تكشف اوساط دبلوماسية غربية تتابع عن كثب الشق الخارجي من الحراك على المحور الرئاسي اللبناني للوكالة “المركزية”، عن رسالة فرنسية حملها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الى موسكو ابان زيارته اليها في 17 الجاري، كان سلمها اليه الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في لقائهما في باريس عشية توجه الاخير الى بيروت، متمنيا عليه نقلها الى الرئيس فلاديمير بوتين.
وتتضمن الرسالة وفق الاوساط، استعداداً فرنسياً للتعاون مع روسيا من أجل تسهيل مساري التسوية للازمة السورية والاستحقاق الرئاسي اللبناني استنادا الى قناعة تولدت من المعطيات المتراكمة خلال العامين الماضيين بان فك عقدة الاستحقاق مرتبط ببلوغ التسوية السورية خواتيمها في المفاوضات، ويقترح هولاند للغاية مدّ باريس بالدعم المعنوي الروسي بعد الرعاية الاميركية للانطلاق مجددا في مبادرة تعبيد الدرب الرئاسي اللبناني عبر الحراك الاقليمي الذي لم يحرز في المرحلة الماضية اي تقدم، بفعل التصلّب الايراني والاصرار على الجواب نفسه عند كل مراجعة، منذ الزيارات الخماسية لمدير دائرة الشرق الاوسط وشمال افريقيا في وزارة الخارجية جان فرنسوا جيرو “راجعوا حزب الله …نحن لا نتدخل في الشأن اللبناني”.
وتتقاطع الرسالة الفرنسية في مضمونها مع أخرى كان أرسلها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الى بطريرك موسكو وسائر روسيا كيريل تمنى فيها بذل أقصى الممكن وتوظيف طاقات وقدرات وعلاقات روسيا الاقليمية من اجل تسهيل انتخاب رئيس جمهورية ، فأوفد على اثرها الرئيس بوتين مساعد وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف الى ايران لاستطلاع الاجواء وتلمّس مدى الاستعداد للتجاوب مع التمني الروسي، بيد انه فوجئ بحزمة شروط ومطالب اقليمية وضعتها طهران على الطاولة مقابل فك أسر رئاسة لبنان.
وتتوقع الاوساط، التي تؤكد ان الجواب الروسي على الرسالة الفرنسية بقي طي الكتمان، ان ينطلق الحراك الفرنسي على خط الوساطات الاقليمية مجددا، على رغم بعض المواقف الداخلية البالغة التشاؤم وابرزها من حزب الله الذي قال نائب امينه العام الشيخ نعيم قاسم ” ان ازمة الرئاسة طويلة جدا”، وتشير الى ان فرنسا وروسيا بالتعاون والتنسيق مع الكرسي الرسولي يعدون “شيئا ما” قد يفرج عن الاستحقاق في وقت غير بعيد، وتلفت في السياق الى زيارة السفير البابوي في لبنان غابريال كاتشيا الى الفاتيكان وتدرجها في خانة التشاور في “هذا الشيء”.
وتعزو الاوساط “الهَبّة” الدولية لانقاذ لبنان من براثن فراغه الرئاسي الى ارتفاع منسوب الخشية من تفجير أمني قد يهز لبنان برمته في المرحلة المقبلة، اذا ما استشعرت بعض الجهات الاقليمية انها لم تعد تملك من اوراق الضغط لتحصيل مكاسب سياسية في التسويات الجاري العمل عليها في المنطقة الا ورقة “امن لبنان”، بحيث لن تتوانى آنذاك عن المغامرة بآخر اوراقها ، وقد تستخدم خاصرة المخيمات الفسطينية الرخوة للولوج الى تنفيذ مخططها، وهذه النقطة بالذات شكلت محور نقاش واسع خلال لقاء هولاند ـ عباس الاخير. بيد انّ مسؤولاً امنياً لبنانياً رفيعاً اكد لـ”المركزية” ان الاجهزة العسكرية والامنية كافة في كامل جهوزيتها لمواجهة ومجابهة ايّ محاولة من هذا النوع.