمو حيث زادت أصولها بنحو 290 مليار دولار في حين فقدت الصناديق السيادية المعتمدة على الإيرادات الاستثنائية من النفط والغاز نحو 10 مليارات دولار.
ويتصدر الصندوق النرويجي قائمة الصناديق السيادية بنحو 825 مليار دولار يليه صندوق أبوظبي السيادي بنحو 773 مليارا، ثم الصندق الصيني بنحو 747 مليارا والسعودي بنحو 632 مليار دولار.
وفي ظل انخفاض متوسط أسعار النفط إلى حوالي 40 دولارا للبرميل اضطرت الصناديق السيادية والبنوك المركزية في الدول المصدرة للنفط مثل النرويج وروسيا والسعودية إلى السحب من الاحتياطيات وتسييل الأصول للمساعدة في سد عجز الميزانيات.
وقالت بريكين إن “أوضاع الاقتصاد الكلي في الآونة الأخيرة تفرض تحديات خاصة.. في ظل تراجع أسعار السلع الأولية، الذي يؤثر على مصدر تمويل صناديق عديدة واستمرار التقلبات في أسواق الأسهم العالمية”.
وأضافت أنه ليس من قبيل المفاجأة أن يتباطأ معدل زيادة الأصول لأن الكثير من الصناديق السيادية تعود إلى دول منتجة للنفط.
ونالت أسعار المعادن الضعيفة من صناديق السلع الأولية عموما، حيث انخفض حجم الأصول التي تديرها من 130 مليار دولار إلى 50 مليار دولار.
وأشارت إلى أن 45 بالمئة من الصناديق السيادية سجلت زيادة في الأصول على مدى الاثني عشر شهرا حتى نهاية مارس، في حين سجل 36 بالمئة منها تراجعا، واستقرت أصول 19 بالمئة مقارنة مع مارس 2015.
وقالت بريكين إن نسبة متزايدة من الصناديق السيادية أصبحت تستثمر بنشاط في الأصول البديلة، لكن أدوات الدخل الثابت وحيازات الأسهم المتداولة مازالت تشكل الجانب الأكبر من معظم المحافظ.
ويستثمر نحو 62 بالمئة من الصناديق في كل من العقارات والبنية التحتية ونحو 55 بالمئة في التملك المباشر ارتفاعا من 47 بالمئة في 2015 فيما يستثمر 35 بالمئة من الصناديق في الديون الخاصة.
وشكلت الصناديق السيادية في الشرق الأوسط وآسيا 76 بالمئة من إجمالي رأسمال القطاع، لكن بريكين أشارت إلى إطلاق 14 صندوقا جديدا في السنوات الست الماضية. وقالت إن تقارير تفيد بأن بوليفيا والفلبين تجريان نقاشات لإطلاق صناديق جديدة.
ويقول محللون إن صناديق الاستثمارات السيادية الخليجية مرشحة للعب دور أكبر في خارطة الاقتصاد العالمي، خاصة بعد إعلان السعودية عن عزمها بناء صندوق سيادي بأصول تصل إلى تريليوني دولار استعدادا لمرحلة ما بعد النفط.
وكان الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي، قد أكد لوكالة بلومبرغ في الشهر الماضي، أن الرياض تسعى إلى جعل عوائد الاستثمارات المصدر الرئيسي للدخل، بدلا من إيرادات النفط.
وتستثمر الصناديق الخليجية حاليا معظم أموالها في الخارج، وتقوم بدور أساسي عبر التأثير في أسواق الأسهم والسندات العالمية، إضافة إلى أسواق العقارات الدولية.
وتدير صناديق الثروة السيادية الثروات والاحتياطات المالية للدول، وتتكون من أصول متنوعة مثل العقارات والأسهم والسندات وغيرها من الاستثمارات، وهي بمثابة الذراع الاستثمارية للدولة ذات الفوائض المالية.
وتعود فكرة إنشاء الصناديق السيادية تاريخيا إلى منطقة الخليج، وتعتبر الهيئة العامة للاستثمار في الكويت أول صندوق للثروة السيادية في العالم، وتم إنشاؤه في عام 1953 لاستثمار فائض العوائد النفطية.
وتشير التقديرات إلى أن إجمالي أصول الصناديق الخليجية يبلغ حاليا نحو 2.67 تريليون دولار، أي ما يعادل أكثر من 41 بالمئة من إجمالى موجودات صناديق الثروات السيادية العالمية.
قال المحلل الاقتصادي الكويتي على العنزي إن “بعض صناديق الثروة الخليجية تواجه ظروفا صعبة فى ظل تراجع النفط، واضطر بعضها مثل الصندوق السعودي إلى تسييل أصول بمليارات الدولارات لتقليل العجز غير المسبوق في الموازنات.
وكان محللون فى المؤسسات البحثية العالمية، ومنها صندوق النقد الدولي، قد أشاروا إلى أن بقاء متوسط أسعار النفط عند 40 دولاراً للبرميل، سيؤدي إلى تسجيل دول الخليج عجزا سنويا بقيمة 140 مليار دولار.
وأضاف العنزي أن تلك الصناديق مطالبة بالعمل على تحسين عوائدها على المدى القصير علاوة على خفض التكاليف خصوصاً وأنها توفر إيرادات بديلة للعوائد النفطية المتراجعة.
وقال طه عبدالغني، المدير العام لشركة نماء للاستشارات المالية إن الصناديق الخليجية أصبحت أكثر تحفظا بعد هبوط النفط وأكثر تركيزاً على الأصول ذات الإيرادات السريعة بدلاً من المشاريع التي قد تستغرق وقتاً طويلاً لتحقيق عوائد.