IMLebanon

أزمة ثلاثية تنتظر لبنان: المياه والكهرباء والنفايات

تعتبر أزمة المياه واحدة من الأزمات التي ستصيب لبنان خلال الصيف
تعتبر أزمة المياه واحدة من الأزمات التي ستصيب لبنان خلال الصيف

جاسم عجاقة

من المُتوقع أن يواجه لبنان في الأشهر المقبلة ثلاث أزمات: مياه، كهرباء ونفايات. هذه الثلاثية سيكون لها تداعيات سلبية على الموسم السياحي وعلى الإستهلاك، لكن المخاوف الأكبر تبقى من تفاعل هذه الأزمات مع بعضها البعض، ما قد يعطيها أبعاداً كارثية على الصحة العامة.

إنه الصيف الذي يدق على الأبواب ومعه موسم السياحة والإصطياف والفرص المدرسية. ينتظر اللبنانيون هذا الموسم للترفيه عن أنفسهم عبر نشاطات رياضية عدّة، على رأسها السباحة. لكن الموسم الآتي لن يكون مثل سابقيه من ناحية أن هناك ثلاث أزمات تلوح في الأفق وقد تؤثر بشكل كبير على السياحة، الإستهلاك وإنتشار الأمراض.

إن خطر نشوب أزمة مياه صالحة للشرب في لبنان هو واقع وقد يحصل نتيجة عوامل عدّة، أولها قيمة المُتساقطات حيث تُشير معطيات هذا العام إلى أنها كانت على نفس مستوى مُتساقطات العام الماضي أو أقل في بعض المناطق. ولبنان الغني بينابيعه وأنهره، يواجه مُشكلة تتمثل بعدم وجود سدود كافية لتخزين المياه التي تذهب هدراً في البحر (باستثناء الوزّاني الذي تُصادر مياهه إسرائيل). أضف إلى ذلك، وجود مكبّات عشوائية للنفايات مُنتشرة في كل الأماكن ولا يوجد حتى الأن دراسات تُثبت عدم تلوث الينابيع والأنهر في لبنان نتيجة هذه المكبات. ومن جهة أخرى، هناك الطرق البدائية المُستخدمة في الريّ الزراعي الذي يستهلك نحو 60% من مجمل المياه المُستهلكة. كل هذا سيُقلّل من كمية المياه الصالحة للشرب، وبالتالي من المُحتمل أن يعمد لبنان إلى استيراد المياه من دول أخرى كتركيا. الجدير بالذكر أن لبنان كان في صدد استيراد مياه الشرب من تركيا في العام 2013.

أما مُشكلة الكهرباء فحدّث ولا حرج، إذ من المؤكد أن موسم الصيف سيشهد عجزاً واضحاً في تلبية الطلب الذي يزداد حكماً مع إزدياد الطلب على التبريد والإضاءة (حرارة ونهار أطول). وهناك الطلب الآتي من النازحين السوريين، ما يعني أن عجز الإنتاج سيكون أكبر وستزداد ساعات التقنين وستعمد المولدات الخاصة إلى العمل أكثر ما يعني زيادة الفاتورة على المواطن.

وعلى صعيد النفايات ومع إقتراب نهاية فترة الشهرين لفتح مطمر الناعمة، من المرجح في ظل غياب حلول فعلية، أن تتراكم المكبات العشوائية في كل الأمكنة، ما سيؤثر سلباً على الصحة العامة من ناحية أن النفايات ستؤدي إلى تفشّي أمراض كثيرة كالأمراض التنفسية، والأمراض المُعدية والسرطانية وغيرها.. وبالطبع، هذا سيؤدي أيضاً إلى نشر سمعة سيئة للبنان على الصعيد العالمي ما سيؤثر سلباً على السياحة.

لكن الكارثة الأكبر تبقى من تفاعل الأزمات الثلاث مع بعضها البعض. فمثلاً، إذا كان الصيف حاداً وهناك نقص في مياه الشرب، سيعمد بعض النازحين (الأكثر ضعفاً بين سكان لبنان) إلى الشرب من مياه غير صالحة والتي قد تؤدي إلى إنتشار الملاريا. هذا السيناريو قد يكون أسوأ إذ ما اعتبرنا أن المصابين بالملاريا مُنتشرين على كل الأراضي اللبنانية!

وماذا نقول عن الأمراض التي قد تلحق بالطيور والدواجن جراء المياه المُلوثة والنفايات والأمراض المُنتشرة في الهواء؟ والعثور على دواجن مُصابة بأنفلونزا الطيور التي علّلها البعض بأنها آتية من سوريا، تُشكلل تهديداً واضحاً للمواطن اللبناني، إن من ناحية إستهلاك هذه الحيوانات أو من ناحية الاحتكاك بها أو بأحد لمسها. هل الدواجن النافقة التي تمّ العثور عليها في قضاء جبيل هي نتاج البيئة الملوثة أم نتيجة فيروس في الهواء؟ من الواضح أن هناك غياباً لفعّالية رقابية منهمكة في محاربة الفساد في قطاعات أخرى. كل هذا بالطبع سيكون له تأثيرة السلبي على الإستهلاك لأن المُستهلك لن يعمد إلى إستهلاك دواجن فيها خطر على صحته.

هذا الخطر حقيقي ومن الواجب على الحكومة إعلان حال طوارئ لتدارك تداعيات حصوله. في هذا السياق، يتوجب على الحكومة القيام بخطوات أساسية من دونها نحن مقبلون على كارثة:

أولاً: القيام بحملة توعية وطنية على شاشات التلفزيونات والمحطات الإذاعية والصحف ومواقع التواصل الاجتماعي لتوعية المواطن على الإجراءات الواجب القيام بها؛

ثانياً: القيام بجولات مراقبة على كل المزارع في لبنان لفحص إحتمال وجود أمراض لدى الدواجن التي يستهلكها اللبناني والعلف الذي تستهلكه هذه الدواجن؛

ثالثاً: القيام بجولات مراقبة على الينابيع والأنهر التي تُستخدم كمياه للشرب. ومن الواجب السهر على بقاء هذه الأنهر والينابيع سليمة عبر دوريات متواصلة وتوعية المواطن على ترشيد إستخدام المياه من خلال حملة إعلانية وطنية؛

رابعاً: توعية المواطن على ترشيد إستهلاك الكهرباء لكي يتمّ تفادي تعتيم ((Blackout كلّي خلال فصل الصيف مع معامل لا يُمكنها الصمود أكثر وعمرها يفوق العمر الطبيعي للمعامل (20 عاماً للمعمل الحراري).

خامساً: العمل الفعلي من خلال خطة حكومية على إدارة إستهلاك الخدمات العامة من قبل النازحين الذي يُعتبرون الحلقة الأضعف، خصوصاً أن إحتمال نشأة الأمراض المُعدية لدى النازحين هي الأعلى.

سادساً: تسريع العمل بالمطامر الجديدة البديلة لمطمر الناعمة. هذا الأمر هو أساسي، خصوصاً أنه مع إرتفاع درجات الحرارة، من المتوقع أن تكون البيئة مثالية لتفشّي الأمراض.