صدر في العام 1992 قانون استثنائيّ للإيجارات في لبنان شمل السكنيّ وغير السكنيّ في حينه، علماً أن المشرّع لم يميّز بين هاتين الفئتَين في تمديد مفاعيل العقود الموقّعة قبل ذلك العام، وهي العقود التي تعرف اليوم بـ”الإيجارات القديمة”.
اختلفت هذه الخطوة اليوم مع مجلس النواب الحالي الذي ميّز في القانون الجديد للإيجارات بتاريخ 9/5/2014 بين الإيجارات السكنيّة التي بادر إلى ضمّها ضمن برنامج تدريجيّ إلى الإيجارات الجديدة أو إلى القانون الجديد 92/159 وفق برنامج ينتهي في سنة 2027 بتحرير متدرّج يراعي عمق الأزمة وتشعّباتها بين الطرفَين، والإيجارات غير السكنيّة التي مدّد لها حتّى سنة 2018. وهنا بدأت إشكاليّة جديدة عنوانها غياب المساواة بين الإيجارات السكنيّة التي سلكت طريق التحرير وتلك غير السكنيّة التي لا يزال حلّها في حكم المؤجّل.
تمّ تمديد العقود غير السكنية في القانون الجديد بموجب المادة 38 لغاية 31/12/2018 لحين نفاذ قانون خاصّ ينظّم العلاقة بين المالك والمستأجر في هذه العقود. ويستفيد من التمديد بالأماكن المؤجرة لغايات صناعية وتجارية ورثة المستأجر حتى الدرجة الثالثة وشركاء المستأجر والمستفيدون من أحكام المؤسّسة التجارية، وفي المهن الحرّة يستفيد ورثة المستأجر شرط ممارستهم للمهنة أو في حال التنازل عن الإيجار لشخص آخر، وهذا خلافاً لنصّ المادة 29 من القانون الجديد. أما شروط الإسقاط من حق التمديد، فهي نفسها المتعلّقة بأحكام القانون الجديد للسّكني في المادة 34 تضاف إليها أحكام خاصّة بالأقسام التجارية كتغيير وجهة استعمال المأجور. أما الحق في استرداد المأجور فقد ورد في المادة 32 لعلّة الهدم أو لحاجة المالك، إذا كان صاحب مؤسّسة، إلى توسيع مكان العمل الملاصق الخاصّ به، وذلك وفق تعويض شبيه بالتعويض السكني تضاف إليه قيمة “الخلوّ” وخسارة الموقع والمستهلكين وعوامل أخرى. ويعود للمحكمة دائماً قرار تحديد قيمة التعويض وفقاً لما هو منصوص عنه في القانون.
أما بخصوص الزيادات على البدلات، فقد ربط المشرّع هذه الزيادات بمؤشر التضخّم فيما كانت وفق القانون القديم تخضع لزيادات غلاء المعيشة، وهذا الأمر يفتقر إلى الدقّة التي كان يعمل بها في القانون القديم. فمنذ دخول القانون حيّز التطبيق في 28/12/2014، بدأ مفعول الزيادة على الأماكن غير السكنية، ويبلغ عن العام 2013 ما نسبته 4,8% تحتسب على البدلات لمدّة ثلاثة أيّام من العام 2014 قبل بدء العام 2015، وعن العام 2014 ما نسبته 1,9% تزاد إلى قيمة البدلات السنوية في 2015، علماً أنه لا زيادة عن سنة 2016 لأنّ معدّل التضخّم سلبي، أي دون الصّفر. وهذه الزيادة السنويّة لا يجب أن تتعدّى نسبة الـ 5% سنويّاً كما هو وارد في القانون. وفي هذا السياق، كانت نقابة المالكين قد طلبت من لجنة الإدارة والعدل إعداد مشروع قانون لزيادات تدريجيّة في البدلات على الأماكن المؤجّرة غير السكنيّة استعداداً لإقراره ورفعه إلى الهيئة العامة ومباشرة تطبيقه في مطلع سنة 2018 مع انتهاء المهلة الممدّدة للعقود غير السكنية في هذا التاريخ بموجب القانون الجديد للإيجارات. وطالبت كذلك باتّباع مبدأ المعاملة بالمثل بين أصحاب الحقوق في الأماكن المؤجرة للتجارة أو للسكن أو لغيرها، وعدم الفصل في قوانين الإيجارات بين السكني وغير السكني لأنّ في هذا الأمر ظلماً كبيراً يشعر به أصحاب الحقوق في الأقسام غير السكنيّة كما جاء في بيان النقابة.