كتبت ميرفت سيوفي في صحيفة “الشرق”:
بعد أربعة وثلاثين عاماً على اغتياله، ما يزال الرئيس الشيخ بشير الجميّل يخيفُ كثيرين، فما حدث بالأمس في حرم الجامعة الأميركيّة لا يُستهان به، لأنّه إصرارٌ على قتل رئيس استثنائي عرفه اللبنانيون في زمن حربٍ إستثنائيّة…
ومشهد الأمس يشبه عشيّة العام 1976 تاريخ تأسيس الشيخ بشير الجميّل للقوات اللبنانيّة، التي خاضت حرباً ضروساً دفاعاً عن لبنان الــ 10452 كيلومتراً مربعاً، والذين كانوا ضدّ لبنان ومتآمرين عليه ما يزالون هم أنفسهم، سواء فيهم الذين وقفوا مع الاحتلالات “الناصريّة” و”البعثيّة” من الأحزاب التي رُخّصَ لها على أنّها لبنانيّة وهي لا تعترف بلبنان وطناً سيّداً مستقلاً، أو كأنّ المشهد الذي رأيناه بالأمس هو عشيّة ذلك اليوم المشؤوم من نيسان العام 1994 عندما مشى الدكتور سمير جعجع بقدميه إلى زنزانة وزارة الدفاع ليقبع لبنان كلّه ورسميّاً وبرضى الدولة ودول العالم العربي ودول العالم في سجن الإحتلال السوري الرّهيب!!
ما حدث بالأمس خطير، وخطير جداً، هناك من لا يزال مصرّاً على خيانة لبنان، وقتل رموزه، ولا فرق هنا بين بشير الجميّل أو المفتي حسن خالد أو الشيخ صبحي الصالح أو الرئيس رينيه معوّض أو الرئيس رفيق الحريري، القاتل واحد، وأذرع القاتل ما زالت هي نفسها التي لا تعترف بلبنان، بل وتعتبره كياناً مصطنعاً، ما حدث بالأمس من إحراق لصور الرئيس بشير الجميّل ومنع الطلاب من الاحتفال بيوم بشير الجميل، وهو يوم انتظره الشعب اللبناني طويلاً، يومُ خروج الاحتلال السوري ذليلاً من لبنان، ما جدث بالأمس لا يقبله مواطن لبناني واحد من الذين احتشدوا في ساحة الحريّة في 14 آذار العام 2005 وأخرجوا بهتافهم على مرأى العالم الاحتلال السوري من لبنان.
يستحقّ بشير الجميّل كلّ التكريم من اللبنانيين جميعاً، فلولا هذا الشاب الذي حمل السلاح باكراً ليدافع عن الوجود المسيحي في لبنان وعن لبنان الوطن السيّد الحرّ المستقبل، لربّما كنّا اليوم لاجئين في منافي العالم مطرودين من لبنان، ولولا القوّات اللبنانيّة لما كان هناك اليوم لبنان، وهذا كلام نعرف أنّه ثقيل على قلب الذين ارتهنوا لكلّ الاحتلالات التي مرّت على لبنان، وتآمروا على وطنهم وضحكوا على السُذّج من المواطنين المسلمين البسطاء بمقولة أّنها حرب المسيحي على المسلم، مع أنّها كانت حرب الفلسطيني على اللبناني، وحرب السوري على اللبناني، وحرب الإسرائيلي على اللبناني، واليوم هي حرب الإيراني على اللبناني والسوري والعراقي واليمني والكويتي والبحريني والسعودي وما شئتم من دول المنطقة!!
وحرب الإيراني على اللبناني اليوم وإن اتّخذت أمس صورة الحرب على بشير الجميّل وسمير جعجع والقوات اللبنانيّة عبر غطاء الحزب القومي السوري، فإنّ حقيقتها موجودة وفاضحة في رسالة التأسيس لـ”حزب الله” التي أعلنها من حسينية الشيّاح إبراهيم أمين السيد في يوم 16 شباط 1985، تلك الرسالة التي أعلنت “عداوة حزب الله للنظام الكتائبي المجرم وللكتائبيين العملاء، وللمتحالفين مع إسرائيل الذين حوصروا في دير القمر” (القوات اللبنانية)، ووصفت الرّسالة بشير الجميل بـ”الجزّار” و”المقبور” الذي “نصّبت” أميركا شقيقه أمين من بعده”!!
لا يُضيعنَّ أحدٌ البوصلة وينشغل بأصغر صغار أعداء لبنان والمتآمرين عليه، فالدّماء التي قدّمتها القوّات اللبنانيّة على مذبح لبنان هي حارسة الجمهوريّة، وحارسة الشعب اللبناني، وحارسة لبنان، ما حدث بالأمس في الجامعة الأميركيّة، كان ضروريّاً أن يحدث حتى يعرف اللبنانيّون أن الذين يتآمرون على لبنان ما زالوا مستيقظين يتحيّنون فرصة الانقضاض عليه وتمزيقه وإعادته هديّة لأيّ احتلال كان، والردّ على ما حدث بالأمس يجده أيّ لبناني يبحث عن تفسير لهذا الحقد الأعمى على القوات اللبنانية وعلى بشير وسمير، يجده في بضع كلمات قالها الدكتور سمير جعجع في احتفال يوم الطالب في معراب قبل أيام قليلة: “هنيئاً لحزبٍ طلابُهُ طلائعُ ورجالُهُ طلائعُ ونساؤُهُ طلائعُ وشيوخُهُ طلائعُ وشهداؤُهُ طليعةُ كلِّ الطلائِعِ وطليعةُ شهدائِهِ بشير”.
الردّ الوحيد على ما حدث بالأمس هو عهد طُلاّب “المقاومَة اللبنانيَّة” في حزب “القوات اللبنانية” هذه المقاومة مستمرّة، واستمرارها ضرورة لبقاء لبنان، وأظنّ أنّ على كلّ لبناني أن يتوقف طويلاً أمام هذا “العهد” ويتعمّق في كلّ كلمة وردت فيه لأنّه الردّ الحقيقي على الحرب المستمرة على لبنان: “نحنُ طُلاّب المقاومَة اللبنانيَّة، شِعارُنا قوّةٌ في العقيدة، عُمْقٌ في الإيمان، وصَلابةٌ في الاِلتِزام، نُعاهِدُ، كَما البارِحَة، اليَوم وغداً، نعاهدُ الشُّهداءَ والمُقاومينْ، نُعاهِدُ آباءَهُمْ وأمَّهاتِهِمْ، نُعاهِدُ كلَّ مَنْ سَبَقُونا، وكُلَّ منْ ضَحُّوا لِنَبْقى، نعاهِدُ اللبنانيينَ جَميعاً، بأنَّنا بِعِلْمِنا وَعَمَلِنا، سَنُكِمِلُ المسيرة، لِيَبْقى لبنانْ أوّلاً وأَخيراً، وَطناً نِهائياً لِجميعِ أبنائِهِ، مَرتَعاً لِلحُرِّيَّةِ وكرامَةِ الإِنسان…”.