Site icon IMLebanon

لبنان ليس بنما

TaxHaven
عزة الحاج حسن

من المرتقب أن يُدرج اسم لبنان إلى جانب كل من بنما وجزيرة فانواتو (دولة تقع في جنوب المحيط الهادئ) في اللائحة السوداء المقبلة التي ستصدرها “منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية”، بناءً على طلب مجموعة العشرين، وفق ما كشفته صحيفة “لوموند” الفرنسية الأسبوع الماضي. ويأتي ذلك بعد زوبعة “وثائق بنما”، التي فتحت ملف “الملاذات الضريبية” على مصراعيها، ومن المقرر الإعلان عن اللائحة السوداء خلال شهر تموز المقبل.

تبني “منظمة التعاون والتنمية الإقتصادية” (OECD) قرار إدراجها لبنان على لائحة الملاذات الضريبية على تقييم طبيعة التعاون المالي العالمي ومدى تعاون لبنان بتبادل المعلومات مع دولة أجنبية، وهنا ثمة سؤال حول مدى مطابقة وضع لبنان في خانة الدول التي تمثّل “جنّة ضريبية” وتسهّل أو تمهد بالتالي لتبييض الأموال كدولة بنما؟
قبل ذكر العوامل التي تُسقط عن لبنان صفة “الجنّة الضريبية” أو الولايات السرية لا بد من التطرق إلى ماهية “الجنة الضريبية”؟

“الجنّة الضريبية”هي المنطقة أو الدولة التي تفرض عدداً قليلاً من الضرائب وبشرائح منخفضة جداّ أو أنها لا تفرض أي ضرائب على الإطلاق، وعادة ما تتمتع الأنظمة المصرفية في “الجنات الضريبية” بقوانين صارمة تحافظ على سرية حسابات عملائها الأجانب، فتساعدهم على التهرب من دفع الضرائب في بلادهم. من هنا باتت “الجنّات الضريبية” تشكّل حلقة ضعف في النظام المالي العالمي، ولاسيما أنها قادرة على الخروج عن دوائر الرقابة والإنتظام المالي ويمكن أن تتسبّب بتقلبات في الاسواق المالية العالمية.

فكيف يمكن وصف لبنان بـ”الجنة الضريبية”؟ فيما الضريبة على أرباح الشركات والتوزيع تبلغ نحو 23.5 في المئة، والضريبة على فوائد الودائع تبلغ 5 في المئة، وهو ما يجعل مستوى الضرائب في لبنان مقبولاً وليس متدنياً وفق خبراء المال.

وبالنسبة إلى شركات “أوف شور”، التي تتميّز بها “الجنات الضريبية” فإنها تخضع إلى ضريبة سنوية في لبنان وإلى الضريبة على فوائد وعائدات وإيرادات الحسابات الدائنة، كما أن حساباتها تخضع لمفوض مراقب، اضافة الى تسجيلها في الدوائر الضريبية.

ولا ننسى أن السرية المصرفية لم تعد مطلقة في لبنان، إذ ترفع فوراً أمام الشبهات والشكوك حول عمليات التبييض المالي، إضافة إلى أن لبنان يطبق قانون “فاتكا” FATCA الأميركي ويتعاون قضائياً مع الدول الأجنبية.

أما عن احتمال وضع لبنان في مصاف الدول غير المتعاونة دولياً، فيرى خبراء أنه من غير الممكن وصف لبنان حالياً بـ”غير المتعاون”، ولاسيما بعد إقرار مجلس النواب أخيراً قانوناً لتبادل المعلومات الضريبية عند الطلب مع الخارج، وآخر عن إلزامية التصريح عن الأموال المنقولة عبر الحدود، ومن بينهم الدكتور أمين عواد، وهو عضو سابق في لجنة الرقابة على المصارف، فيستبعد أن يدرج اإسم لبنان في لائحة الدول غير المتعاونة، لكنه يتوقع في حديثه إلى “المدن” ان يتم الطلب من لبنان إجراء بعض التحسينات في سياق تشديد المراقبة، إلى حين صدور المراسيم التطبيقية المعنية بالقوانين المالية اللبنانية بما فيها القانون الأهم، وهو تبادل المعلومات الضريبية مع الخارج، ومن المفترض أن يوقعها وزير المال بموجب الصلاحيات الممنوحة له في هذا الشأن.

وإذ يلفت عواد إلى أن ما نشرته صحيفة “لوموند” الفرنسية مبني على وضع لبنان في فترة ما قبل إصدار القوانين الأخيرة، التي تؤكد تعاون لبنان دولياً، يجزم بأن لبنان ليس بنما.

هذا الوضع يذكرنا بالعام 2003 عندما صدر قانون مكافحة تبييض الأموال، فلبنان كان مدرجاً حينها على اللائحة السوداء للدول غير المتعاونة في مكافحة تبييض الأموال، إلى أن صدر قانون مكافحة تبييض الأموال في لبنان، حينها شطب إسم لبنان عن اللائحة السوداء، واصبح عضواً فاعلاً في منظمة “غافي” GAFI (مجموعة العمل المالي). والنتيجة أن لبنان، وفق عواد، تخطى الخطر من أن يكون على لائحة الدول غير المتعاونة.