ريتشارد ووترز
المساهمون في شركة أبل هذا العام كانوا مستعدين في الأصل لتراجع حاد في ربع واحد، كان من شأنه أن يحقق أول انخفاض في مبيعات أجهزة الآيفون.
على أنه يتعين عليهم الآن الاعتياد على الفكرة التي مفادها أن الركود الحاد سيستمر لربعين على الأقل. وكلما طال أمد الصراع الذي تعانيه “أبل” في سبيل إنعاش حظوظ منتَجها المهيمن، زادت المخاوف من أن أيام النمو المجيدة لهذا الجهاز قد ولت.
أصبحت أعماق الهبوط في القسم الأساسي الخاص بالهواتف الذكية في شركة أبل واضحة المعالم يوم الثلاثاء، حين أبلغت الشركة عن نتائج أضعف مما كان متوقعا خلال الربع الأول من هذا العام وأصدرت تنبؤات تشاؤمية بخصوص الربع الثاني.
وحدة مبيعات الآيفون، بدلا من أن تبدأ انتعاشا مطردا في الربع الحالي، يمكن أن تكون في سبيلها إلى التعرض لتراجع أكبر مما حصل خلال الأشهر الثلاثة الأولى، عندما انخفضت بنسبة 16 في المائة على أساس سنوي. أدت تلك الأنباء إلى إحداث انخفاض في أسهم شركة أبل بأكثر من 5 في المائة بحلول مساء أمس الأول.
لم يكن مهما أن التنفيذيين في شركة أبل أصروا على أن الضعف في التوقعات كان في جزء منه نتيجة لتسوية المخزون بقيمة ملياري دولار، وهو أمر من شأنه إخفاء القوة المحتملة للطلب على السلع الاستهلاكية. عند مستوى يراوح ما بين 41 إلى 43 مليار دولار فقط، كانت إيرادات الشركة المتوقعة للربع المنتهي في حزيران (يونيو) العام الماضي، أقل بكثير من توقعات وول ستريت البالغة قيمتها 47 مليار دولار، ما عمل على انتزاع 8 في المائة من أسعار أسهم الشركة في تداولات ما بعد السوق.
أكدت تلك الأرقام على ما كان واضحا من قبل: أن شركة أبل تعيش في ظل نجاحها الذي حققته في الماضي. حيث إن ارتفاع المبيعات الذي أعقب إطلاق جهاز الآيفون 6، الذي بدأ في أيلول (سبتمبر) من عام 2014، عمل على ترك مخلفات حادة. وكلما طال أمده، زاد الضغط المتولد على شركة أبل لتثبت أنه لا يزال بإمكانها تحديث وإنتاج إثارة جديدة بخصوص هواتفها الذكية المتقدمة في العمر عندما يحين الوقت للكشف عن جهاز آيفون 7 في وقت لاحق من هذا العام.
يقول جيف بلابر من “سي سي إنسايت”، “وصلت “أبل” إلى أدنى مستوى من الابتكار. لا يمكن لجهاز الآيفون النمو إلى أجل غير مسمى”. ويضيف “إن التحدي الأكبر لشركة أبل هو تلبية التوقعات الضخمة التي سببها هو ما حققته هي نفسها من نجاح”.
على أي حال، وفقا لمسؤولي شركة أبل التنفيذيين، ليس هنالك أي شيء جديد في دورة المنتَجات الحالية لأجهزة الآيفون، حتى إن كان أثر التراجع يبدو أكبر مما هو عليه.
هذا التوقف المؤقت مشابه جدا لذلك التوقف الذي شهدناه قبل عامين، وفقا لتيم كوك، الرئيس التنفيذي. في ذلك الحين، اتبعت شركة أبل مسارا إصلاحيا لأجهزة الآيفون مع مرور عام أحدثت خلاله تغييرات أقل. إن تحقق أي شيء، فإن معدل الإصلاح بحسب عملاء الآيفون أفضل مما كان عليه آنذاك وتبقى الصورة الأساسية سليمة، بحسب ما أصر خلال المكالمة مع المحللين في أعقاب ظهور النتائج.
كما ضرب كوك أيضا بالاقتراحات عرض الحائط التي تشير إلى أن شركة أبل تخرج الآن من كونها شركة نمو. وعند سؤاله إن كان الوقت قد حان لإعادة التفكير في وضع شركة أبل في عالم التكنولوجيا؟ قال “سنتجاوز هذا أيضا”.
على أنه كانت هنالك دلالات كافية في الأرباح لحفز المساهمين على التفكير مرة أخرى.
أحدها كان التراجع في قسم “الصين الكبرى” التابع لشركة أبل، الذي كان حتى الآونة الأخيرة يعد المصدر الأقوى للنمو. ورغم أن المنطقة تمثل فقط 25 في المائة من إجمالي المبيعات، إلا أنها مسؤولة عن 60 في المائة من تراجع الإيرادات خلال الفصل الأول. لكن وفقا لكوك كان البر الرئيسي في الصين أكثر قوة مما تشير إليه تلك الأرقام، مع تراجع الطلب الكلي فقط بنسبة 5 في المائة بعد تعديل المخزون. ويضيف قائلا “إن الانخفاض الإقليمي الأكبر كان ناجما عن انخفاض المبيعات في هونج كونج – وهذا نتيجة، بحسب ما قال، لتراجع مشتريات السياح”.
كما أن الانخفاض الكبير في أسعار أجهزة الآيفون الكلية زاد من عدم الارتياح. مع تفضيل العملاء نماذج أجهزة أرخص ثمنا وأقدم عمرا، انخفض متوسط سعر البيع بمعدل 49 دولارا عما كان عليه قبل ثلاثة أشهر، ليصل إلى 642 دولارا.
من المتوقع أن يتعرض التسعير لمزيد من الضغوطات، في أعقاب إطلاق جهاز آيفون إس إي، وهو جهاز أرخص ثمنا مع شاشة أصغر حجما بحجم أربع بوصات مصمم لتوسيع نطاق شركة أبل في الوصول إلى أجزاء أكثر من سوق الهواتف الذكية.
إذا كانت مبيعات الآيفون واهنة هذا العام، فإن هنالك القليل لتعويض هذا الفرق. كما أن منتجات شركة أبل من الأجهزة الأخرى حققت نتائج ضعيفة خلال الفترة الأخيرة. واصل الآيباد انخفاضه، مع انخفاض وحدة المبيعات بنسبة 19 في المائة عن العام السابق، في حين إن تراجع الإيرادات إلى النصف من وحدة “المنتجات الأخرى” في الشركة عن الأشهر الثلاثة السابقة يشير إلى تراجع كبير في مبيعات “الساعة”.
حتى مبيعات الماك، التي كانت قد صمدت خلال فترة ركود أوسع نطاقا في الطلب على أجهزة الكمبيوتر، سجلت تراجعا، مع انخفاض معدل بيع الوحدات فيها بنسبة 12 في المائة.
وسط التراجع الأوسع نطاقا، كان المجال مفتوحا أمام وحدة الخدمات في شركة أبل لتحقيق النجاح المميز. قبل ثلاثة أشهر، لم يُظهِر معظم المحللين اهتماما يذكر عندما سعت شركة أبل إلى تسليط الضوء على شعبة الخدمات، واختاروا أن يعتبروا ذلك بمثابة دلالة على أن الشركة تحاول تحويل الانتباه بعيدا عن التراجع في أجهزة الآيفون.
نظرا إلى أن قسم الخدمات لا يزال يمثل ثلثي إجمالي المبيعات وكان قد شهد مثل هذه التقلبات العنيفة، فمن المحتمل أن يهيمن مصير جهاز الآيفون على اهتمام “وول ستريت” لسنوات مقبلة.