كشفت مصادر حكومية في إقليم كردستان العراق، أن الإقليم شهد زيادة في عدد الشركات الخليجية بأكثر من 60% منذ بداية العام الحالي، وسط توقعات بأن تشهد الفترة المقبلة المزيد من الاستثمارات، لا سيما مع انتقال جزء من الاستثمارات الخليجية، خاصة السعودية، من لبنان إلى الإقليم، على خلفية الخلاف المتصاعد بين بيروت وعدد من العواصم الخليجية.
ومع تصاعد الأزمة السورية، باتت العلاقات الاقتصادية الاستراتيجية بين الخليج ولبنان مهدّدة، ولا سيما بعد أن أعلن مجلس التعاون مطلع مارس/ آذار الماضي أن حزب الله منظمة إرهابية، وهو ما أيدته جامعة الدول العربية.
وباتت بوصلة الاستثمارات الخليجية تتجه إلى كردستان العراق كبديل للبنان، إلا أن ثمة تحديات قد تكبّل من حركة هذه الاستثمارات، فبعد طفرة اقتصادية دامت عشر سنوات، بدأت حكومة كردستان العراق تعاني منذ عام 2014، بسبب التراجع الحاد في أسعار النفط، وكلفة الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وكذلك تقليص بغداد حصة الإقليم من الميزانية، بعد أن شيّد الأكراد خط أنابيب يصل إلى تركيا، سعياً لتحقيق الاستقلال الاقتصادي.
لكن مصادر مقرّبة من حكومة كردستان العراق قالت لـ”العربي الجديد”، إن عدد الشركات الخليجية ارتفع أخيرا في الإقليم إلى 69 شركة، غالبيتها سعودية وإماراتية وكويتية، تعمل بمجالات الإسكان والسياحة والنفط والصناعات المعدنية، كالحديد والصلب وغيرها، مقابل 42 شركة العام الماضي، بارتفاع بلغت نسبته 64.2%.
ونقلت وكالة “باس” المقربة من رئيس حكومة كردستان نيجيرفان البارزاني، والتي تصدر باللغة الكردية في أربيل، عن مصدر وصفته بالمطلع في الحكومة، قوله أخيرا، إن “بلداناً خليجية منشغلة حالياً بموضوع تحويل مكان استثماراتها وأنشطتها الاقتصادية من لبنان إلى أربيل”.
وعزت الوكالة أسباب تحوّل الشركات الخليجية من لبنان إلى كردستان العراق إلى عاملين، الأول تدهور العلاقات بين دول الخليج ولبنان وتبني مجلس التعاون الخليجي إجراءات عقابية بحق لبنان بسبب سياسات حزب الله اللبناني، والثاني وجود بيئة مشجعة للاستثمار في الإقليم.
وفي مؤشر على اهتمام دول الخليج، وبشكل خاص السعودية، بإقليم كردستان العراق، قامت الرياض العام الحالي بتعيين قنصل عام لها في الإقليم، وبدأت صحيفة الشرق الأوسط، وهي إحدى الصحف السعودية المعروفة، بإصدار طبعة لها من الإقليم الكردي بعدما أوقفت طبعة كانت تصدرها ببغداد العام الماضي.
ولفتت الوكالة الكردية إلى أن العديد من الشركات الخليجية أخلت مقراتها في العاصمة اللبنانية، وبدأ عدد منها بزيارة الإقليم لافتتاح مكاتب فيه.
من جانبه، قال عبد الواحد طه، عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة مدينة أربيل عاصمة الإقليم، إن “كردستان العراق حالياً قد يُعد أفضل خيار للشركات الخليجية في حال قررت ترك لبنان”.
وأضاف طه، في تصريح لـ”العربي الجديد”، أن الشركات التي تقيم استثمارات في الإقليم تدرك أن مستقبلاً جيداً ينتظر استثماراتها في المنطقة، مشيرا إلى أن الوضع الأمني الحالي ليس طارداً للاستثمارات.
ووفقا لمصادر حكومية في كردستان العراق، فإن إقبال الشركات الخليجية على الإقليم يحمل خلفية سياسية كبيرة ويندرج في إطار دعم الإقليم لمواجهة التدخلات الإيرانية والعقوبات التي تفرضها بغداد على الإقليم، من بينها حبس مبلغ مليار دولار سنويا كانت بغداد ملزمة بتقديمه لأربيل كجزء من موازنة الاستثمار الاتحادية.
وتواجه الحكومة المحلية صعوبات في دفع رواتب موظفيها والمتقاعدين من الخدمة العامة والمقدّر عددهم الإجمالي بـ1.4 مليون موظف ومتقاعد يكلفون خزينة الحكومة في الإقليم نحو 730 مليون دولار شهرياً.
وتتركز الاستثمارات الخليجية في ما تُعرف بالمناطق الخضراء، وهي المناطق البعيدة عن خطوط القتال مع تنظيم الدولة الإسلامية عشرات الكيلومترات.
وتقدّر مساحة إقليم كردستان بنحو 40 ألف كيلومتر مربع، وهي مساحة تزيد على ربع مساحة العراق الإجمالية، الذي تبلغ مساحته 148 ألف كيلومتر مربع.
وتعد وفرة الأراضي الصالحة للزراعة وثروات نفطية وغازية أهم دعائم الاقتصاد في الإقليم، الذي يقدّر عدد سكانه بنحو 5.5 ملايين نسمة.
وتقدّر احتياطات الإقليم من النفط، وفق التقديرات الحكومية، بنحو 40 مليار برميل من النفط الخام، وهناك احتياطات من الغاز الطبيعي لم يجرِ استثمارها بعد.
ويقوم الإقليم وبواسطة شركات نفط أجنبية بإنتاج نحو مليون برميل من النفط يومياً، تتوزع على التصدير والاستهلاك المحلي.
وأصدرت حكومة كردستان عام 2006 قانوناً للاستثمارات، وقد اجتذب الإقليم حتى الآن استثمارات محلية وأجنبية بقيمة 40 مليار دولار، استقطب قطاع العقار القسم الأكبر منها.