Site icon IMLebanon

لماذا يرحل جنبلاط؟

walid-jumblatt

اعلنت مصادر مقربة من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لصحيففة “الحياة، إن إعلانه ليل الخميس الماضي في مقابلة تلفزيونية نيته تقديم استقالته من النيابة في الجلسة النيابية المقبلة التي يزمع رئيس البرلمان نبيه بري الدعوة إليها، يعود إلى أن توقيت هذه الخطوة، التي كان أعلن نيته الإقدام عليها السنة الماضية، بات ملائماً لإجراء انتخابات نيابية فرعية في دائرة الشوف بجبل لبنان لاختيار بديل منه، بترشح نجله تيمور للمقعد النيابي.

وذكرت المصادر أن جنبلاط كان أعد العدة لتقديم استقالته العام الماضي، وأخذ يهيئ نجله تيمور لتولي الزعامة الجنبلاطية منذ أكثر من سنة، إلا أن ما حال دون ذلك حينها، هو تمني الرئيس بري عليه عدم الاستقالة، ثم سعيه لإقناعه بتأجيل تركه المقعد النيابي، خصوصاً أن وزير الداخلية نهاد المشنوق أبلغه أن الظروف السياسية والأمنية في ربيع العام الماضي لم تكن تسمح بإجراء الانتخابات الفرعية في قضاء جزين الجنوبي، إثر وفاة النائب الراحل ميشال حلو نتيجة مرض عضال.

وأضافت المصادر: حينها فرض تعذر إجراء انتخابات في جزين كي يختار الناخبون من يحل مكان الراحل حلو، واقعاً يقضي بعدم إجراء انتخابات في قضاء الشوف في حال إقدام جنبلاط على الاستقالة، وهو الأمر الذي يحول دون تولي نجله تيمور المقعد النيابي، ما أدى الى صرفه النظر عن الاستقالة.

وكانت الأوساط السياسية أشارت وقتذاك إلى أن وزارة الداخلية والسلطات الأمنية تفضل تجنب انتخابات فرعية، من أجل تفادي أي خلل أمني، في وقت كانت المواجهة بين القوى الأمنية على أشدها مع التنظيمات المتطرفة، مع ظهور خلايا تابعة لـ “داعش” وغيرها وقيام بعضها بتفجيرات وإحباط محاولات أخرى.

إلا أن هذه الأوساط لم تُسقط من الحساب وقتها أن الرغبة بعدم إجراء الانتخابات الفرعية في جزين تعود ضمناً الى أن حصولها سيكون حجة للقوى السياسية المطالبة بإجراء الانتخابات النيابية العامة، والرافضة مبدأ التمديد للبرلمان، ولا سيما “التيار الوطني الحر”، كي تدعو السلطات اللبنانية إلى إجراء هذه الانتخابات في كل المناطق طالما هي تستطيع الإشراف على أي انتخابات فرعية.

وفي كل الأحوال، فإن الأوساط القريبة من جنبلاط اعتبرت أن تعيين وزارة الداخلية موعداً لإجراء الانتخابات الفرعية في قضاء جزين، بالتزامن مع الانتخابات البلدية في محافظتي الجنوب والنبطية في 22 أيار المقبل، أزال المانع أمام مبدأ دعوة الهيئات الناخبة من أجل انتخاب نيابي فرعي، وبالتالي يسقط مبرر عدم إجراء انتخابات فرعية في الشوف بعد أن تكون حصلت في جزين، فأحيا قراره الاستقالة وأعلنه الخميس الماضي، وظهر على الشاشة كتاب الاستقالة الذي قال إنه سيقدمه إلى بري في نهاية جلسة تشريع الضرورة التي يحضّر للدعوة إليها. وعليه صار ممكناً أن يترشح تيمور للنيابة ليتولى المهمة.

وكان جنبلاط في مقابلته التلفزيونية كرر مواقف سابقة هي من مبررات اتخاذه قراره بالاستقالة من النيابة وتسليم الزعامة الجنبلاطية إلى نجله البكر قبل أكثر من سنة، فهو قال “إننا أفلسنا كطبقة سياسية وأنا أقوم بمراجعة ذاتية، أفلست. غيري ليتفضل ويقول…”، كما قال: “أنا عم أخسر لأن الطرح السياسي القديم لم يعد يجدي… أنتظر كي أخرج من المسرح السياسي رسمياً وبعدها يأتي تيمور بجيل جديد ربما…”. واعتبر أن هناك “جيلاً جديداً من الشباب يريد التغيير وجيلاً من المجتمع المدني لم يعد يصدقنا، ومعه حق، لأن أزمة الزبالة فجرت النفايات السياسية”.

ويقول المحيطون بجنبلاط إنه منذ قرابة السنتين يعتبر أنه حان الوقت ليتنحى، وإن التوقيت مناسب ليتولى تيمور الراية عنه، فباشر الأخير الاعتياد على الاحتكاك بجمهور الزعامة الجنبلاطية واستقبال المراجعين كل يوم سبت في المختارة.

ويوضح الذين يلتقون جنبلاط أنه يعبّر عن قرفه من الوضع السياسي في البلاد منذ سنتين، ويبدي الرغبة في ترك العمل السياسي اليومي، ليتحرر لمصلحة القراءة والمطالعة والكتابة والأسفار إلى الخارج التي يعتبرها متنفسه الرئيس من الأوضاع في لبنان، وأنه أدى دوره منذ تولى مهمات الزعامة بعد اغتيال والده، وأن تولي تيمور المسؤولية الآن يساعد في تمرسه بمتطلبات الزعامة في شكل مبكر. وهو لهذا السبب رافقه في عدد من زياراته إلى الخارج لتعريفه إلى زعماء عرب وأجانب.

وذكرت مصادر متابعة لخطوة جنبلاط، أن تحولها إلى حدث رسمي يتطلب أسابيع، إلى أن تنعقد الجلسة النيابية التشريعية التي يدور حولها تجاذب، مع اشتراط الأحزاب والكتل المسيحية الرئيسة وضع قانون الانتخاب على جدول أعمالها وإيجاد المخارج التي تضمن انعقادها. وأشارت إلى أن الدستور ينص على أن تدعو الحكومة لانتخابات نيابية فرعية لملء المقعد الشاغر باستقالة جنبلاط، خلال ستين يوماً من شغوره.