IMLebanon

“عيد عمّال” آخر بدون رزمة من الخدمات الضامنة لحقوقهم

LebaneseCraftWorker
ميليسا لوكية

يحلّ عيد العمال هذه السنة، وككلّ مرة، ولا يشعر هؤلاء بطعمه طالما حقوقهم منقوصة وطالما دولتهم وضعتهم ضمن آخر أولوياتها، من دون مكافأتهم برزمة سخيّة من الخدمات. وإذا أطلقت وزارة العمل المبادرات الداعمة للعامل الذي يضحي بحقوقه بدلاً من أن تصله على طبق من فضة، فإنَّ الدولة مطالبة بالالتفات إلى المساهم الفعلي بتحريك الدورة الإقتصادية وتعزيز الإنتاج.

في أي دولة متقدّمة، يُنظَر إلى العامل على أساس أنّه مصدر حيوية للمجتمعات الرشيقة. أما في لبنان، فلا يحصل الأخير على حقه من دون التظاهر عبثاً في الشارع. وأمام هذا الواقع، تسأل “النهار” عن الخطوات التي اتخذتها وزارة العمل حديثاً صوناً لمصالحه وما الذي ينقصه لتحسين أوضاعه.
وبحسب وزير العمل سجعان قزي، فإنَّ “عيد العمل يمكن أن يكون بروتوكولياً، من خلال التمنّي للعامل بتحسّن شروط عمله وظروفه، ولأصحاب العمل ظروف أفضل تعزّز الإنتاج والدورة الإقتصادية، كما قد يشمل الحديث عن أن لا وجود لقطاع في لبنان يتمتع بكامل حقه”.
في حين يشكو أرباب العمل من عدم الاستقرار وعدم النمو اللذين ينعكسان على النشاط الإقتصادي والتجاري والسياحي، يتذمّر العمال من عدم حصولهم على الحقوق المادية والإجتماعية الكافية ليعيشوا حياة محترمة وكريمة وتوفير حاجات عائلاتهم، وفق قزي الذي يؤكّد لـ”النهار” أنَّ “العمّال في لبنان يعانون نقصاً في قدراتهم الحياتية وليس فقط في قدرتهم الشرائية، خصوصاً أنَّهم يعيشون في ظلّ نقص في الحماية الاجتماعية والصحية، العجز عن توفير الحياة الكريمة، أجور ليست بمستوى المصروف وتطوّر المجتمع أسرع من الإمكانات التي في أيديهم”.
وإذ يرى أنَّ “الدولة غير قادرة على تلبية حاجات الناس والعمال لأنَّها عاجزة أصلاً عن اتخاذ القرارات وتنفيذها”، يعتبر أنَّ البلاد “بحاجة إلى تغيير وإلى دولة بنّاءة لا مركزية تحترم حقوق المناطق والمكوّنات الوطنية الموجودة فيها، توفير إنماء مناطقي لأنَّ الإنماء المدني أفلس وبلغ حدّه الأقصى”.
وحين يطالب العمال اليوم بحقوقهم، كالمطالبة بسلسلة الرتب والرواتب، إعادة النظر في الأجور، استمرار الضمان بعد سن التقاعد، ضمان الشيخوخة وغيرها، “فهم على حق”، وفق قزي الذي يشدّد على أنَّ “لبنان تنقصه حوكمة رشيدة على صعيد الدولة ومؤسسات الدولة القائمة التي تحتاج هي أيضاً إلى ترشيد الحوكمة”. وهنا، يتساءل “لماذا لا يغطي الضمان فئات اجتماعية أكبر؟”، مستدركاً “الضمان لا يستطيع ضمان 4 ملايين شخص ولا تستطيع الدولة دفع معاشات للعاطلين عن العمل ولا تستطيع إعادة النظر في الأجور لأنَّ الحركة الإقتصادية غائبة، ومن يجب أن تضحى في سبيله هم الذين يضحون بحقوقهم على مذبح عجز الدولة”.
ولكن كيف يمكن تخطّي هذه الظروف للوصول إلى حلول ترضي العمال؟
يعتقد قزي “أنَّ المسألة لا تحل من منظار اجتماعي فحسب، بل عبر حل سياسي، والحل السياسي هو حصول انتفاضة وطنية تعيد النظر بهيكلية الدول، وتنقلنا تالياً من دولة مركزية إلى دولة لا مركزية موسّعة، ومن طبقة سياسية فاسددة بغالبيتها إلى طبقة نزيهة”.
وقد نفّذت وزارة العمل خطوات عدّة على صعيد القضايا الاجتماعية، كالحدّ من منافسة اليد العاملة الأجنبية لليد العاملة اللبنانية، تفعيل المؤسسة الوطنية للاستخدام لتجد وظائف للعاطلين، تحديد المهن المحصورة باللبنانيين وعدم إعطاء إجازات عمل لأي أجنبي في قطاعات تتوافر فيها الكفايات المحلّية.
ويشير قزي الى أنَّ الوزارة أطلقت برنامج “الفرصة الأولى للشباب” بقيمة 10 مليارات ليرة وسيوفر 4800 فرصة عمل على مدار 4 سنوات، إطلاق الخط الساخن لتلقي الشكاوى على الصعيد العمالي، تفعيل التفتيش وإدارة الشكاوى لكل العاملين المطرودين تعسفاً أو اعتباطياً، إطلاق مبادرة “تعمل” التي تساعد العاطلين عن العمل في إيجاد وظائف، فتح الحوار الاجتماعي بين الأطراف. الدولة أرباب العمل والعمال، إحياء لجنة المؤشر حول الأسعار، إعادة النظر في نظام مكاتب الاستخدام للرجال والنساء وغيرها.
توازياً، أجرت الوزارة “نفضة نقابية” وإعادة النظر بواقعها، خصوصاً أنَّه تبيّن وجود عدد من النقابات التي مضى عليها عشرات السنين من دون إجراء انتخابات وأخرى توجه إليها إنذارات بإجراء انتخابات، وأخرى موجودة على الأرض ولكن ليس على الواقع، بدليل أنَّه من أصل 398 نقابة عمالية، وصل عدد النقابات التي أجرت انتخابات 259 فقط، وفق قزي.
أما بالنسبة إلى رئيس الإتحاد العمالي العام غسان غصن، فـ “لا يُمكن فصل أوضاع العمال عن الأحوال السائدة في البلاد في ظلّ الغياب المطلق للدولة، الحكومة التي بالكاد تجتمع، مجلس النواب الذي لا يشرّع الأزمات المعيشية والفضائح المتتالية”.
ويضيف أنَّ المطلوب هو “قيام الدولة وانتظام عمل مؤسساتها، فضلاً عن تمسّك العمال بماكفحتهم في سبيل حقوقهم، وذلك عبر انتفاضة وطنية يكون على رأسها العمال وذوو الدخل المحدود”.