تعتبر أوساط سياسية مستقلة أنّ خلاصة المساعي الدبلوماسية الخارجية لايجاد مخرج لمأزق الشغور الرئاسي التي تتحدث في كل مرة عن جدار تصلّب ايراني تشكّل، معطوفة الى مواقف بعض الاطراف المحليين وآخرها لنائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، الذي كان حاسما في اعلان انّ “أزمة الرئاسة طويلة”، دليلاً قاطعاً على أنّ الاستحقاق لا يزال معلقاً على خشبة الانتظار وأنّ الفراغ مستمر حتى آجال غير معروفة.
وانطلاقا من هذين العاملين الخارجي والداخلي، تتنقل الاوساط لتشير عبر الوكالة “المركزية”، الى انّ ما تردد في نهاية الاسبوع بشأن طرح يقضي بانتخاب رئيس للجمهورية لسنتين فقط، يتم في ولايته وضع قانون انتخاب جديد تحصل وفقه الانتخابات النيابية قبل ان يتقدم هو باستقالته من منصبه، لا يعدو كونه اقتراحاً للاستهلاك الاعلامي، يملأ الوقت الضائع الذي يستفحل فيه الفراغ في قصر بعبدا. واذ تلفت الى انّ هذا الطرح كان عرض في أول أيام الشغور ورفض من قبل المسيحيين، روحيين وسياسيين، سائلة ما الذي تغير حتى تصبح الفكرة مقبولة اليوم، تنقل الاوساط عن مصادر في بكركي والأحزاب المسيحية اعتراضها على اقتراح الرئيس حسين الحسيني (انتخاب الرئيس لسنتين). ففي رأيها، من ينتخب رئيساً لعامين يمكن ان ينتخبه لست سنوات، وعلى الجميع ان يحترم ولاية الرئيس وعدم المس بها “تماما كما نحن نحترم ولاية رئيسي مجلس النواب والحكومة، فهل يقبل الثنائي الشيعي ان تعود ولاية رئيس المجلس الى عام واحد كما كانت قبل الطائف مثلا”؟
وتشير الاوساط الى انّ الاحزاب المسيحية كما المؤسسات المارونية ترى في الاقتراح المتداول مسًّا بجوهر الدستور وبالمعادلة الميثاقية، اذ لا يجوز المس بمدة ولاية رئيس الجمهورية من دون التطرق الى الرئاسات الاخرى، كما تعتبر انّ التلاعب بالولاية يضعف موقع الرئاسة وهيبتها ويضع المكون المسيحي في موقع التابع العاجز عن حسم قضاياه اذا لم ينل رضى هذا الفريق او ذاك، ومن هنا يبدو البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي حاسما في رفض الاقتراح… وما يعزّز فرضية أن طرح رئيس “السنتين” رمي في سوق التداول لشراء الوقت لا أكثر، المعوقات الدستورية التي تمنع تحوله الى حقيقة، دائما حسب الاوساط، فالاقتراح يحتاج تعديلا دستوريا غير متاح في ظل الشغور، حيث يحتاج الى اجماع حكومي والى اقرار في البرلمان بأكثرية الثلثين، فهل هذه الشروط متوافرة اليوم؟ وحري بالمجلس الذي يمكن ان يجتمع لتعديل الدستور ان يجتمع لانتخاب رئيس!
الا ان الاوساط لا تقفل الباب نهائياً امام الطرح، حيث تنبه الى انّ رئيس تكتل “التغيير والاصلاح” النائب العماد ميشال عون لم يرفض الفكرة بعد واكتفى بالقول لزواره انّ احداً لم يفاتحه فيها، داعياً من يطرحها الى زيارته في الرابية وعرضها امامه لبت موقفه منها. واذ لا تستبعد المصادر ان يقبل عون بالرئاسة ولو لسنتين معتبرة ان ما يحكى عن رفض ليس الا رفعا للسقف لتحسين موقعه التفاوضي لاحقا، تشير الى ان فكرة أخرى يتم التداول فيها ولو في دوائر سياسية ضيقة لوضع حد للشغور، تنطلق مما كان اعلنه رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل عن انّ “الاتيان بالقوي الى رئاستي مجلس النواب والحكومة يحتم الاتيان بالشخصية الأقوى الى رئاسة الجمهورية”، ويقضي الاقتراح بأن يرضى المكونان الشيعي والسني بشخصيتين من الصف الثاني، فينسحب الامر أيضا على رئاسة الجمهورية. لكنّ كل هذه الافكار لن تصبح واقعا عمليا ولن ينتخب رئيس قبل ان تأتي كلمة السر من الخارج والاستحقاق ينتظر جلاء التطورات في الاقليم، حيث يُنصح برصد مسار الاحداث “يمنياً” في شكل خاص، كما كان يردّد الرئيس نبيه بري، تختم الاوساط.