الأسبوع الماضي شهد الكثير من الحماسة لدى متداولي أسواق العملات، فقد انخفض الين الى أدني مستوياته في ثلاثة أسابيع مقابل الدولار، والكندي صعد الى أعلى مستوياته منذ يوليو مع ارتفاع أسعار النفط، والجنيه الإسترليني كان الأفضل أداء أمام العملات الرئيسية، اما اليورو فبقي عالقا في نطاق 1.1150 – 1.1450. الآن حيث اجتماع البنك المركزي الأوروبي أصبح خلفنا، ستتوجه الأنظار إلى اجتماع لجنة السوق المفتوحة للفدرالي الأمريكي وبنك اليابان لإشارات جديدة.
مؤشر الدولار، الذي كان في اتجاه هبوطي منذ شهر نوفمبر تلقى بعض الدعم ليصعد خلال الجلسات الثلاث الماضية. هذا التحرك لم يكن مرتبطا بأساسيات الاقتصاد الأمريكي، حيث لم يفرج عن بيانات مؤثرة على تحرك العملة، انما عوامل الأسواق الأخرى لعبت هذا الدور. للاستمرار في التوجه الصاعد، الدولار بحاجة الى دلائل صلبة لتعكس توقعات المستثمرين نحو المزيد من الرفع للفائدة الامريكية خلال هذا العام. الظروف الاقتصادية المتاحة حاليا لا تسمح للفدرالي بالمخاطرة في تشديد السياسة النقدية في اجتماع يوم الأربعاء. ولكن التركيز سيكون على لهجة البيان المصاحب للاجتماع وخصوصا احتمالية التراجع من مخاوف المخاطر الناجمة عن الظروف الاقتصادية العالمية. بحسب العقود الآجلة، المستثمرون يتوقعون رفع أسعار الفائدة فقط لمرة واحدة هذا العام مع احتمالية الرفع في شهر يونيو تقف عند 20.6%. أما التعليقات الأخيرة من أعضاء الفدرالي تشير إلى أن توقعات السوق لأسعار الفائدة متشائمة جدا. فاذا نجح الفدرالي يوم الأربعاء في اقناع السوق حول قدرته على رفع معدلات الفائدة مرتين هذا العام سنشهد استمرار لارتفاعات الدولار أمام سلة من العملات الرئيسية. على صعيد البيانات الاقتصادية نحن على موعد مع صدور الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد الأمريكي يوم الخميس، ومن المتوقع أن تشير الأرقام الى تراجع في النمو من 1.4% في الربع الأخير من العام الماضي الى نمو بنسبة 0.7% فقط للربع الأول. على الرغم من تراجع النمو فإن المخاوف من ركود اقتصادي التي أثيرت في وقت سابق من هذا العام كان مبالغا فيها.
بعد يوم من اجتماع اللجنة الفيدرالية، ستتحول الأنظار الى بنك اليابان المركزي. يوم الجمعة الماضي ذكر تقرير بأن البنك المركزي يدرس تطبيق أسعار فائدة سلبية في برنامجه لإقراض المؤسسات المالية، في محاولة مماثلة لبرنامج TLTRO المتبع من قبل البنك المركزي الأوروبي لتحفيز الإقراض لدى البنوك. وعلى غرار البنوك المركزية المتقدمة، فان السياسة النقدية المتساهلة التي طبقها بنك اليابان فشلت حتى الآن في تعزيز توقعات التضخم والنمو. والعامل الضاغط الاخر هو الارتفاع الذي شهده الين الياباني في الفترة الأخيرة، حيث أن صافي المراكز الشرائية للين أمام الدولار وصلت الى مستوى قياسي وفقا لأحدث بيانات من هيئة تداول السلع الآجلة. يبدو بأن احتمالية التحرك من قبل البنك المركزي للإعلان عن حزمة جديدة من التسهيل كبيرة جدا، مما سيؤدي لتغطية الصفقات الشرائية المفتوحة على الين قبل الاجتماع، أما تحرك العملة عند صدور القرار من الصعب توقعه.
الجنيه الإسترليني تفوق على جميع العملات الرئيسية الأسبوع الماضي، حيث ارتفع بنسبة 1.4٪ مقابل الدولار الأمريكي. ويعزى هذا الارتفاع الى استطلاعات الرأي الأخيرة التي تدعم حملة لبريطانيا بالبقاء في الاتحاد الأوروبي، كما كان للرئيس الاميركي باراك أوباما دور في التأثير على الاستطلاعات الاخيرة. سيتم الإفصاح عن الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد البريطاني يوم الأربعاء حيث أن المخاوف من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أثرت على مستويات النمو التي من المتوقع أن تتراجع بنسبة 0.2% من 0.4% المسجلة في الربع الأخير من العام الماضي. بيانات النمو قد تخلق بعض التقلبات في العملة، انما إذا استمرت استطلاعات الرأي بالانسياق الى بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي فمن المرجح استئناف صعود الإسترليني والقدرة على اختراق الحاجز النفسي عند 1.45 مقابل الدولار.