كتبت لينا فخر الدين في صحيفة “السفير”:
لم يحل غياب رئيس المحكمة العسكريّة الدائمة العميد الرّكن الطيّار خليل إبراهيم دون سَوق أحمد الأسير إلى المحكمة أمس. الإجراءات الأمنيّة على أشدّها من مدخل المحكمة وحتى القاعة، حيث جلس إمام “مسجد بلال بن رباح” سابقاً في منتصف القاعة، محاطاً بالضباط والعسكر من كلّ جانب.
بدا الرجل نحيلاً وشاحباً. التفت إلى اليسار علّه يلمح وجه والدته أو زوجته، إلا أنّهما لم يأتيا إلى القاعة على جاري عادتهما، بعدما تبلّغا مسبقاً أنّ رئيس الهيئة الاحتياطيّة العميد أنطوان فلتاكي لن يسمح لهما بمقابلته على انفراد، كما يفعل إبراهيم. لذلك، اكتفيا باللقاء الأسبوعي الذي يحصل في الريحانية من دون عناء المشوار من صيدا إلى بيروت.
وبرغم كلّ ما يتحدّث به محامو الأسير من وهنٍ يصيب رجليه ويجعله يقع أرضاً، إلا أن الموقوف تقدّم نحو قوس المحكمة طالباً الكلام من دون أن تزلّ قدمه. بجعبته الكثير من المطالب التي تتلخّص بنقله من سجن الريحانيّة إلى أي سجنٍ آخر. هناك، حيث يمنّي النّفس بأن يخضع لمتابعة طبيّة وأن يكون بين “الإخوة” بدلاً من كونه وحيداً في الريحانيّة ويتنشّق رائحة الدّخان الآتي من خلف النّافذة.
صرخات الأسير غير مسموعة في المحكمة، ولا حتى إيماءاته وتلويحاته التي دوّخت المصلين في عبرا. لا مكان للأسير القديم، بل موقوف بالكاد يُسمع صوته الصّادر من المذياع المثبّت على المنصّة أو صوت مرفوع لطلب الكلام.
يريد الأسير أن ينظر له الجميع، إلى حالته التي لم تتغيّر كثيراً عن الجلسة السابقة منذ أكثر من أربعة أشهر، ما عدا شعر ذقنه الذي نبت ليعود “أسير عبرا”.
بالنسبة له، هناك أحد يسعى، من خلال وضعه في هذه الزنزانة، إلى أن ينتهي الأمر به ميتاً أو مجنوناً. أخذ الأسير يشرح وضعه الصحي ومعاناته مع الانخفاض الدائم لمستوى السكري بسبب عدم إعطائه معدّل “الانسولين” الذي يحتاجه جسده، وفقر دم ونقص في الفيتامين “د” وضيق في التنفّس، بالإضافة إلى عدم الالتزام بإرشادات الطبيب المعالج باتّباعه نظاماً غذائياً يناسب وضعه الصحيّ وعدم السّماح له بالخروج من الغرفة إلا مرتين أسبوعياً لمدّة لا تفوق العشرين دقيقة، ما يمنعه من ممارسة رياضة المشي الضرورية لعدم إصابته بالتجلّطات.
وتحدّث الأسير عن دواء للأعصاب طلب منه الطبيب المعالج أن يتناوله بانتظام، إلّا أنّ اللجنة الدوليّة للصليب الأحمر طلبت منه عكس ذلك.
كما أكّد الأسير أنّ طبيعة المكان في السّجن لا تناسبه من الأصل، ليردّ العميد فلتاكي مشيراً إلى أنّ الغرف في الريحانيّة هي قانونيّة وشرعيّة.
في خلاصة كلامه يريد إمام “بلال بن رباح” السابق والمتّهم إلى جانب 33 آخرين بتهمة الاعتداء على الجيش في عبرا، أن يقول جملة واحدة “أنا أموت على البطيء”.
شرح الأسير كلّ ذلك، فيما ردّ فلتاكي بالتأكيد أنّ وكلاء الدّفاع عنه سيتابعون هذا الوضع مع الجهة المختصّة، أي مفوّض الحكومة في المحكمة العسكريّة القاضي صقر صقر، قبل أن يعمد إلى إرجاء الجلسة إلى 12 تمّوز المقبل، تماماً كما أرجأ جلسة محاكمة المشاركين في معارك بحنين بعد سوق الموقوف خالد حبلص إلى المحكمة إلى الموعد نفسه.
وفي السياق عينه، يشير وكيل الدّفاع عن الأسير المحامي محمّد صبلوح إلى أنّ المدعي العام التمييزي القاضي سمير حمود سبق له أن كلّف لجنة طبيّة من المستشفى العسكري للكشف على حالة الأسير الصحيّة. وبرغم هذا التّكليف إلا أنّ أحداً من الأطبّاء لم يزره بعد في سجنه، وفق ما يقوله صبلوح لـ “السّفير”.
ويذكّر بأنّه سبق للطبيب رضوان معتوق، الذي كشف على حالة الأسير الصحيّة بناءً على تكليف من قائد الجيش العماد جان قهوجي والقاضي صقر، وقدّم تقريره بشأن خطورة وضع المرارة التي من الممكن أن تنفجر وتعرّض الأسير للخطر.
ويلفت صبلوح الانتباه إلى أنّه لم يتمّ إدخال الأسير إلى المستشفى مع أنّه يتعرّض إلى هبوط متكرّر في مستوى السكري.