توقع تقرير “المرصد الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا – ربيع 2016” الصادر عن البنك الدولي أن يحقق لبنان نمواً متواضعاً على المدى المتوسط ليصل إلى 2.5% سنوياً. وبحسب الدراسة، من المتوقع أن يكون معدل نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي في 2015 بلغ 1.5%، وهو تعديل بالنقصان لتقدير سابق بسبب الهبوط الحاد غير المتوقع للنشاط الاقتصادي في الربع الثالث من 2015. عموماً شهد العام الفائت انتعاش قطاع السياحة وزيادة الائتمان المُقدَّم للقطاع الخاص، إذ جدَّد مصرف لبنان برنامجه التحفيزي بمبلغ مليار دولار. ومن ناحية أخرى، كان القطاع العقاري بمثابة قيد على النمو، مع انكماش رسوم التسجيل ومبيعات الإسمنت في 2015 بنسبة 10% و14% على الترتيب.
وعلى صعيد المالية العامة، ساعد انخفاض التحويلات من الميزانية العامة إلى شركة كهرباء لبنان بسبب هبوط أسعار النفط على تحقيق فائض أولي في العام 2015، وتحقَّق ذلك على الرغم من زيادة طفيفة مقدارها 0.7% من إجمالي الناتج المحلي في العجز الكلي للمالية العامة سببها الرئيسي غياب إجراءات نُفِّذت لمرة واحدة وساعدت على تعزيز الإيرادات في العام 2014، مثل تحصيل متأخِّرات أرباح قطاع الاتصالات السلكية واللاسلكية. وعلى جانب ميزان المعاملات الخارجية، يُقدَّر أن انكماشاً واسعاً للواردات ساعد على انخفاض مقداره 3.5% من إجمالي الناتج المحلي في عجز ميزان الحساب الجاري. غير أن هذا التحسُّن أبطله تراجع تدفقات رأس المال الوافدة التي أثَّرت تأثيراً سلبياً على وضع صافي الأصول الخارجية للبلاد. ونتيجة لذلك، انخفضت احتياطات النقد الأجنبي في مصرف لبنان 5.4% إلى 30.6 مليار دولار في نهاية 2015.
وفي غياب تقدم للخروج من المأزق السياسي، من المتوقع أن تستمر ظروف الركود الاقتصادي في 2016. وتتأثَّر الآفاق الاقتصادية في الأمد المتوسط بشدة بالظروف الجيوسياسية والأوضاع الأمنية التي لا تزال شديدة التقلُّب. وتفترض التنبؤات أن الحرب السورية ستستمر، وأن آثارها غير المباشرة على لبنان، وإن كانت كبيرة، ستظل تحت السيطرة. وعلى هذا الأساس، توقع التقرير أن النمو في الأمد المتوسط سيكون ضعيفا ويبلغ 2.5% سنوياً. ولا يمكن تحقيق إمكانات النمو كاملة إلا حينما يتم التوصل إلى حل للحرب السورية بطريقة لا تعرض للخطر هيكل لبنان واستقراره.
وتشتمل المخاطر الرئيسية على الآثار غير المباشرة لانخفاض أسعار النفط والمخاطر السياسية. وحتى الآن، كان لانخفاض أسعار النفط أثر صاف إيجابي على الاقتصاد اللبناني من خلال زيادة الاستهلاك الخاص، وتحسُّن ميزان المالية العامة، وتحسُّن ميزان المدفوعات. بيد أن الآثار غير المباشرة لاستمرار انخفاض أسعار النفط على دول مجلس التعاون الخليجي ستكون سلبية بالنسبة الى لبنان من خلال انخفاض تحويلات المغتربين وتدفقات رأس المال. وكان هبوط أسعار النفط أيضاً سبباً رئيسياً للانكماش في عام 2015، الذي بلغت نسبته 3.7% وساعد على ارتفاع نسبة الدين إلى إجمالي الناتج المحلي 3.1 نقطة مئوية من هذا الإجمالي في عام 2015 لتصل إلى 148.7%.
ولا تزال التأثيرات غير المباشرة للحرب في سوريا هي التحدي الرئيسي الذي تواجهه البلاد. وعلى الصعيد الداخلي، أثَّر الشلل السياسي الزاحف على السلطات الثلاث الرئيسية لنظام الحكم، فكانت إمَّا شاغرة (الرئاسة منذ أيار 2014، أو خاملة (البرلمان)، أو غير فعّالة (الحكومة). ويتحمَّل السكان على نحو متزايد عواقب فشل نظام الإدارة الرشيدة والحوكمة من خلال تدهور ملحوظ للخدمات العامة مثل الكهرباء، وإمدادات مياه الشرب، وأزمة قمامة ملأت العيون وأزكمت الأنوف وخلَّفت أكواماً من القمامة التي لم تُجمَع في الشوارع والطرق.