غنى اسماعيل
ومتطلّبات الحياة وتدنّي الرواتب والأجور وسندان تأمين المستلزمات اللازمة لحياة شبه رغيدة، الأمر الذي يدفعه للجوء الى خيار التقسيط والحصول على قروض ميسّرة من المصارف ظنّاً منه أنّها ستكون «خشبة الخلاص» التي ستنتشله من ديونه، لكنّه قد يقع تحت ضغوطات أكبر في حال لم يواز بين مدخوله ومصروفه، ودراسة القرض حسب مدخوله خصوصاً أنّ نسبة القروض مجتمعة يجب ألا تتجاوز الـ 40% من إجمالي الأجر الشهري مع الدخول من موارد مالية أخرى.
ومن الملاحظ بحسب المصارف أنّ نسبة الإقبال على القروض الشخصية هي الأعلى، رغم تعذّر البعض في سدادها، أو تأمين الأوراق اللازمة وبعض المعلومات للحصول على القرض.
انطلاقاً من ذلك كانت لـ«اللواء» لقاءات عدّة مع أهل الاختصاص للتعرّف على أنواع القروض، وحقوق المواطن إنْ عقد العزم على الأمر، وكيف يكون التخطيط الفعّال من أجل توضيب صرف المدخول لعدم الوقوع تحت وطأة الدين ومأزق الإجراءات القانونية.
يشوعي
{ يرى الخبير الاقتصادي الدكتور إيلي يشوعي أنّ «التقسيط طريقة دفع مريحة تساعد على الإستهلاك بضوء دخل شهري معين»، معتبراً أنّ هناك مبالغة من قِبل المصارف بإعطاء القروض».
وأشار يشوعي إلى وجوب الأخذ بعين الاعتبار مدخول الشخص خاصة إنْ كان المستهلك قد أخذ أكثر من قرض، أو إنّه يقسّط أكثر من سلعة، على ألا يمثّل مجموع القروض المأخوذة أكثر من 40% من موارد صاحب الدخل و30% فقط من موارد صاحب الأجر، فصاحب الدخل مرتاح مادياً أكثر من صاحب الأجر لأنّ عنده موارد مالية زيادة عن أجره، وإلا ستضطر المصارف أنْ تتخذ الإجراءات اللازمة، قائلاً: «إنّ البنوك ليست مخازن لاحتواء السلع المرتجعة لعدم تسديد المستحقات المالية».
كما لفت إلى أنّ مجموع كل القروض تساوي الآن مجموع القطاع الصناعي في لبنان إذ يجدر الانتباه إلى هذه الشركات والمؤسّسات لأنّها هي مَنْ توظّف الأفراد وتدفع الأجور، فبرأيه الاهتمام بالشركات أهم من إقراض الأشخاص.
أمّا عن الشق السلبي، فاعتبر يشوعي أنّه «إذا كان القرض مدروساً عندها سيكون الوضع إيجابياً لمصلحة الفرد فهذا سيساعده على الاستهلاك وإعطائه الاكتفاء الذاتي، لكنَّ عملية التقسيط هي أكثر عامل يجدّد الاستدانة فهذه الأخيرة مطلوبة، لكن وفق مقاييس دقيقة بطريقة تأمّن سلامة القروض وحياة المدينين، أي من البداية يجب أنْ يكون هناك احترام وانتباه قبل إعطاء أي قرض شخصي»، متطرّقاً إلى الخطأ الاستراتيجي التي تتبعه البنوك إذ ينبغي أنْ يكون هناك ثقافة مع قطاع العمل أي علاقة وثيقة طويلة الأمد مع القطاع الخاص الذي يوظّف المواطن»، لافتا إلى أنّ «المسؤولية تقع على كلا الطرفين إنْ لم تقوم حسابات للقروض المعطاة مجتمعة لإعادة تسديدها».
برّو
{ نسبة فوائد القرض 7% أو أقل من ذلك، مقولة تستخدمها معظم المصارف لحث المواطن على أخذ قرض، فيما الحقيقة تكون عكس ذلك، وانطلاقاً من ذلك طالب رئيس جمعية حماية المستهلك الدكتور زهير برو بضرورة التعامل بشفافية حيال هذا الموضوع، و«عدم اللعب على الكلام فهذا غير قانوني، وبالتالي الإعلان عن الفوائد يجب أنْ يكون دقيقاً وواضحاً».
ودعا مصرف لبنان ووزارة الاقتصاد للرقابة على المصارف لأنّها فعلياً لا تعتني بالموضوع، وكأنّها تُطاع ولا تُطيع في حين أنّ القانون واضح وعلى المصارف أنْ تلتزم بالشفافية، لأنّ أغلب العقود تكون في غاية السرية ونسبة 99% من المستهلكين لا يقرأون العقد بالتفصيل، موضحاً أنّ إعطاء القروض يجب أنْ يكون مدروساً دون عشوائية من قبل المصارف وإلا سيزيد العبء على المستهلك فيتم إغراقه بالدَين ووضعه بمأزق، مؤكّدا على الضرورة الملحّة من قبل الهيئة المنظمة للقطاع المالي إلى مصرف لبنان الذي ما زال حتى اليوم رافضا أنْ يلعب دورا في هذا الاتجاه.
وأضاف: «نطالب للمرّة الألف مصرف لبنان أنْ يلعب دوره الطبيعي لتنظيم القطاع»، حيث إنّ الممارسات القانونية لا تشمل المصارف لأنّ هذه الأخيرة تدّين الدولة، وبالتالي يحق لها ما لا يحق لغيرها.
كما أكد أنّ مصلحة الشعب اللبناني هي الأهم بظل الحروب وكون لبنان ساحة صراعات ما أُثّر سلبيا على الاقتصاد اللبناني فهو ليس ناتجاً عن جهود شعبه، مشيراً إلى نمط التّهجير الذي يرضي طبقة معيّنة في هذا البلد.
أمّا عن كيفية حماية المستهلك نفسه من سلبيات القروض وأعباء التقسيط، فأصر الدكتور برّو على استشارة محامٍ إنْ لم يكن العقد واضحاً، فهذا حق له لتفادي الوقوع تحت وطأة ضغوطات الدفع والقلق النفسي، وألا يتردّدوا في الاتصال بجمعية حماية المستهلك في حال صادف أي مشكلة في موضوع العقود مع الشركات او المصارف.
دوافع القروض
أما عن الدوافع وراء القروض، فأكد بنك عودة أنّ «العميل يطلب قرضاً من المصرف عند احتياجه لشراء بيت أو سيّارة، لتجديد بيته أو للقيام بمشتريات ضروريّة أخرى، من أهمّ الدوافع التي تشجّع العملاء على طلب قرض هي نوعيّة القروض المتوافرة والمجزّأة والمرتكزة على حاجات كلّ عميل. فضلاً عن ذلك، يقدّم المصرف منتجاته من خلال عدّة قنوات تواصل ما يسهّل عمليّة مراجعة الميزات وطلب القرض المناسب له».
وبشأن الشروط المطلوبة للحصول على القرض، أوضح بنك عودة أنّه «يجب ألاّ يتخطّى عمر العميل عند استحقاق القرض 69 سنة لأصحاب المهن الحرّة و64 عاماً للعملاء العاملين، ويختلف الحدّ الأدنى للدخل حسب المنتج وخلفيّة العمل، أمّا الحدّ الأدنى، فهو 800000 ل.ل»، مشيراً الى انه «يجب ألاّ تتجاوز ديون الأسر نسبة عبء 35% من قيمة السند للقرض السكني. أمّا النسبة للقروض الأخرى، فهي أيضاً 35%، بحيث لا يتجاوز إجمالي القروض 45٪. يجب أن يتمتّع العميل بسيرة مديونيّة سابقة «نظيفة» مع كلّ المصارف».
وبحسب بنك عودة، فإنّ الإقبال على القروض المصرفية يبقى بالدرجة الاولى على القرض الشخصي، الذي تصل مدّته إلى 5 سنوات بفائدة تنافسيّة وشروط مرنة، يليه قرض السيّارة بفوائد تنافسيّة مدروسة وموافقة سريعة لتلبية حاجات وإمكانيّات المجتمع، وتأتي بعدها قروض السكن والمؤسسات والمشاريع.
وعن المشاكل التي يواجهها المصرف مع العملاء، هي تقديم وثائق تثبت بعض المعلومات المعلنة التي قد يكون من الصعب توفيرها بسهولة، مثل وثائق تصديق دخل الأشخاص العاملين لحسابهم الخاصّ والتي تكون مداخيلهم نقداً.
في حال تعثّر العميل في تسديد القرض يلجأ المصرف إلى طرائق عدّة لتحصيله، أوّلها تذكير العميل عن طريق مكالمة هاتفية، من ثم إيجاد حلول مع العميل لتسهيل الدفعة الشهريّة وتمكينه من تغطية المستحقّات، ويستمر المصرف في الاتصال بالعميل، ساعياً إلى إيجاد حلول إيجابيّة، وإذا لم تنجح المساعي السابقة، تنطلق عند ذلك الإجراءات القانونيّة.
التقسيط هو الحل
*وفي السياق، دخل ثنائي الحياة الزوجية حديثاً، ولم يجدا حلاً للزواج إلا عبر التقسيط، حالهما كحال كثر من المقبلين على الزواج في لبنان، جمعا إيفادات عملهما، وتوجّها إلى مصرف يقدّم عروضا أكبر، بعدما كان خالد. خ. قد استحصل على قرض من الإسكان لشراء منزل الزوجية، و»سبحة القروض» كرّت مع تقسيط أثاث المنزل والسيارة، حتى وجد نفسه تحت ضغط لا يوصف، مشيراً إلى أنّه يحسب المصروف على «الورقة والقلم»، كي لا يتأخر في تسديد أي قسط ويقع بعدها تحت وطأة الفائدة على الفائدة.
*بدوره، ولتأمين تكلفة دراسة أولاده، لجأ عدنان. ب، إلى سحب قرض التعليم، بعدما كان أخذ عدّة قروض مصرفية لتسيير أموره، وإشباع رغبات عائلته التي تتأثّر بشكل كبير بالإعلانات، ونمط حياة من حولهم، مؤكداً أنّ أكثر من نصف المدخول يُصرف على تسديد اللقروض و»الكمبيالات».
الوعي مختصر الحل
إذاً، يتّضح أنّ الدراسة الإيجابية تأتي بالنتيجة الإيجابية، فإنْ كنت تفكر بشراء منزل أو سيارة أو أي سلعة استهلاكية وليست لديك القدرة لعدم توافر السيولة، ووجدت أنّ القروض المصرفية طريقًاً لتلبية حاجاتك وتيسير أمورك ؟!… يمكنك أن تستفيد من الموضوع، ولكن الأمر دقيق والمطلوب معرفة ماهية الفؤائد والمضار منه، وما عليك الا ان تكون واعياً ومدركاً للموضوع جيداً، وقادراً على تحمّل المسؤولية عبر خطة لإدارة وضعك المالي، وأن توازي حملك ما بين المدخول والمصروف، وتحسب لحالة الطوارىء لعدم الوقوع في معاناة وازمة اكبر، كزيادة نسبة الديون وتقع تحت الإجراءات والملاحقة القانونية في حال عدم القدرة على تسديد المبلغ!.