IMLebanon

«اسكوا»: تراجع حاد للنمو في إيران عام 2015 بسبب العقوبات وأسعار النفط

tehran-iran
أصبحت التطورات الاجتماعية والاقتصادية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ متزايدة الاهمية بالنسبة للمنطقة العربي. فدول شرق وجنوب آسيا تشكل مصدراً رئيسياً للسلع والموارد البشرية لا سيما بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي. كما انها تشكل الوجهة الرئيسية لصادرات الموارد الطبيعية ومن ضمنها النفط والغاز والفوسفات. وظلت الاستثمارات النشطة والمتزايدة من دول شرق وجنوب آسيا عاملاً إيجابياً للقطاع غير النفطي للاقتصادات العربية.

وتكمن أهمية هذه التطورات، التي أظهرها «المسح الاقتصادي والاجتماعي لآسيا والمحيط الهادئ لعام 2015»، الصادر أمس عن «الاسكوا»، كونها تأتي بالتزامن مع بدء الايرانيين الادلاء باصواتهم أمس، في الدورة الثانية من الانتخابات التشريعية التي يأمل الاصلاحيون والمعتدلون الفوز بها لتشكيل مجلس شورى يدعم سياسة الانفتاح التي ينتهجها الرئيس حسن روحاني.

ويوضح المسح أن النمو الاقتصادي في ايران شهد تراجعاً في 2015 الى 0،8 من 4،3 في المئة في العام 2014، ومرد هذا التباطؤ بشكل أساسي الى العقوبات الدولية وتراجع أسعار النفط، واللذين تسببا في تراجع الاستهلاك الخاص. كما أن تراجع أسعار النفط قد زاد من عجز المالية العامة في 2015 كون الايرادات المتأتية من الايرادات النفطية تشكل نحو 40 في المئة من مجمل الايرادات.

ويشير المسح، الى أن نسبة التضخم في ايران بقيت مرتفعة عند 13،6 في المئة في 2015، علماً أنها أدنى بكثير عما سجلته في السنوات الثلاث الماضية، عند 28 في المئة، متوقعاً أن ينتعش النمو مجدداً ويصل الى 4،4 في المئة في 2016 وذلك بسبب رفع العقوبات عن ايران، كما أن ايرادات الصادرات النفطية الايرانية ستسهم في زيادة ايرادات الحكومة وفي تحقيق فائض الحساب الجاري.

و«المسح الاقتصادي والاجتماعي لآسيا والمحيط الهادئ لعام 2016»، الذي أعلنت عنه «الاسكوا» لا يتناول ايران فحسب، بل يتناول الديناميكيات الاجتماعية والاقتصادية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، اذ يتوقع ارتفاعاً متوسطاً في النمو الاقتصادي في آسيا النامية واقتصادات المحيط الهادئ، مما قد يدعم الاقتصادات العربية في زمن انخفاض أسعار النفط.

ويقول المسح «مع بدء الدول تطبيق خطة 2030 للتنمية المستدامة، يجب ان تكون المرحلة المقبلة من النمو الاقتصادي لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ مدفوعةً بمكاسب إنتاجية عريضة القاعدة». كما شدّد على تطلّب هذه المرحلة مستويات أعلى من الإنفاق المالي وتعزيز المهارات معززة وتحسين البنية التحتية والإنتاجية الزراعية.

فبحسب المسح، انخفض متوسط معدل النمو السنوي من 8.2 بالمئة في فترة 2000-2007 الى أقل من 1 بالمئة في فترة 2008-201ويشكّل التباطؤ في الإنتاجية نحو خمس التباطؤ الاقتصادي الأخير من متوسط معدل نمو بلغ 9.4 بالمئة في فترة 2005-2007 إلى ما يُقدّر بـ 4.6 في المئة في 2015.

وخلال إطلاق المسح من مقر اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لآسيا والمحيط الهادئ في بانكوك، شددت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والأمينة التنفيذية للجنة الدكتورة شمشاد أختار، على أهميّة النمو الثابت للأجور الحقيقية وضرورته لمعالجة الفقر وعدم المساواة، بالإضافة الى دعم الطلب المحلّي الذي يعتمد أيضاً في النهاية على نمو الإنتاجية.

وأكدت أختار على «ضرورة مضافرة الجهود لإحياء النشاط الاقتصادي للمنطقة والسعي بشكل أكثر فعالية نحو تحقيق برنامج 2030». وأضافت «مثل هذه التدخلات، خاصة من خلال التدابير المالية، ليس فقط من شأنها دعم الطلب المحلّي بل أيضاً تعزيز أُسس النموّ الذي تقوده الإنتاجية بينما تعزّز الطلب الحقيقي من خلال شبكات الأمان الاجتماعية وزيادة الأجور في الوقت نفسه».

وإذا أشارت إلى أن منطقة آسيا والمحيط الهادئ لديها الوسائل والديناميكية لإنعاش النمو الاقتصادي، أقرّت أختار بأن: «تحسين نوعية هذا النمو من خلال جعله أكثر شمولاً واستدامةً، سيكون متطلّباً بشكل خاص».

ويدعو المسح الى استمرار عملية إعادة التوازن نحو الطلب المحلي والإقليمي، إذ إن آفاق النمو الذي تقوده الصادرات لا يزال ضعيفاً. وزاد التقاء المخاطر المرطبة بالاقتصاد الكلي بما في ذلك التحولات في الدورات المالية والسلع العالمية من حالة الشك وعدم اليقين أيضاً. ويسلّط المسح الضوء على انه رغم التحديات الناشئة فإن الآفاق الاقتصادية للمنطقة ثابتة بشكل عام ويتوقّع تحسناً متوسطاً في النمو الاقتصادي في البلدان النامية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ يصل إلى 4.8 في المئة في 2016 و5 في المئة في 2017.

ويشير المسح الى أن التقدم في عملية الحد من الفقر الى تباطؤ وعدم المساواة الى ارتفاع في معظم انحاء المنطقة. في الوقت عينه، يطرح نمو الطبقة الوسطى والتحضّر السريع العديد من التحديات المعقدة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وعلى صعيد الحوكمة. وتواجه المنطقة أيضاً زيادة في التقلبات المالية والتدفقات المالية الخارجية، ممّا حدّ من مساحة المناورة للسياسات المالية، بالرغم من التضخم العام المنخفض. كما يعاني العديد من البلدان أيضاً من عبء ديون القطاع الخاص بعد الزيادات السريعة في الاقتراض من قبل الأسر والشركات في السنوات الأخيرة.

وتوصي اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لآسيا والمحيط الهادئ بالتركيز على الإنتاجية جنباً إلى جنب مع زيادةٍ مُماثلة في الأجور الحقيقية، إذا كانت المنطقة لتتحول إلى استراتيجية تنموية أكثر استدامة يقودها الطلب المحلي. وتعتبر اللجنة أنّ النهج القائم على الإنتاجية الذي تقوده الأجور الحقيقية سيمكّن البلدان من زيادة العرض وبالتالي تحسين الرفاهية في كلّ منها.

وبغية تعزيز الإنتاجية، يوصي المسح بنهج متكامل ومتعدد القطاعات. ويشير المسح إلى أن عدداً من بلدان المنطقة يقوم بالتخلّي عن قطاعه الصناعي في وقت مبكر جداً من مسيرته التنموية من خلال التحول من الاقتصاد القائم على الزراعة الى اقتصاد تلعب فيها الخدمات دوراً مهيمناً. فيجب عوضاً عن ذلك تعزيز الجهود الرامية إلى زيادة الإنتاجية الزراعية وتشجيع التصنيع الريفي والصلات بين الحضر والريف، إذ أنّ أكثر من نصف سكان المنطقة يعيشون في المناطق الريفية، فيما يعمل أربعة من أصل كل عشرة عمال في الزراعة. ويقدّر المسح أن زيادة بسيطة في الإنتاجية الزراعية من شأنها أن تُخرج 110 ملايين شخص إضافي من الفقر بحلول العام 2030، إنما تحسين المعرفة والمهارات سيكون امراً حاسماً، لاستيعاب هذا العدد الكبير من العمالة الفائضة التي يتم إطلاقها في القطاع الريفي.

وقد أكّدت الدكتورة أختار على أهمية السياسات المالية في احياء النمو الاقتصادي ودعم خطة 2030 التي أعلنتها الأمم لمتحدة، فقالت «ينبغي دعم المبادرات المالية بعمليات إصلاحية متواصلة من أجل نظام ضريبي فعال وعادل من شأنه توفير الإيرادات اللازمة وتعزيز المساواة».

ونظراً لتنوع منطقة آسيا والمحيط الهادئ، يسلّط المسح الضوء أيضاّ على قضايا سياسية محددة، مثل تحسين مشاركة العمالة النسائية في جنوب وجنوب غرب آسيا وتعزيز القدرة على مواجهة الكوارث الطبيعية في المحيط الهادئ والتعامل مع تحديات شيخوخة السكان في شرق وشمال شرق آسيا والتنوع الاقتصادي وتطوّر قطاع الخدمات في آسيا الشمالية والوسطى، بالإضافة الى السياسة الضريبية وإصلاح الإدارة في جنوب شرق آسيا.