قال القاضي الأميركي، تشارلز براير، الذي ينظر في قضايا تسوية شركة فولكسفاغن في أميركا، إن وزارة العدل الأميركية ووكالات فيدرالية أخرى وافقت، من حيث المبدأ، على عرض تقدمت به شركة فولكسفاغن، لتسوية قضية الانبعاثات وغش العوادم، التي تفجرت في العام الماضي، وذلك وفقاً لموقع “زيرو هيدج” الأميركي، الذي يديره مصرفيون سابقون.
وحسب تصريحات القاضي براير، فإن الخطة التي تقدمت بها الشركة الألمانية تنص على دفع مبلغ 10 مليارات دولار لتغطية الغرامات الحكومية للوكالات الفدرالية، وتعويض أصحاب السيارات الذين تضرروا من غش العوادم وتغطية كلف 600 قضية رفعها مواطنون وهيئات في أنحاء الولايات المتحدة ضد الشركة الألمانية.
وحسب مصادر أميركية، فإن العرض اشتمل على أن تقوم شركة فولكسفاغن بشراء السيارات التي ركبت فيها أجهزة لغش الانبعاثات من أصحابها أو تعويضهم مبالغ مالية.
وحسب الموقع الأميركي، فإن الشركة الألمانية ستقوم بتعويض مالكي 480 ألف سيارة على الأقل.
وقال القاضي براير إن إصلاح مشكلة العوادم في 600 ألف سيارة، أو إخراجها من الخدمة وتعويض أصحابها، ستكون الخطوة الأولى في التسوية.
ويعد اتفاق التسوية مع الوكالات الأميركية الخاصة بحماية البيئة، وموافقة وزارة العدل الأميركية قفزة ضخمة بالنسبة لشركة فولكسفاغن التي تكافح منذ حوالى 7 شهور للملمة فضيحة غش عوادم السيارات، التي هددت موقعها كأكبر شركة سيارات في أوروبا.
ومنذ تفجر فضيحة العوادم في أميركا، واعترافها بتعمد غش العوادم في 11 مليون سيارة في أنحاء العالم، عملت شركة فولكسفاغن على كسب ثقة زبائنها في الولايات المتحدة، بعروض مغرية وإرضاء الجهات التشريعية الأميركية في سبيل الوصول إلى تسوية مقبولة.
وقال المحلل، ماركرين تون، من شركة واربيرغ ” اعتماد التسوية مع وزارة العدل الأميركية سيقلل حالة عدم اليقين، التي كانت تلقي بظلال قاتمة على مستقبل فولكسفاغن”. وذكر خبراء في النزاعات القضائية في ألمانيا، أن هذه التسوية ستفتح الباب أمام تسويات أخرى في آسيا وأوروبا.
وكانت التسوية الأميركية تعد العقبة الرئيسية أمام شركة فولكسفاغن، حيث تعد أميركا أكبر سوق لسيارات فولكسفاغن خارج أوروبا.
وكانت مصادر أميركية تتوقع أن تفوق خسائر فولكسفاغن من هذه الفضيحة أضعاف هذا المبلغ، حيث ذكرت مصادر أميركية، في نهاية العام الماضي، أن الشركة ستتعرض لغرامات منفصلة عن الغرامة الفيدرالية المقدرة بحوالى 18 مليار دولار، في الولايات الخمسين في أميركا. وكان فريق من المحامين في أميركا قد تولى الدعاوى الخاصة بالأضرار التي تعرّض لها المواطنون من التلوث، الذي تطلقه عوادم سيارات الديزل التي تنتجها شركة فولكسفاغن وفروعها المختلفة.
وأعلنت شركة فولكسفاغن في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي أنها ستسترجع سيارات الديزل المصممة بالبرنامج الذكي في أنحاء العالم ، لإجراء تعديلات عليها.
ومن بين هذه السيارات 5 ملايين سيارة فولكسفاغن من طرز الديزل و2.1 مليونا سيارة من طرز أودي و1.2 مليون سيارة من طرز سكودا و1.8 مليون سيارة من طرز سيارات الفان.
ومنذ تفجر فضيحة فولكسفاغن، شددت أوروبا من قوانين التلوث البيئي. ويشير تقرير مصرف “بي إن بي باريبا” الفرنسي إلى أن كلفة تصميم سيارة الديزل لكي تتوافق مع قوانين خفض تلوث البيئة في أوروبا، يبلغ 1300 يورو. ولكن بعد هذه الفضيحة وتشديد الإجراءات، سترتفع الكلفة بمبالغ تراوح بين 200 إلى 300 يورو.
وفي أعقاب أنباء التسوية، صعدت أسهم فولكسفاغن المسجلة في الولايات المتحدة حوالى 6 % يوم الأربعاء، ومن المتوقع أن تواصل أسهم الشركة التحسن أكثر بعد إعلان القاضي براير قبول الأطراف للتسوية.
ويرى خبراء في النزاعات القضائية بين الشركات والمستهلكين أن التسوية الأميركية تمت بهدوء، وطبخت بعيداً عن الضجيج الإعلامي وهذا ما جعلها تنجح.
ولم يتضح بعد حجم التعويضات، التي ستدفعها الشركة للمتضررين من أصحاب سيارات فولكسفاغن في أميركا، رغم أن مصادر قالت لرويترز إنها ستكون في حدود 5 آلاف دولار.
ويذكر أن مشروعاً بحثياً كلفته 50 ألف دولار فقط، ويتكوّن من خمسة باحثين يقودهم جون جيرمان، الباحث في جامعة ويست فيرجينيا، اكتشف خدعة البرنامج الذكي الذي ينظم محركات سيارات فولكسفاغن التي تعمل بالديزل.
وهذا البرنامج الذكي الذي ينظّم عمل المحرك يتعرف على نوعية قيادة السيارة، فإذا كانت السيارة تتم قيادتها لأسباب الاختبار، فإنه يبدأ العمل فوراً لوزن الغازات الملوثة للبيئة، التي تنطلق من العادم، حيث يجعلها متوافقة أو أقل من معدل التلوث المسموح به.
أما إذا كانت السيارة تتم قيادتها في الحالات العادية، فإنه لا يتدخل ويترك السيارة تنفث من الغازات الملوثة المعدل الحقيقي للتلوث. ووجدت السلطات الأميركية، في أعقاب نتائج هذا البحث، الذي أجراه الفريق الهندسي بقيادة الباحث جيرمان، أن نتائج التلوث التي تعطيها سيارات فولكسفاغن تختلف في الشارع عن الاختبار.
وأجرى الفريق البحثي اختباره على ثلاثة طرز من سيارات الديزل، وهي فولكسفاغن وجيتا وبي إم دبليو 5، واكتشف الفريق أن نتائج “بي إم دبليو” متطابقة مع المعلومات التي تروج لها وتعلن عنها في البيئة. أما بالنسبة لسيارات فولكسفاغن، فكانت النتائج غير متطابقة. وهكذا تم اكتشاف خدعة فولكسفاغن.