Site icon IMLebanon

جيل الألفية يجبر شركات «السلع المعلبة» على مراجعة وصفاتها

organic-produce-food

شهرزاد دانشكو وليندسي ويب

الشعار الإعلاني “لوح شوكولاتة مارس واحد في اليوم” مستمر منذ عقود. الآن الشركة الأمريكية المصنعة لألواح الشوكولاتة التي تحمل اسمها تخبر المستهلكين بتناول بعض أطعمتها مرة واحدة فقط في الأسبوع.

هذا الشهر قالت المجموعة المملوكة لإحدى العائلات “إن على الناس أن يقتصروا على تناول صلصة المعكرونة “دولميو” وصلصات اللازانيا ذات السعرات الحرارية العالية “في بعض الأحيان”.

وهي ليست وحدها في ذلك. شركة نستله السويسرية، أكبر مجموعة غذائية في العالم، تحض الزبائن على تناول شريحة واحدة فقط من بيتزا “ديجيورنو” التابعة لها، المكونة من ست شرائح، وتعبئة أطباقهم بالسلطة.

هذه التطورات تشكل تغيرا كبيرا في صناعة معروفه بأنها تصنع منتجات بأحجام كبيرة بدلا من التركيز الكبير على ضبط النفس. أن تبذل جهودا كبيرة من أجل أن تبيع كميات أقل لا يبدو وسيلة واعدة لكسب مزيد من المال. لكن هذه الجهود تأتي في الوقت الذي يحث فيه المشرعون والنشطاء على اتخاذ إجراء حول اتباع نظام غذائي لمعالجة المخاوف الصحية المنطوية على ارتفاع معدلات البدانة بين الناس.

تقول منظمة الصحة العالمية “إن على الناس أن يأكلوا كمية أقل من السكر”، وفي الشهر الماضي فرضت المملكة المتحدة ضريبة على المشروبات السكرية. ومن المتوقع أن تصدر إدارة الغذاء والدواء في الولايات المتحدة مبادئ توجيهية جديدة لحث الناس على خفض استهلاكهم من الملح. جنبا إلى جنب مع هذه الجهود لتشجيع عادات الأكل الأكثر صحية، ينبغي لشركات المواد الغذائية الكبيرة اتخاذ تدابير جذرية لاستمالة جيل جديد من العملاء الذين يختارون، على نحو متزايد، الشراء من شركات ناشئة أصغر. هذا كما يقول المحللون، “هو المحرك وراء كثير من التغيير”.

وفقا لنيكولاس فيريداي، المحلل في رابو بانك “المستهلكون – خاصة الشباب منهم – يتجنبون الأطعمة التقليدية المصنعة، سعيا وراء خيارات أبسط، وعضوية، وطبيعية، وطازجة، وأقل معالجة وأكثر تخصيصا”. ويضيف “العلامات التجارية الناشئة والصغيرة تسرق حصة السوق”.

في الولايات المتحدة، 18 مليار دولار من المبيعات تحولت من الشركات الكبيرة التي تصنع السلع المعلبة إلى الشركات الصغيرة – التي تبلغ إيراداتها السنوية أقل من خمسة مليارات دولار – بين عامي 2011 و2015، وذلك وفقا لمجموعة بوسطن للاستشارات. ذلك يعادل خسارة تبلغ 2.7 نقطة مئوية في الحصة السوقية للشركات الكبيرة خلال هذه الفترة.

في الشهر الماضي وحده، أعلن عديد من الشركات عن خطط لخفض أو القضاء على مكونات مثل النكهات الاصطناعية والمواد الحافظة والسكر والملح. وقالت “نستله” الأسبوع الماضي “إن شركة دراير للآيس كريم التابعة لها أعادت تشكيل وصفات كثير من منتجاتها لإزالة النكهات الاصطناعية وشراب الذرة العالي الفركتوز، المتهم من قبل بعض النشطاء بأنه أحدث قفزة في السمنة”.

وقالت كوكا كولا أيضا “إنها ستطلق أكبر حملة تسويق في المملكة المتحدة خلال عقد”. ومن المتوقع أن تنفق عشرة ملايين دولار على “كوكا كولا زيرو” لجعل طعمها أقرب إلى كوكا كولا الأصلية وأطلقت عليها اسم “كوكا كولا زيرو سكر”، بعدما اكتشفت أن كثيرا من المستهلكين لا يدركون أن زيرو تعني بدون سكر. ويبدو أن هذه الخطوة هي أول رد فعل على “ضريبة السكر” في المملكة المتحدة ولا تهدف إلى تخفيف عطش المستهلكين للمكونات الطبيعية. كوكاكولا الجديدة، مثلا، ستظل تحتوي على مُحلِّيات الأسبارتيم واسيسولفام كيه.

في معرض حديثها عن الجهود المبذولة لمعالجة الشواغل الصحية حول المكونات، تقول إلكسيا هوارد، وهي محللة في بيرنشتاين للأبحاث “إنها (شركات الأغذية والمشروبات الكبيرة) تهرول جميعا”.

أحد أكبر التحديات التي تواجه شركات الأغذية الكبيرة من حيث إعادة صياغة المنتجات يكمن في الحفاظ على الطعم والقوام مع عدد أقل من المكونات غير الصحية.

فيونا داوسون، الرئيسة العالمية للأغذية والمشروبات في شركة مارس، تقول “إن هدف الشركة المتمثل في تخفيض الصوديوم بنسبة 20 في المائة من الأطعمة التي تصنعها – إلى جانب تخفيض بنسبة 25 في المائة تم تحقيقه بالفعل – سيستغرق خمس سنوات”. وتضيف “علينا أن نكون حذرين في تحريك أذواق المستهلكين، وهذا هو السبب في أن علينا التحرك تدريجيا”.

عندما أطلقت مونديليز شوكولاتة كادبوري هايلايتس من دون إضافة السكر منذ عدة سنوات، فشل المنتج لأن المستهلكين قالوا “إن الشوكولاته لا تذوب بدفء في الفم”.

وحققت “كرافت هاينز” مزيدا من النجاح في إيجاد بديل للنكهات الصناعية في “ماك آند تشيز”، أحد منتجاتها المعروفة جيدا. فبعد ثلاث سنوات من البحث، قررت في نهاية المطاف إضافة الكركم، والفلفل الحلو، والأناتو. لكن بدلا من الإعلان عن التغييرات، المنتج الذي أعيدت صياغته عُرِض بهدوء في كانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي.

وتقول الشركة “لا أحد تقريبا لاحظ ذلك”، وأنها باعت منذ ذلك الحين نحو 100 مليون باكيت منه.

آرثر ريفز، المحلل في سوسييتيه جنرال، يقول “إن كتمان الشركة لذلك كان طريقة أنيقه في محاولة للحد من طوفان الشكاوى التي اضطرت الشركات الغذائية الأخرى إلى مواجهتها عندما غيرت وصفاتها – الشركة الآن تعلن عن التغيير على واجهة الباكيت”.

هذا يعتبر استراتيجية عالية المخاطر، كما تقول لين دورنبليزر، مديرة الابتكار في مجموعة مينتل لأبحاث السوق. وتضيف “لا يمكن للشركة النجاح في تلك الحيلة أكثر من مرة واحدة، وإلا فإنها تخاطر بأن تفقد ثقة المستهلكين – سيبدأ الزبائن في التساؤل عن الأمور الأخرى التي تم تغييرها دون أن تخبرهم”، مشيرة إلى أن قرار شركة مارس الامتناع عن محاولة تغيير بعض الأطعمة لديها “خطوة ذكية جدا من حيث كونها تتحلى بالشفافية”.

وتقول داوسون “إن المواد غير الصحية، مثل الدهون أو السكر أو الصوديوم، سيتم تخفيضها في أكثر من 90 في المائة من أطعمة شركة مارس – باستثناء الشوكولاتة – التي تقول الشركة إن المستهلكين يدركون أنها انغماس ذاتي في بعض الأحيان”. لكن دورنبليزر تشير إلى أن وضع بطاقات تصنيف مكتوب عليها “في بعض الأحيان” على صلصة المعكرونة ليست خطوة جريئة كما يبدو، لأن “ما نسبته 4 في المائة فقط من المستهلكين في المملكة المتحدة يأكلون صلصة المعكرونة أكثر من مرة في الأسبوع”.

عندما يتعلق الأمر بالبيتزا يبدو أن نهج “نستله”، على الأقل جزئيا، يستند إلى فكرة أن من الأفضل بيع بعض البيتزا، بدلا من المخاطرة بعدم بيع شيء على الإطلاق. يهدف دليل كمية البيتزا لديها إلى “مساعدة الناس على تناول الطعام واتباع نظام غذائي صحي بدون أن تبعد بالضرورة أطعمة معينة خارج النطاق المسموح به”.

ديفيد كاتز، المدير المؤسس لمركز ييل-جريفين لبحوث الوقاية في جامعة ييل، يتحدى فكرة أن إعادة صياغة المواد الغذائية تجعل الطعام أكثر صحة “بشكل معقول”. ويقول “هناك استثناءات، بطبيعة الحال (…) لكن في أكثر الأحيان، جعلت (الشركات) المنتجات ذات قيمة غذائية أقل”.

ويضيف أن “الشركات المصنعة للمواد الغذائية تحتاج إلى مساعدة المستهلكين على اكتساب ذوق للمنتجات الصحية”. “براعم التذوق تفضل الطعم الذي اعتادت عليه. وشركات الأغذية لعبت دورا مركزيا في جعل براعم التذوق الأمريكية تعتاد على (…) الأطعمة غير الصحية. بالتالي، هذا ما يفضله كثير من الناس. لكن يمكن هندسة هذه العملية في الاتجاه المعاكس. يمكننا أن نخضع براعم التذوق لإعادة تأهيل”.

ولا تقتصر طلبات المستهلكين على مزيد من المكونات الطبيعية في الغذاء فحسب. في الأسبوع الماضي قالت “جونسون آند جونسون”، “إنها ستعيد إطلاق قسم رعاية الأطفال لديها، في محاولة لاستعادة جيل الشباب من الآباء والأمهات الذين يتجنبون منتجاتها من بودرة التلك والشامبو والكريمات لمصلحة بدائل عضوية أعلى سعرا”.

شركات مستحضرات التجميل والعناية بالبشرة التي تقول إنها تستخدم مكونات طبيعية وعضوية، مثل بيرتز بيز، وتوم أوف ماين، ولوكسيتان، وأوريجن، موجودة منذ سنوات أو حتى عقود. لكن الخطوة التي تتبعها “جونسون آند جونسون” تسلط الضوء على كيفية صعود شركات أحدث وأصغر، تستخدم المكونات العضوية، مثل “أونست كومبني” التي تبيع منتجات صديقة للبيئة بمكونات طبيعية ابتداء من بخاخات التنظيف إلى مستحضرات العناية بالبشرة، ما يجبر الشركات الكبرى التي لا تتمتع بخفة الحركة على إعادة النظر في استراتيجياتها.

إنه تحول دفع شركات الأغذية، ابتداء من “جنرال ميلز” إلى “تايسون”، إلى إعادة اختراع نفسها، جزئيا من خلال الاستحواذ على شركات منافسة أصغر تركز على استخدام المواد الطبيعية وسط تزايد الطلب على المنتجات الخالية من الإضافات والمواد الحافظة.

ديفيد جارفيلد، المدير الإداري لشركة أليكس بارتنرز الاستشارية، يلاحظ أن كثيرا من الرؤساء التنفيذيين في قطاع مستحضرات التجميل والعناية بالبشرة يتساءلون على نحو متزايد عن كيفية التنقل ضمن الاتجاه العام الذي يركز على الصحة والعافية.

ويقول “إنهم يطرحون تساؤلات حول قضايا كم يجب أن أعتمد على عمليات الاندماج والاستحواذ، أو التنمية الداخلية، والكيفية التي يجب أن أدخل بها بقوة هذه القطاعات وكيف أتحكم في أثر ذلك في العلامات التجارية الأساسية التقليدية لدي”.