IMLebanon

ورش الزراعة في البقاع: قصص استغلال فتيات

agriculture-workers-girls

حنان حمدان

تحتفي دول كثيرة في الأول من أيار/ مايو من كل عام بعيد العمال، وهو يوم فرصة لمعظم العاملين/ات في لبنان. فيما تعتبره الفتيات السوريات اللواتي يعملن في ورش زراعة البطاطا والقمح والخس وأنواع مختلفة من الخضار في البقاع، يوم عمل عادي يشبه الأيام الأخرى منذ وصلنَ إلى لبنان إبتداءً من العام 2011.
“ورشة موسى”
تعمل في “ورشة موسى” في منطقة برالياس البقاعية، سبع عشرة فتاةً، أتين بمعظمهن من مناطق دير الزور، حمص، حلب وإدلب في سوريا. في كل يوم، يبدأن عملهن عند الساعة السابعة صباحاً، ويتقاضين 6 آلاف ليرة لبنانية عن كل خمس ساعات عمل، فيما يحصل “الوكيل”، الذي هو في أغلب الأحيان شاويش المخيم الذي تقطن فيه العاملات، على 2000 ليرة لبنانية كعمولة “بدل” تأمين عمل كل فتاة.

تأخذ الفتيات حصة في أخر كل أسبوع، والحسبة النهائية بين الفتيات والوكيل في آخر كل شهر عمل. وفي بعض الأحيان، يحصل الوكيل على إيجار الخيمة التي تقطنها العاملة وأسرتها، ويبلغ 100 ألف ليرة شهرياً في مخيم الشاويش موسى. علماً، أن الإيجار يختلف بين خيمة وأخرى، إذ يتقاضى الشاويش حسين 300 ألف ليرة فقط كبدل إيجار سنوي عن كل خيمة في مخيمه مثلاً.

المراقب أبوغسان مكلف بمراقبة عمل الفتيات في الورشة. يُبقي عينيه تجولان في الحقل تتابعان بدقّة الفتيات العاملات، وهن يقلعن الأعشاب المحيطة بنبتة البطاطا وقد اصطففنا في خطوط متساوية. ولا ينفك يطلب منهن إنجاز عملهن في أقصر وقت ممكن، كي لا يستلزم هذا العمل وقتاً أكثر فيضطر إلى دفع أجر أكبر.

بين الفتيات، طفلة سورية تدعى ديما، تقيم في مخيم الشاويش موسى في منطقة برالياس البقاعية. لديها أربع أخوات يعملن في ورش زراعية مختلفة. تعمل ديما بصمت وخجل، تمتنع عن الحديث مع أحد. لا تدرك ما معنى عيد العمال، لكنها تبتسم وتقول لـ”المدن” “إنه يوم عادي”، متمنية لو أنها تعود إلى حيث ولدت وترعرعت في دير الزور. وتخاف أن تبوح بحقيقة سنها، تقول إنها تجاوزت الثالثة عشرة منذ أيام. لكن الحقيقة هي أنها لم تتجاوز التاسعة، وقد إضطرت إلى النزول إلى الورشة من أجل تحصيل بعض النقود وشراء الطعام لأسرتها، مثلما تفعل أخواتها، باستثناء واحدة منهن لأنها مريضة، وفق ما أكدته الفتيات في الورشة.

بجانب عائشة التي لم تتجاوز العاشرة امرأة خمسينية تضع على رأسها كوفية، تبتسم رغم تعبها فتتداخل إبتسامتها مع تجاعيد وجهها الأسمر، لديها عشرة أولاد، لكنها لم تسمع شيئاً عن أخبارهم منذ أتت إلى لبنان أي قبل خمسة أعوام. تشكو من وجع في يديها وتقول إنهما قد تلفتا، بسبب ساعات العمل الطويلة.

حال ديما وعائشة لا تختلف عن قصص الفتيات اللواتي خرجن إلى العمل في عمر مبكر من مخيمات النزوح. إذ لا تخلو ورشة زراعية في البقاع من الأطفال، وإن اختلف عددهن. يقول ديبو وهو أحد الوكلاء الذين يؤمنون ساعات عمل للفتيات إن “ديما بدأت بالعمل مؤخراً، وتحديداً منذ عشرة أيام، إستجابةً لطلب والدها، لأنهم يحتاجون إلى الأموال”. يحاول تبرير قبول الوكيل موسى بتشغيلها. لكن، لوم الآباء والأمهات على تشغيل أطفالهم، لا يلغي مسؤولية الوكيل الذي استفاد من تشغيل الفتيات والأطفال مقابل أجر زهيد لا يمكن أن يقبل به العمال اللبنانيون.