IMLebanon

البترون: حربٌ على حرب

 

TourismBatroun

 

 

كتبت ليا القزي في صحيفة “الأخبار”:

يسعى التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية إلى تأليف لوائح مشتركة في معظم بلديات قضاء البترون. توافقا مع كلّ المكونات الحزبية في المدينة، واتفقا على كسر احتكار الوزير بطرس حرب لمنطقة تنورين، تحت لواء إنماء المنطقة المحرومة. لا يقطعان الباب على التوافق، ولكن وفق شروطهما. في المحصّلة «تحالفنا أبعد من البلدية»

عشر دقائق تأخير على الموعد مع رئيس بلدية البترون مارسيلينو الحرك، كفيلة بأن تجعله يهم بمغادرة المكتب: «هلكان صار إلي من الساعة 7.30 الصبح». التعب ناتج من الاستعدادات التي رافقت إطلاق مشروع فرز النفايات من المنازل في المدينة الجمعة الماضي.

الخطوة ليست جديدة، كما يقول الحرك، «نحن نفرز نفاياتنا، لكننا حالياً نُركز على تشجيع الفرز من المصدر». في عاصمة قضاء البترون، ما من قصر بلدي. المركز البلدي يقع في الطابق الثاني من أحد المباني. العلم على الشرفة، يدلّ إليه.

قبل عشر سنوات تقريباً، كانت البترون على رأس لائحة السهر والسياحة. الشباب يسهرون في نواديها. السيّاح لا تنتهي زياراتهم إلى لبنان قبل تذوق ليموناضة «حلمي» الشهيرة. مدينة كلّ زواريبها الضيقة تؤدي إلى البحر. سورها «العظيم» حماها من الغزاة، وبيوتها المرممة حولتها إلى لوحة بألوان طبيعية. إلا أنّ كلّ ذلك كان قبل عشر سنوات. معالم البترون لم تتغير، لكنها عجزت عن اللحاق بركب التطور الذي أصاب مناطق أخرى. «الريّس» مارسيلينو لا يُحب أن تُشبّه مدينته بأي مكان آخر: «لدينا أهمّ المهرجانات ومياهنا هي الأنظف. عملنا أكبر من حجمنا». العمل مثلاً هو «إنشاء بنية تحتية للصرف الصحي وإطلاق مشروع فرز النفايات… البترون مش ناقصها شي إلّا المستثمرين». يوضح أنّ «وظيفة البلدية هي إعداد البنية التحتية وإيجاد المستثمرين للمشاريع الجديدة، كتشييد مركز تجاري ضخم». الموقع الجغرافي للبترون بعد جسر المدفون «يؤثر سلباً فينا وفي حجم الرأسمال». برغم ذلك، يرفض الحرك واقع أنّ المدينة تراجعت، «كانت هناك موجة اسمها الملاهي الليلية، تغيّر الوضع في كلّ لبنان». برأيه، المقارنة لا تجوز ببقية البلدات التي يعيش فيها مئات الآلاف من السكان، «فيما في البترون لا يتجاوز المقيمون الـ35 ألفاً، وسوقها التجاري يتّكل عليهم».

أصوات عدّة ترتفع مُستنكرة عدم النشاط الخدماتي للحرك. فيما البعض الآخر يلقي المسؤولية على اتحاد البلديات الذي لم يصرف الاعتمادات اللازمة للبلدية، ولعدم التنسيق مع مجلس الإنماء والإعمار «الذي كان يضع الخطط ويعجز عن تنفيذها لعدم درايته بالواقع». إلا أن كل القوى السياسية ارتأت التوافق على الحرك رئيساً للبلدية للمرّة الرابعة. «مستمرون في التحالف الذي أقمناه عام 2010. سيُستبدَل بعض الأعضاء لأننا دائما بحاجة إلى أصحاب اختصاصات مختلفة»، يقول الحرك، الذي لم يلمس وجود أي محاولة حركة اعتراضيّة عليه. صديق النائب سليمان فرنجية، يرتاح له حزب الكتائب ولا يُمانع التحالف معه. خصومته السابقة مع الوزير جبران باسيل لم تمنع إلتقاءهما قبل 6 سنوات، وها هو اليوم يؤكد «وجود خط سياسي واحد يجمع بيننا. أنا لا أكون ضدّ أحد يريد أن يخدم مدينته. لا تكترثي للثرثرة في الشارع». حتى القوات اللبنانية باتت تراه الأوفر حظا للتفاهم معه على خطّة إنمائية.

يضم قضاء البترون 29 بلدية بدأت تستعدّ لخوض الانتخابات، «معظمها بلدات صغيرة لذلك تلعب العائلات فيها»، إستناداً إلى النائب سامر سعادة. لذلك يترك حزب الكتائب القرار «لأهل مكة الذين هم أدرى بشؤونها. المهم ألّا يُغيّبنا أحد». من أبرز البلديات التي ستشهد منافسة تنورين، حيث تسعى ثنائية القوات ــ التيار إلى تأليف لائحة ضدّ لائحة الوزير بطرس حرب، مُطعمة بشخصيات مستقلة. إلا أن الحزبين لم يجدا سبيلاً لمنافسة حرب إلا بالسلاح العائلي نفسه: ترشيح العميد أيوب حرب إلى الرئاسة، تحت عنوان إنمائي. في المقابل، لم تكتمل ملامح اللائحة التي يدعمها حرب. يوضح في اتصال مع «الأخبار»: «ندعم رأي الناس ونترك لهم حرية الاختيار». هو يدعو إلى التوافق: «يدي ممدودة وأنا ناطر». ولكن تنورين لن تكون استثناءً، إذا لم تُعمم قاعدة التوافق على كلّ البلديات في القضاء «نحن ديمقراطيون والاستحقاق نخوضه بكلّ مسؤولية». وعلى الرغم من أن مُنسق التيار الوطني الحر طوني نصر يرى أنّ المعركة في تنورين «سياسية لا عائلية، لأننا لا نريد إلغاء العائلات»، إلا أنه بالنسبة إلى حرب «هم يعملون على الجانب العائلي ليواجهوا العائلية المنسوبة لنا». مع التشديد على «الحلف مع القوات الذين لم نختلف معهم بعد حول المبادئ». يلتقي تيار المردة مع حرب في الدعوة إلى التوافق. يقول المرشح إلى النيابة المحامي وضاح الشاعر إن «المردة سيكون جزءا من الإئتلاف إذا حصل. أما في حال وجود معركة، فلم نأخذ قرارنا بعد».

في شكا تحاول القوات اللبنانية، إستناداً إلى المعلومات، تأليف لائحة برئاسة منسقها السابق شفيق نعمة، الذي استقال من منصبه لهذه الغاية. هدفها إقامة تحالف من كل الأحزاب والفعاليات المناطقية لمواجهة رئيس البلدية الحالي، صديق فرنجية المقرب، فرج الله الكفوري. إلا أنّ عناصر المعركة ناقصة في شكا. بعد تصالح الكفوري مع الأمين العام السابق للكتائب ميشال خوري، يستبعد النائب سعادة حصول معركة. وداخل التيار الوطني الحر رأيان: الأول يرغب في التحالف مع القوات، والثاني لا يرى ضرورة للصدام مع الكفوري. فيما نصر يتحدث عن «اختيار القاعدة العونية لفرج الله». في كفرعبيدا أيضاً من المتوقع أن يكون للقوات و«التيار» لائحة ضد الرئيس الحالي طنوس فغالي. وهنا واجهت القوات مشكلة، إستناداً إلى أحد المسؤولين الحزبيين، «بعدما هدد عدد من حزبييها بتسليم بطاقاتهم اذا لم يُؤخذ برأيهم غير المعارض لفغالي».

في إحصاء سابق لشركة «الدولية للمعلومات»، أتت الأرقام في البترون لمصلحة «الثنائية المسيحية. لأن التحالف أبعد من البلدية، هو على مستوى وطني». لا يستبعد منسق القوات الجديد عصام خوري ذلك: «من الصعوبة بمكان أن نخسر، وفي البلدات التي لن نربحها سنُؤلف لجنة ظل لتراقب عمل المجلس البلدي». يجلس الرجل في مكتبه في كفرحلدا مرتاحاً للتفاهم مع التيار الذي بُني «على أساس تقديم الأفضل للانتخابات البلدية». دائرة التواصل «ستتّسع ولدينا استعداد لضم الكفاءات حتى لو كانت خارج إطارنا». أما بالنسبة إلى الوزير حرب، «فالتواصل الانتخابي جرى منذ نحو 3 أسابيع، وفوجئنا بالطريقة التي تعامل بها معنا، خلافاً لما يُعرف عن دماثة أخلاقه». فالحليف «السابق» للقوات «يريد أن يتحالف معنا كعائلات لا كحزب». يؤكد خوري: «لن نعطي شرعية حزبية لتوافق من دون سياسة إنمائية». حليفه الجديد، التيار الوطني الحر، يعزف على الوتر نفسه: «التيار في تحالف عريض مع القوات يشمل كل المناطق»، يقول نصر. التنافس الانتخابي «على قاعدة الإنماء لا لإلغاء أحد». ولكن ما من تواصل مع «المردة» على مستوى مسؤولي الأقضية، «نُنسق معهم في البلدات التي هم فيها». يؤكد ذلك الشاعر: «نتواصل مع الجميع، لكن ما من تواصل حقيقي مع التيار». خيار المردة هو التوافق «ولكن قبل أسبوع على الأقل لن تتضح الصورة».