Site icon IMLebanon

عشية 1 أيار.. هاجس المزاحمة السورية يُحبط اليد العاملة اللبنانية

LebaneseCraftWorker
اﻷول من شهر ايار، «يوم العمال»، ذكرى ﻹحياء النضال من اجل لقمة العيش هو غالبا يوم راحة ويسمى ايضا العطلة الدولية لعيد العمال، لتشجيع كل من يعمل على وجه اﻷرض وتقديرا لجهوده.
ولكن ماذا عن الوضع في لبنان، بين اللجوء الفلسطيني والنزوح السوري المستمر، في الوقت الذي يعاني فيه التشريع اللبناني من نقص وغياب بالرقابة، بالرغم من ان قانون العمل يحدد شروط عمل اﻷجانب؟! اﻷمر الذي يخلق مشاكل وعقبات في طريق الطبقة العاملة وهي المنشأ اﻷساسي للثروة اﻹجتماعية؟!

غنى إسماعيل

وبدلاً من ان يبعث إتحاد النقابات العمالية احر التهاني والتبريكات لجميع هذه الطبقة، يطالب الدولة بحقوق العاملين وبتحسين اﻷجور وظروف العمل والحقوق النقابية والحريات العامة والضمان اﻹجتماعي والسياسات المواجهة للبطالة؟
إن «الصرف من الوظيفة»، هو الهاجس اﻷكبر الذي يعاني منه اللبنانيون في هذه اﻷيام نظرا ﻹرتفاع نسبة البطالة في البلد، ولو نظرنا الى واقع العامل اللبناني لشعرنا باﻷسى واﻷسف بالرغم من اهمية العامل في حركة دوران نهضة اﻷمم ﻷنه عصب الحياة الذي من خلاله ينهض الوطن ويتطور. إذ من واجب الدولة اللبنانية ان تحذو حذو الدول المتقدمة في احترام العامل ومساعدته وتشجيعه من خلال التدريب و منحه الحقوق التي تهيئ له عيشة كريمة وتأمين له سبل الراحة والرعاية الكاملة اﻷمر الذي يجعله ينتج اكثر ويعمل بجد ليكون المحرك اﻷساسي للإقتصاد في هذه الدولة وبدونه لا يتقدم الوطن بل يصبح مكاناً خاويا.
هنا السؤال يطرح نفسه أين يقع المواطن اللبناني من أجندة المسؤولين؟!

شيوع الفساد
في ظل هذا الوضع يقول رئيس اﻹتحاد العمالي العام في لبنان غسان غصن لـ «اللواء»: «بدل ان يكون يوم العمل يوم إحتفالية بالذكرى نرى اﻹستهتار الكلي بقضايا المواطن العامة خاصة شريحة العمال والموظفين المحدودي الدخل.
ويؤكد غصن «حق العمال، هذا الذي لم يحدث مرة الا في هذه الدولة الغارقة في الفساد وفي الملفات الشائكة واﻹستهتار في صحة الناس وحقهن في الطبابة الى ان تنتهي وتنشغل عن العمال وعن لقمة عيشهم وبوجوب عقد جلسة للبت باﻷمور الملحة للمواطن بالرغم من خطورة الموضوع».
وينتقد غصن سياسة الدولة التي تعمل ضد مصلحة العامل اللبناني، موضحاً أن الدولة غائبة، وقد تجلى ذلك مؤخراً في موضوع تعديل مذكرة اقفال اﻹدارات العامة في عيد العمال إذ لم يبدو أي اهتمام بشؤونهم وتكريمهم في عيدهم «ولا بد من وجود مسؤول يهتم في هذه الدولة التي انحدرت لتصل الى الدولة «الفاشلة» للبحث عن اسباب غلاء المعيشة وموضوع اﻷجور والنقل العام حتى «البنزين» ومع انخفاض سعره لم يستفد منه المواطن لولا عمل اﻹتحاد العمالي والتهديد باﻹضراب العام».
في صميم عمل الموظفين السوريين في لبنان يشير غصن: «ادت الحروب الى صورة سوداوية لدى اللبنانيين في واقع الظروف اﻹقتصادية والاجتماعية الصعبة، فنسبة النازحين الى لبنان من فلسطينيين وسوريبن وعراقيين صار يوازي نص المقيمين في لبنان، اذن الواقع في لبنان يسير الى المجهول فمجلس النواب معطل قسرا والحكومة لم تفعل شيئا ملموسا الا اﻹستنكار، وبالكاد تجتمع حول موضوع أزمة المليون ونص نازح وانعكاساتها على البنى التحتية وآلية الإيواء بل مباشرة على سوق العمل فاليد العاملة السورية رخيصة مقابل اليد العاملة اللبنانية في حين ان للنزوح اصول وعلى الحكومة ان تضع شروطا لتشغيل غير اللبنانيين واستنباط الحلول لعدم الهجرة ولكن في المقابل نراها غائبة عن معالجة هذا الموضوع اضافة الى تغطية المجتمع الدولي للنزوح بإعطاء مبالغ زهيدة ومشروطة ايضا.»

العمال يصارعون الموت

من جهته يندد رئيس اﻹتحاد العام لنقابات عمال لبنان مارون خولي بتعاطي الدولة مع موضوع النازحين السورين الى لبنان ويقول: «لم يشهد تاريخ العمل مثل ما نعيشه اليوم فالوضع دقيق ونحن امام مرحلة حرجة في ظل التفاعلات اﻹجتماعية من ترك العمال بلا ضمان اجتماعي واهمال موضوع التقاعد والشيخوخة فضلا عن مشكلة البطالة التي ناهزت الـ42% من الشعب اللبناني نتيجة نزوح مليون ونص مواطن سوري من بينهم 700 الف عامل ومقابل الصرف العشوائي للعمال في جميع القطاعات، مما يشكل عبئا على المواطن اللبناني».
ويشير خولي: ليس هناك رادع لتزاحم العمال السوريين النازحين الى لبنان، اذ باتوا ينافسون اللبناني في مصدر رزقه ومكان ايوائه.
كما يؤكد خولي «على الحكومة اللبنانية عرض المسألة امام اﻷمم المتحدة والدول المانحة ﻹستخلاص المشكلة وانعكاساتها ودعم صندوق البطالة، أولاً: لتأمين فرص عمل للمواطن اللبناني والسوري أيضاً (مقابل كل عامل سوري ثلاثة عمال لبنانيين) ثانياً، دعم قضية اﻹسكان مقابل مشكلة النازحين، ثالثاً: حل ازمة غلاء المعيشة التي ارتفعت الى 3%، رابعاً: اعادة صياغة نص قانون العمل حسب المعايير الدولية وإعطاء الحرية للحركات النقابية، لتمثيل مصالح العمال في الحكومة ﻷننا نجد ان القضية العمالية مغيبة ﻷن لا يجد من يمثلها.»
وفي اشارة واضحة لأزمة اقفال السوق الخليجية امام اللبنانيين يقول: «لن نتخلى عن العمال اللبنانيين المهاجرين، لقد ارسلنا كتبا للمنظمات العالمية لحماية هؤلاء العمال وفق توصيات ومعايير بعيدا عن السياسة ولكن للألسف لا تسعى سياسة الدولة لمصلحتهم بل تزيد اﻷمر تعقيدا في عدم رؤيتها الموضوع.

سياسيون «عدادو مال»
اما الخبير اﻹقتصادي د. ايلي يشوعي فيقول: «في ظل العلوم اﻹقتصادية هناك فرع خاص يسمى اقتصاد العمل اذ يتعاطى بمسألة اﻷجر والترقيات واشراك العمال في ارباح الشركة، اما في لبنان فكل هذه اﻹعتبارات غير موجودة بل يعطون اﻹهتمام للمردود المالي وينسون ان مسألة العامل والعمل مسألة انسانية انتاجية ومسألة ربحية وينبغي تدريب العمال ليعطوا افضل وتوطيد العلاقة بين العامل والشركة أمر اساسي في تطوير اﻹنتاجية كما يحصل في الدول المتقدمة.»
اما عن اﻷزمة السورية فيشير يشوعي:»في لبنان منافسة غير شرعية ﻷن الدولة ضعيفة او ما تبقى من هذه الدولة» الوهمية».وهذا ايضا ينطبق على السياسيين فهم مرتهنون للخارج، متجاهلين ان وحدتهم في الداخل هي التي تضمن مصلحة لبنان وفي الحقيقة اختلافهم هذا هو «خلاف مجرم»، اذ لا يجوز ان نبدي مصالحنا الشخصية على مصلحة لبنان.»
كما يؤكد يشوعي «مليارات الدولارات يستفيد منها لبنان بين مستوردات وتحويلات عدا اﻹستثمارات في الداخل لولا التوتر في الداخل، وحكم الدولة التي يسيطر عليها «عدادو المال» وانعاكس الجو السياسي على العلاقة مع الدول اﻷخرى ولكن من ناحية اخرى وضع العمال الللبنانين في الخارج جيد نظرا لرؤيتهم اﻷنسب فهم اكثر كفاءة من اﻵسويين واقل كلفة من الغربيين.»
ويختم قوله: «يجب ان تبنى علاقة عميقة بين السياسيين والناس وكذلك بين العميل ورب العمل ولكن لﻷسف هذه العلاقة مفقودة ﻷن الدولة لا تبنى بواسطة» عدادي مال».

نماذج مؤسفة
ولا بد من عرض نماذج عن العمال اللبنانيين، تقول فاتن، فتاة جامعية سنة اخيرة ادب إنكليزي وهي تعمل ايضا في متجر لبيع اﻷلبسة لتأمن قسط الجامعة: «استغنوا عن خدماتي ﻷن لاقوا حدا بياخد اقل مني»، تفاجأت فاتن بخبر صرفها من الوظيفة من دون ان تقترف اي ذنب والسبب الوحيد ان صاحب العمل اختار موظفة سيعطيها اقل من ما كانت تأخذ فاتن، اما صالح تخرج من الجامعة باختصاص حقوق ولم يجد وظيفة بإختصاصه ﻷن عليه ان يتدريب في مكتب محاماة وبالتالي هو بحاجة الى (واسطة) او ان يدفع للمكتب ليتسنى له التدريب فيه، وهكذا اضطر الى العمل في متجر لبيع اﻷحذية وهو يتقاضى الحد اﻷدنى من اﻷجور عدا انه وبلا ضمان ويعمل بدوام كامل.

البطالة تنهش المجتمع اللبناني
بين الحركة العمالية والنقابية التي تسعى لتعزيز النضال من اجل علاقات عمل افضل وظروف معيشية افضل والدفاع عن العمال من اجل مجتمع يولي اﻷهمية ﻹحتياجات الطبقة العاملة، والبطالة التي تنهش النسيج اﻹجتماعي اللبناني دافعة الشعب الى الهجرة، يجب حل المشكلة باسرع وقت ممكن خوفاً من ان نصبح على مدار السنة «معطلين عن العمل».