IMLebanon

“وفد المصارف” ينضح أملاً!

BanksAssociation3

 

عاد وفد جمعية مصارف لبنان من زيارته إلى نيويورك وواشنطن حاملاً معه «الأمل». الجمعية حاولت استيضاح المسؤولين الأميركيين في وزارتي الخزانة الأميركية والخارجية عن البنود الاستنسابية الواردة في المراسيم التطبيقية للقانون الأميركي الذي يحظر العلاقة مع حزب الله، لكن الأميركيين لم يبدوا أي ردّ فعل بل «دوّنوا» المطالب اللبنانية واكتفوا بالطلب إلى القطاع المصرفي المثابرة على الجهود المبذولة في مجال مكافحة الإرهاب

محمد وهبة
«الزيارة إلى واشنطن كانت ممتازة». «حاولنا مناقشة المسؤولين الأميركيين في البنود الاستنسابية الواردة في القانون الأميركي ضدّ حزب الله». «قالوا إن القطاع المصرفي اللبناني شريك جديّ في مكافحة تمويل الإرهاب». «طلبوا المثابرة على الجهد المبذول». «قالوا إن القانون الأميركي لا يستهدف لبنان، بل يستهدف القطاع المصرفي في العالم كلّه وخصوصاً بعض العمليات التي تجرى في المصارف العربية وفي مصارف أميركا اللاتينية»…

هكذا عبرّ مصرفيون عن نتائج زيارة وفد من جمعية المصارف إلى الولايات المتحدة. أجمعوا على أن الزيارة جيّدة من حيث المبدأ، إلا أن نتائجها ليست واضحة بالنسبة لتطبيق القانون الأميركي ضدّ حزب الله، الذي صدرت مراسيمه التطبيقية أخيراً، لكنهم ربما سيطلعون على النتائج في خلال زيارة مساعد وزير الخزانة الاميركية لشؤون تمويل الإرهاب دانيال غلايزر إلى لبنان الشهر المقبل.

البيان الرسمي

وقد وزعت الجمعية بيانا اعلاميا حول مشاركة الوفد في في المؤتمر الذي نظّمه اتحاد المصارف العربية في مقرّ بنك الاحتياط الفيدرالي ــ نيويورك وبرعايته، كما عقدت اجتماعات مع مسؤولين تنفيذيين ومع مدراء الالتزام والتحقق في المصارف الأميركية المراسلة – بنك أوف نيويورك، سيتي بنك، جي.بي.مورغن، ستاندرد تشارترد بنك.

لكن، كان هناك ايضا اجتماعات عمل مع رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي Ed Royce، فضلاً عن لقاءات مع أعضاء بارزين في لجنتي الخدمات المالية والشؤون الخارجية ومكافحة الإرهاب في الكونغرس الأميركي، وبعضهم من أصل لبناني.

وأوضح بيان الجمعية أن «المسؤولين الأميركيين أكدوا خلال اللقاءَات، دعم لبنان وتقوية دوره كنموذج في المنطقة. وتحدثوا عن أهمية القطاع المصرفي اللبناني لكونه يشكِّل مع الجيش اللبناني عنصرَيْ استقرار البلد ومن المهم المحافظة عليهما مع تقديم كل الدعم اللازم على هذا الصعيد. وكرر الرسميون الإشادة بدور القطاع المصرفي الرائد لجهة حُسنْ احترامه للقواعد المصرفية العالمية ومنها خاصةً تلك المتعلقة بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب».

وبحسب البيان، «تمنى الوفد المصرفي اللبناني على الجهات الأميركية الرسمية أن يكون أي إجراء يتخذ في مجال مكافحة تبييض الأموال مرتكزاً إلى القواعد القانونية لجهة احترام حق المراجعة والدفاع وسلامة الأدلة. وأن لا يكون لأي إجراء تأثير سلبي على القطاع… وقوبل هذا الطرح بإيجابية من الجهات الرسمية الأميركية».

الاستنساب

تقول مصادر الوفد إن الاجتماعات واللقاءات تطرّقت إلى مسألة اساسية تتعلق بقانون حظر حزب الله، الذي صدرت مراسيمه التطبيقية أخيراً. بعض جوانب النقاش ركّزت على البنود الاستنسابية الواردة في المراسيم التطبيقية. أحد البنود تحدّث عن منح وزيري الخارجية والمالية، كلّ على حدة، حق التقرير بكل حالة من الحالات التي ترد في إطار تطبيق القانون. «القانون لم يكن واضحاً، بل كان يميع بعض النقاط بهدف ترك فسحة سياسية.

لذلك طلبت جمعية المصارف توضيح هذه النقاط الاستنسابية، وأوضحنا لهم أن القانون ومراسيمه التطبيقية كانت عمومية فيما يجب على الإدارة الاميركية المعنية بتطبيقه أن تصدر توجيهات واضحة وأن تفصل بين معاقبة حزب الله ومعاقبة الشيعة». هذه الاستنسابية ترد تحت المقطع 566.404 الذي يتحدث عن طبيعة العمليات المالية والخدماتية والعناصر الجرمية فيها، وتحديداً في الفقرة الأخيرة التي تشير إلى «عناصر أخرى يترك فيها الحرية للإدارة أن تأخذها حالة بحالة لتحديد مدى التورط».

الطلب اللبناني «دُوّن» في دفاتر المسؤولين الأميركيين من دون أي ردّ فعل مباشر منهم. لا بل توسّع النقاش في مسألة تطبيق القانون الأميركي في اتجاه الطلب من المسؤولين الأميركيين في وزارة الخزانة ووزارة الخارجية الفصل بين الافراد الشيعة وحزب الله. أحد أعضاء الوفد قال للمسؤولين الأميركيين، إنه «لا يمكن الضغط على الشيعة بهدف محاصرة حزب الله، فهذه الطائفة فيها من كل الفئات والطبقات والتوجهات الانفتاحية والمغلقة، وبالتالي فإن الضغط على مجتمع بكامله ومنعه من تأدية أعمال اقتصادية ستحدّ من إمكانية خلق فرص العمل وستزيد من الفقر الذي يعدّ البؤرة الاساسية لنموّ الإرهاب وتحفيزه. الضغط يخلق مزيداً من التطرّف».

يشير مصرفي مطلع إلى ان الوفد طرح على مسؤولي وزارة الخزانة «استشارة لبنان بالحالات التي ترى فيها الإدارة الاميركية شكاً يتعلق بتمويل حزب الله… لكن المسؤولين الأميركيين رفضوا هذا الطرح متسائلين: تريدون أن تصبحوا شركاءنا؟».

ويقول مصرفي آخر، كان من عداد الوفد، إن الزيارة كانت ممتازة وأنه لم يسجّل أي ملاحظات على أداء القطاع المصرفي اللبناني، «كل الذين التقيناهم أعربوا عن ثقتهم، مشيرين إلى أنهم ليس لديهم خوف من القطاع المصرفي». وبالنسبة الى البنود الاستنسابية «ردّ الأميركيون بالإشارة إلى أن القانون لا يستهدف لبنان، بل يستهدف كل المصارف في العالم. الأميركيون تحدثوا عن عمليات مشبوهة تجرى في البلاد العربية وفي دول أميركا اللاتينية… الاستنساب قد يكون معني به أي قطاع مصرفي في أي بلد في العالم وليس بالضرورة لبنان. في النهاية طلب الأميركيون المثابرة على الجهد المبذول من القطاع المصرفي».

موقف مصرف لبنان

النقاش لم يخرج بحصيلة واضحة ونهائية، فلا شيء نهائياً مع الولايات المتحدة الاميركية، وفق رأي مصرفيين. ما حصل عملياً، هو أن هذه الزيارة التي تأتي في إطار الزيارات الدورية للعواصم الأوروبية والأميركية، أدّت وظيفة اساسية هي «الحوار» مع الأميركيين، على حدّ تعبير مسؤول مصرفي. الحوار بات مطلوباً اليوم أكثر من أي وقت مضى، وهو الذي سيتيح للبنان التحرّك في أكثر من اتجاه. فعلى إثر صدور المراسيم التطبيقية للقانون الأميركي الذي يحظر حزب الله، قرّر مصرف لبنان أن يصدر تعميماً يرمي الى فصل الأعمال التي يقوم بها أفراد وشركات مملوكة من افراد شيعة عن موضوع حظر حزب الله. هذا التعميم سيتضمن بصورة رئيسية أنه «لا يمكن إقفال اي حساب (شركة أو فرد أو أي شخص معنوي بالمفهوم القانوني) قبل مراجعة هيئة التحقيق الخاصة وعلى أن يرفق اقتراح إقفال الحساب بكتاب معلل تبتّ فيه الهيئة. وسيتضمن أيضاً إخضاع المصارف،عند رفض فتح حساب لأي شخص معنوي (فرد، شركة، منظمة، جمعية…) إبلاغ الهيئة بأسباب الرفض وتعليلها».

عناصر التجريم

جاءت زيارة وفد الجمعية إلى الولايات المتحدة بعد زيارات لكل من وزير المال علي حسن خليل ووفد من مجلس النواب. كل هذه الزيارات جاءت متأخّرة كثيراً بسبب صدور القانون الأميركي الذي لم يعد بالإمكان تفاديه، بل هي مجرد محاولة للتخفيف من أضراره. بعض النواب وجدوا في المراسيم التطبيقية تخفيفاً سببه بعض التعريفات لحزب الله على النحو الآتي: المنظمة المعروفة بحزب الله، الأملاك والمنافع المملوكة لأشخاص مدرجين على اللائحة السوداء. كذلك هناك تعريفات عن طبيعة المعرفة التي تؤخذ على أساسها العقوبات، فضلاً عن تعريف العمليات الخاضعة للعقوبات إذ يحتسب حجم وعدد ووتيرة العمليات أو الخدمات المالية وطبيعتها أيضاً ومستوى معرفة الأشخاص الذين يقومون بها، وما إذا كانت عملاً هامشياً أو ضمن استراتيجية، ويؤخذ أيضاً مدى القرب والبعد بين المؤسسة المالية وبين الزبون أو العميل الذي قام بهذه العملية وبين حزب الله أو أحد أشخاص المدرجين على اللائحة الأميركية. كذلك تدرس نتائج العمليات المالية والمستفيدون منها.