بدأ الرئيس الاميركي باراك اوباما زيارة الى المانيا تستمر يومين يعتزم خلالها الدفاع مع انغيلا ميركل “صديقته وشريكته الاولى في اوروبا”، عن اتفاقية التبادل الحر الاوروبية الاميركية رغم الانتقادات التي تثيرها حتى داخل الحكومة الالمانية.
وصل اوباما الى هانوفر وهي المحطة الاخيرة من جولة استهلها في السعودية سعيا لطمأنة دول الخليج الى صلابة الدعم الاميركي لها قبل الانتقال الى بريطانيا للتحذير من عواقب خروج البلاد من الاتحاد الاوروبي، وقال للصحف البريطانية “لن نتخلى عن جهودنا للتفاوض في اتفاق تبادل حر مع شريكنا الاكبر السوق الاوروبية”، وهو يامل بالتوصل الى اتفاق قبل خروجه من البيت الابيض نهاية العام الجاري.
تشكيك شعبي ورسمي
وتصطدم المفاوضات بشأن اتفاقية التبادل الحر حاليا بخلافات مستمرة في وجهات النظر بين الطرفين على خلفية تشكيك متزايد لدى الراي العام سواء في الولايات المتحدة او في الاتحاد الاوروبي.
وحذر وزير الاقتصاد الالماني سيغمار غبرييل من ان معاهدة التبادل الحر “سوف تفشل” في حال لم تقدم الولايات المتحدة تنازلات، مؤكدا انه لن يوافق على نص يلخصه في الوقت الحاضر بعبارة “اشتروا منتجات من صنع اميركا”.
كذلك تلزم فرنسا موقفا حازما بهذا الصدد ويرفض الرئيس فرنسوا هولاند بحث الاتفاقية خلال لقاءات تنظمها ميركل الاثنين في هانوفر وتضم الى القادة الثلاثة كاميرون ورئيس الوزراء الايطالي ماتيو رينزي، ويعتبر هولاند أنّ الموضوع لا يحظى اطلاقا بتاييد شعبي حاليا في فرنسا بحسب ما اوردت الاسبوعية الألمانية “دير شبيغل”.
وإفتتح أوباما مع ميركل المعرض الصناعي في دنفر والذي سيكون مناسبة للزعمين للدفاع عن مشروع اتفاق امام الرأي العام في بلديهما، وسوف تبدأ الاثنين في نيويورك جولة مفاوضات حول معاهدة التبادل الحر وستكون المحادثات الـ 13 منذ عام 2013.
وتهدف واشنطن وبرلين للتوصل الى اتفاق هذا العام ولكن يبدو انه من الصعب تخطي الخلافات قبل نهاية العام.
وهناك اعتراض كبير على معاهدة التبادل الحر في المانيا حيث تظاهر أكثر من 35 الف شخص في هانوفر السبت، والاعتراض ليس فقط خشية تدني المعايير البيئية والصحية الاوروبية ولكن ايضا ستكون هناك امكانية امام الشركات المتعددة الجنسية للاحتجاج على قوانين اي دولة امام محكمة تحكيم.
لكن ادارة اوباما تبدو حيال هذه النقطة الاخيرة منفتحة على بدائل، وقالت وزيرة التجارة الاميركية بيني بريتزكر: “أعتقد اننا قادرون على إيجاد تسوية تخدم هدفنا المشترك في حماية الاستثمار مع المحفاظة على المصلحة العامة… ادارتنا تريد اتفاقا ونود التوصل اليه هذا العام”.
حارسة اوروبا
وبمعزل عن هذه الخلافات، فان اختيار باراك اوباما زيارة المانيا للمرة الخامسة منذ دخوله البيت الابيض يؤكد على المكانة التي يمنحها للمستشارة الألمانية حيث حرص على وصفها بعبارة “حارسة اوروبا” مثنيا على موقفها “الشجاع” في أزمة المهاجرين في حديث لصحيفة “بيلد” الواسعة الانتشار في المانيا عشية وصوله.
وقال “انها تجسد الكثير من المواصفات القيادية التي تثير اعجابي بقدر خاص وهي تسترشد بالمصالح والقيم في آن”.
وان كانت علاقة اوباما برئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون تبدو اكثر مودة واقل كلفة وقد لعب معه الغولف السبت قرب لندن الا ان نهجه السياسي التحليلي اقرب الى انغيلا ميركل ويتحدث معاونوه المقربون عن علاقة “عقلانية لا تقارن” وصفتها صحيقة ألمانية بـ “روحين توأمين”.
غير ان العلاقة بينهما لم تكن مستقرة على الدوام بل شهدت محطات من التوتر لا سيما عند اندلاع ازمة اليورو حين اخذت واشنطن على برلين صرامة نهجها العقائدي اذ بقيت متمسكة بأولوية التقشف المالي وتقويم الموازنة، وعند الكشف في 2013 عن برامج التنصت التي تطبقها وكالة الامن القومي الاميركية في العالم وشملت الهاتف النقال الخاص بانغيلا ميركل.
الا ان المواقف المتقاربة خصوصا بشان الحزم حيال موسكو في قضية اوكرانيا والملف النووي الايراني قربت مجددا بين الزعيمين.
والى الاجتماع مع القادة الاوروبيين الاربعة لبحث مسائل ساخنة مثل النزاع في سوريا ومكافحة الارهاب يختتم اوباما رحلته الاوروبية في هانوفر ملقيا كلمة مرتقبة يعرض فيها رؤيته للعلاقات عبر ضفتي الاطلسي.