تقرير رولان خاطر
11 عاماً مرّت على 26 نيسان 2005، تاريخ انسحاب الجيش السوري من لبنان. هو إنجاز تحقق نتيجة مقاومة امتدت لأكثر من ثلاثين عاماً، قدّم خلالها المسيحيون تضحيات لا حدّ لها، من أجل “لبنان الكيان”، ومن اجل أن تبقى الحرية مصانة في لبنان. خيرة شباب المقاومة اللبنانية، رووا بدمائهم أرزة الاستقلال كي نبقى ونستمر.
والعام 2005، لم يكن منفصلا أبداً عن المرحلة السابقة، فجاء اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في 14 شباط ليفجّر الإرادة الوطنية الجامعة بوجه النظام السوري وممارساته في لبنان، وكان شرارة أساسية لثورة الأرز التي كانت لها مساهمة مباشرة بإخراج الجيش السوري من لبنان، ولإحياء الشراكة المسيحية – الاسلامية من جديد، تحت قسم شهير، “مسلمين ومسيحيين، موحدين، إلى أبد الآبدين”…
ولأن الشباب هم نبض الثورة، كان للمنظمات الشبابية في ذلك الوقت، الفضل الأكبر في الانتفاضة والحركة الاستقلالية التي تحققت، وفي ذكرى انسحاب السوري من لبنان، دعوة من هؤلاء الشباب لقياداتهم، يُختصر بعنوان واحد… “عودوا إلى روحية ثورة الأرز، عودوا إلى الخيم”…
رئيس مصلحة طلاب “القوات اللبنانية” آنذاك دانيال سبيرو، أكد لموقع IMLebanon، أنّ 14 آذار مرّت بخيبات متتالية، إنما تبقى 14 آذار التي قاومت الاحتلال السوري، مشروع لبنان السيد الحر المستقل، ومشروع بناء الدولة الفعلية، الدولة التي تؤمّن لكل لبناني إلى اي فئة انتمى، امنه وكرامته وحريته والعيش بأمان. دولة تحدّ من هجرة الشباب اللبناني للمحافظة على طاقات الشباب من أجل مستقبل لبنان.
باختصار هذه هي أمنيتنا، وهي هذه 14 آذار. هذا المشروع الذي تحارب من أجله القوات، المطلوب أن نتوحد كلبنانيين لتنفيذه لأنه المشروع الوحيد الذي يشكل خلاص الوطن.
رئيس لجنة الشباب والشؤون الطلابية في “التيار الوطني الحرّ” آنذاك رولان خوري، اعتبر أن النضال الذي خاضه الشباب في ذلك الوقت لم يذهب هدراً، بل اصبحنا بلدا سيّداً حراً مستقلا، والجيش اللبناني يبسط سلطته على كل الأراضي اللبنانية. وما تحقق في 26 نيسان إنجاز كبير بعد سيطرة النظام السوري على كل لبنان.
وأسف خوري لأنه تبين أن ليس النظام السوري وحده يتحمّل مسؤولية ما آلت اليه الأوضاع في لبنان، بل إن الذهنية السياسية الموجودة حالياً لدى بعض السياسيين تساهم بالخيبات التي تصيب اللبنانيين اليوم.
ويعتبر خوري ان الحركة الشبابية لا يجب أن تتوقف عن المطالبة بالثورة، لأنه عندما تتوقف حركة الشباب هذا يعني أننا ذاهبون نحو كارثة.
أمين عام منظمة الشباب “التقدمي الاشتراكي” السابق ريان الأشقر، اعتبر ان 26 نيسان 2005 هو استكمال للاستقلال الأول الذي أنجز في العام 1943، وسُمي بالاستقلال الثاني بعد خروج الجيش السوري من لبنان، لكن للاسف، ان ما احتفلنا به في 26 نيسان لم نستكمله ببناء دولة حقيقية، سيدة حرة مستقلة، ليس فقط بخروج الجيش السوري، بل لم ينجز نتيجة تدخل غالبية الدول المجاورة بشؤون لبنان، إضافة إلى الأحداث الداخلية التي تركت البلد في اللااستقرار.
الأشقر اسف لأننا لم نتمكن حتى الآن من تحقيق شعار “بناء الدولة”، معتبراً أن هناك خيبة أمل كبيرة لدى الشباب اللبناني على مستويات عدة.
دعوة الأشقر للقيادت اللبنانية، الحوار حول مجموعة من العناوين، أهمها انتخاب رئيس للجمهورية، بناء الدولة، محاربة الفساد، ومحاربة الارهاب، وإعادة لبنان لموقع متقدم، ولمنارة الشرق كي يعود الايمان للشعب اللبناني ببلده، ويتوقف نزيف الهجرة إلى الخارج، ويشعر الشباب اللبناني بالانتماء لوطن يأملوا به ويعيشوا فيه بكرامة.
رئيس مصلحة طلاب “الحركة الاصلاحية الكتائبية” آنذاك (مصلحة طلاب الكتائب حاليا) إدغار بركات، أكد لـIMLebanon، أن 26 نيسان 2005 حالة فريدة في التاريخ اللبناني لم يستطع المجتمع اللبناني ان يستثمرها، وهي كانت تتويجاً لمرحلة الحرب الأهلية بعد خروجنا عن الوصاية.
بركات، أسف لأننا لم نتعلم من التجربة، ولأننا لا زلنا بعيدين عن حالة 26 نيسان 2005، وعن هدفها، وبات مجتمعنا يعيش في حالة من الرخاء والغيبوبة.
وشدد على ضرورة أن يكون هناك دور أكبر للمجتمع المدني، ويجب أن ينتفض المثقفون الذين يعطون الشرارة للشباب كي يدخلوا في حركة تغيير.
نائب رئيس شباب “المستقبل” آنذاك سمير العشّي، قال لموقعنا: “إن 26 نيسان 2005، تاريخ خروج آخر عسكري سوري من لبنان، تاريخ عظيم لا يُنسى، ويبقى في وجدان كل الشباب والشعب لبناني، وهو تاريخ نفتخر به لأنه أتى نتيجة ثورة قام بها الشعب اللبناني الذي نزل إلى ساحة الحرية.
العشّي، أعرب عن غصة كبيرة نتيجة التفاوت بين 26 نيسان 2005 و26 نيسان 2016، فالطموحات آنذاك كانت كبيرة، والحلم كان عظيماً. حلمنا بثورة، تُغيّر النظام الطائفي، وتصون الحرية في لبنان، لكن الخيبة كانت أكبر، لأن 14 آذار أصبحت مجموعة كيانات طائفية، تفتقد إلى المشروع المشترك، وشعار “العبور إلى الدولة”، بقي مجرد شعار، ولم يُنفذ، ولم تكن 14 آذار على مستوى طموحات شباب ثورة الأرز، بعد كل التحديات والصمود في وجه الآلة السورية والنظام الأمني اللبناني – السوري.
إحباط كبير يصيبنا اليوم، كما قال العشي، فنحن ممّن يؤيدون سياسة اليد الممدودة، لكن أن نرى مرشحي 14 آذار للرئاسة من 8 آذار، فهذا بالتأكيد يصيب بـ”الاحباط”.
وأضاف: “إذا كان هناك من لديه قدرة تغيير هو الشباب اللبناني. والدعوة في هذه المناسبة، أنه كما توحد الشباب في 14 شباط و14 آذار 2005 ونزلوا على الأرض في مواجهة الجيش السوري ومخابراته حاملين العلم اللبناني، يجب أن ينزل الشباب اليوم إلى الأرض لمواجهة السلاح غير الشرعي لـ”حزب الله”، الذي يصادر قرار لبنان، لصالح إيران، ويؤخر التطور الديموقراطي في البلد.
“على الشباب التحرك والصمود لتحقيق كل ما حلمنا به. رئيس الجمهورية يجب أن ينتخب بضغط شبابي على الأرض، على مجلس النواب، وعلى بيوت النواب، وأمام مقرات الأحزاب التي تعطل الانتخابات الرئاسية، فالشباب قادرون على تحقيق الحلم.
رئيس منظمة الشباب وطلاب “حزب الوطنيين الأحرار” آنذاك إدوار شمعون، أكد أن مقاومة الاحتلال السوري بدأت قبل 26 نيسان 2005 الذي بات تاريخاً مهماً في الروزنامة اللبنانية. كما أن اغتيال الرئيس رفيق الحريري وتغيير مسار شريحة كبيرة من المجتمع اللبناني، التي كانت تطل بخطاب سياسي مختلف عن بقية اللبنانيين لتتبنى خطابا وطنيا أوسع في وقت لاحق، يشكل أيضاً لحظة تاريخية مهمة في تاريخ لبنان.
شمعون أسف لما يحصل في 14 آذار، فهي التي أتت كردة فعل على 8 آذار، أصبحت اليوم تتحالف معها.
عشنا وحدة وطنية استثنائية، مشهد وطني قد لا يتكرّر، خصوصاً ان مثل هذه الثورات لا يمكن تحقيقها في لبنان، لكن التدخلات السياسية والمصالح الآنية غيّرت مسار الأمور.
شمعون تمنى أن يكون هناك خطاب واضح وبرنامج واضح، ووضع رؤية مشتركة للمنظمات الشبابية من أجل مستقبل لبنان.
لسان الشباب اللبناني يختصر معاناة واحدة ويأسف لأن 14 آذار لم تكن على مستوى الحلم. وهم كأنهم يقولون لجيل اليوم، “عودوا إلى الخيم”، عودوا إلى ساحة الحرية، الساحة التي انطلق منها الاستقلال الثاني. لا مزيد من المعاناة، والاحباط، والخيبات، والدموع. لم نناضل كي نشهد على وطن يحتضر. فإذا كان التغيير يتطلب ثورة أرز جديدة، فلتكن ثورات أرز لا نهاية لها، حتى تحقيق كامل السيادة والحرية والاستقلال للبنان.