إيمي كازمين وسايمون موندي
رجال الأعمال الأقوياء المثقلون بالديون في الهند والمصرفيون القلقون الذين يتعاملون معهم لطالما أملوا أن الوقت، وحدوث انتعاش اقتصادي، سيساعدهم على الهروب من محنة الديون دون أي تضحيات مؤلمة.
مع ذلك، الموجة الأخيرة من عملية بيع الأصول من قبل الشركات المثقلة بالرفع المالي وتلميحات بالمزيد في المستقبل أثارت الآمال بأن رجال الأعمال في الهند، سواء طواعية أو بالإكراه، والمصارف التي أقرضتهم، يواجهون حقيقة واقعة بشأن مشاكل ديونهم وأن عملية تنظيف طال انتظارها للدفاتر الحسابية في المصارف بدأت تجري أخيرا.
على مدى العام الماضي، كثف بنك الاحتياطي الهندي المركزي الضغوط على الشركات الكبيرة المقترضة من أجل السداد، على الرغم من عدم وجود قانون إفلاس وطني فعال.
تحت قيادة المحافظ راجورام راجان، تصرف “البنك المركزي” أيضا بصرامة مع المصارف، مطالبا إياها بتقديم كامل الحسابات لجميع القروض المتعثرة – سواء تم تصنيفها رسميا كقروض متعثرة أم لا – بحلول نهاية آذار (مارس) من عام 2017.
يقول أحد كبار المصرفيين في مومباي، الذي طلب عدم الكشف عن هويته: “عدم وجود استعداد للتعامل مع المشاكل، هذا قد تغير. لقد كان هناك تغيير هائل في السلوك. تاريخيا، اتخذت الهند القرارات الصحيحة على الرغم من تعرضها للضغط. ونحن الآن نتعرض للضغط”.
الأصول المرهقة تشكل ما يقدر بنسبة 14 في المائة من إجمالي النظام المصرفي في الهند اعتبارا من أيلول (سبتمبر) المقبل، وذلك وفقا للبنك الاحتياطي الهندي.
الصورة قاتمة لا سيما في المصارف المملوكة للدولة: حيث تشكل الأصول المرهقة 17 في المائة من إجمالي عمليات الإقراض فيها، وحيث تم تصنيف 6.2 في المائة من إجمالي القروض على أنها قروض متعثرة. وتمت إعادة هيكلة باقي القروض، مع فترات سداد طويلة وفي بعض الحالات أموال إضافية للمساعدة على إبقاء الحياة في المشاريع التي عانت تأخيرات في المقاصة وارتفاع التكاليف.
لكن هذه القروض التي تمت إعادة هيكلتها تعتبر في الواقع أيضا ذات مخاطر عالية، لم يتم تصنيفها بأنها “معيارية” إلا بسبب مدة السماح القصوى من قبل المصارف والهيئات التنظيمية الخاصة بها.
حتى وقت قريب، رؤساء الشركات الهندية المثقلة بالرفع المالي لم يفعلوا شيئا، على أمل أنه في نهاية المطاف، نظرا لتركيز رئيس الوزراء ناريندرا مودي على محاولة إحياء مشاريع البنية التحتية المتعثرة وتحسن الاقتصاد، أن حظوظهم سوف تتحسن. المصارف المملوكة للدولة كانت أيضا سعيدة للانتظار، بدلا من الاعتراف بأن القروض قد لا تكون قابلة للاسترداد بالكامل أو إطلاق معارك قانونية مطولة للاستيلاء على الأصول.
في إطار خطة استراتيجية لإعادة هيكلة الديون التي كشفها البنك المركزي في حزيران (يونيو) من العام الماضي، فإن الشركات التي أعادت جدولة القروض يجب عليها الآن أن توقع عقودا ملزمة تمكن المصارف التي أقرضتها من الاستيلاء على الشركة في حال فشلت في الامتثال لشروط السداد الجديدة.
يقول مسؤولون إن خطر فقدان السيطرة يمنح أصحاب الشركات حافزا أقوى بكثير لإيجاد طرق للسداد، سواء من خلال بيع الأصول أو احتمال جمع رأس مال جديد.
يقول راجيف مالك، كبير مختصي الاقتصاد في مجموعة سي إل إس آيه: “جزء من الحملة يأتي من البنك الاحتياطي الهندي، لكن الشركات نفسها تدرك أنها يجب أن تبدأ بتنظيم أمورها. فلا يمكنها مجرد البقاء ساكنة ومعالجة جروحها واختيار عدم فعل أي شيء”.
أشيش جوبتا، رئيس قسم أبحاث الأسهم الهندية في بنك كريدي سويس، يقول إن الضغط من البنك الاحتياطي الهندي يسهل عملية بيع الأصول من خلال جعل قيم أصول البنية التحتية على الدفاتر الحسابية للمصارف بمستويات أكثر واقعية: “إذا لم يتم تمييز الأصول بشكل صحيح حسب قيمتها، سيكون من الصعب العثور على مشتر. بمجرد أن تبدأ المصارف بتقديم الحسابات، فإن الفجوة بين القيمة الدفترية والقيمة العادلة ستضيق والصفقات ستصبح ممكنة أكثر”.
في الشهر الماضي، باعت شركة جيبراكاش أسوشيتس معظم مصانع الأسمنت التابعة لها إلى الشركة المنافسة ألتراتيك سيمنت، التي هي جزء من مجموعة أديتيا بيرلا، مقابل 2.4 مليار دولار، بهدف تقليص بعض من إجمالي ديونها المقدرة بقيمة 11 مليار دولار. كما استطاعت تحصيل مبلغ 1.6 مليار دولار من بيع محطات الطاقة المائية في عام 2014.
كذلك في آذار (مارس) الماضي، جيه في كيه، شركة البنية التحتية القائمة في مومباي، باعت حصة بنسبة 33 في المائة في مطار بنجالور القائم منذ ثمانية أعوام مقابل 329 مليون دولار إلى فيرفاكس هولدينجز وفيرفاكس إنديا. شركة جيه في كيه، التي يبلغ إجمالي ديونها نحو خمسة مليارات دولار، يقال إنها الآن تبحث عن مشترين لثلاثة مشاريع لطرق برسوم مرور. جيه إم آر، شركة أخرى لبناء المطارات والطرق، باعت الشهر الماضي حصة بنسبة 51 في المائة في مشروع للطريق السريع في كارناتاكا. حيث دفع لها 12 مليون دولار فقط، لكن تمت إزالة ديون بقيمة 160 مليون دولار من دفاترها.
يقول المحللون إن مثل هذه المعاملات من المرجح أن تتسارع في الوقت الذي يكسب فيه اقتصاد الهند الزخم، من خلال رفع أسعار الأصول وزيادة رغبة أصحاب الشركات في التخلي عنها. أدخلت إدارة مودي قانون إفلاس طال انتظاره في البرلمان من شأنه تعزيز نفوذ المصارف بشكل كبير على المقترضين المتعثرين في حال إقراره.
يقول أحد المسؤولين في الحكومة: “في الماضي، كان المروجون [المساهمون المسيطرون] يتمتعون بقدر هائل من الرفع المالي في النظام. لقد كانوا قادرين على الحصول على قروض جديدة فضلا عن [تمديد] القروض القائمة ’الدائمة‘. قانون الإفلاس سيكون بمنزلة مغير لقواعد اللعبة، لتعزيز سيطرة الدائنين”.
عملية بيع الأصول ليس بالضرورة أن تحسن الآفاق المالية للشركات المثقلة بالرفع المالي. في الواقع، يحذر بنك كريدي سويس من أنها يمكن أن تؤدي فعليا إلى تفاقم الصعوبات في خدمة الديون المتبقية، لأنه غالبا ما تكون الأصول المربحة هي التي تعرضها الشركات للبيع، التي تسهم أكثر شيء في تدفق النقود.
كما يخشى بعض مختصي الاقتصاد أيضا أن التكتيكات الجديدة الشديدة ستكون مزعزعة للاستقرار بالنسبة للمصارف بحيث ستردع عمليات الإقراض الجديدة وتلحق الضرر بالنمو.
يقول محللون إن عمليات البيع ستساعد المصارف عن طريق تقليل حجم الديون المرهقة على ميزانياتها العمومية – وهو أمر يأمل مسؤولون أنه سيساعد في نهاية المطاف على تحفيز الإقراض الجديد من مصارف القطاع العام الضروري لتغذية النمو.
ويقال إن مودي وآرون جايتلي، وزير المالية، يؤيدان يحزم جهود ترتيب الأوضاع.
يقول أحد كبار المصرفيين: “نحن لم نشهد مثل هذا الوضع أبدا. هذه هي المرة الأولى التي يكون فيها المصرفيون خائفين جدا. جايتلي ومودي يراقبان شخصيا هذه المصارف، للتأكد من أنه يتم عرض الأصول للبيع”.