Site icon IMLebanon

الانتخابات البلدية… “تنفيسة”!

اعتبرت مصادر سياسية بارزة في حديث لصحيفة “الراي” الكويتية ان أفضل ما تشكّله الانتخابات البلدية والاختيارية المقبلة هي انها ستكون بمثابة تنفيسٍ للاحتقانات الداخلية للمواطنين في غمرة أزماتٍ كشفت العجز المستحكم لدى القوى السياسية عن ايجاد مسارب للحلول في كل ما يَتهدّد النظام الدستوري والديموقراطي اللبناني بدليل ان هذه الانتخابات ستتزامن مع مرور سنتين على ازمة الفراغ الرئاسي في 25 ايار الجاري، في وقتٍ تزداد الخشية من مزيدٍ من ترحيل الانتخابات الرئاسية الى أفق غير مرئي.

ذلك ان الحكومة الحالية بدأت تعاني عاهة العمر الأكثر من الطبيعي بعدما استهلكت أكثر من سنتيْن وبضعة أشهر حتى الآن في مسارٍ شديد الصعوبات والتعقيدات وباتت في حاجةٍ ماسة الى أيّ إنجاز يمكن ان يمدّها بقليل من الزخم المفتقد بفعل الإنهاك السياسي الطويل والمعارك الصغيرة المتواصلة بين مكوّناتها.

واذا كانت الانتخابات الرئاسية خارجة تماماً عن قدرة القوى الداخلية كما بات معروفاً، فان المصادر السياسية البارزة نفسها تنظر بارتياحٍ الى الصلابة التي واكبت القرار الحكومي الرسمي في إجراء الانتخابات البلدية والتي لاقت تشجيعاً واسعاً من مختلف السفارات الغربية والأمم المتحدة لدفع الحكومة نحو كسْر صورةٍ سلبية نمَطية باتت ملتصقة بواقع لبنان كدولةٍ فاشلة.

لكن المصادر لا تضخّم الأثر المتوقّع لهذه الانتخابات خارج إطارِ ضخِّ الممارسات الديموقراطية الشعبية بنَفَسٍ متجدّد اياً يكن حجم التغيير الذي ستحمله، باعتبار ان ثمة فارقاً واسعاً بين النتائج المحتملة لهذه الانتخابات التي يطغى عليها العامل العائلي المحلي وبين الواقع السياسي للقوى الحزبية. وبذلك، فان المصادر لا تتوقع انقلابات حقيقية على الإطلاق في مجمل الواقع السياسي الذي يحكم لبنان بعد الاستحقاق البلدي حيث سيقتصر مفعوله على الناحية المبدئية وتكسب منه الحكومة دفعاً جديداً لمدة معينة ولكن سرعان ما تعود الأزمة السياسية الكبيرة الى الواجهة لتظلّل الواقع الحالي والمستقبل القريب والبعيد المشوبيْن بالخطر والغموض.

أما الأثَر الأهمّ الذي تترقبه الأوساط السياسية البارزة، فيتصل بالمنحى الدستوري الذي يجب ان تسلكه الأوضاع الداخلية في ظل نجاح الانتخابات البلدية اذا مرّت بسلام في كل مراحلها. ذلك ان نجاحاً كهذا سيرتّب مفاعيل بدأت إثارتها في بعض الكواليس مسبقاً مثل انعكاس إجراء الاستحقاق البلدي على الانتخابات النيابية المقبلة التي يحين موعدها بعد سنة تماماً هي نهاية الولاية الممدَّدة لمجلس النواب الحالي، وما اذا كان محتملاً تقديم موعد هذه الانتخابات في ضوء ايصال قطار الاستحقاق البلدي الى خواتيمه الآمنة وقدرة الحكومة والقوى الأمنية على إجرائه بهدوء ما يُسقِط حجة الأوضاع الأمنية التي كانت أملت التمديد للبرلمان مرتين متتاليتيْن.

وكان “التيار الوطني الحر” الذي يقوده العماد ميشال عون هو الفريق السياسي الوحيد الذي طالب بتقديم موعد اجراء الانتخابات النيابية ولم يجاره اي فريق آخر في ذلك. ولكن الاوساط نفسها تقول ان الخلاف العميق حول قانون الانتخابات النيابية يلعب دوراً حاسماً في إسقاط سيناريو تقديم موعد الاستحقاق النيابي، اضافة الى استحالة الذهاب الى أي خطوة غير محسوبة قبل انتخاب رئيس للجمهورية.

أما في المنحى الدستوري الذي يقول إن نجاح الانتخابات البلدية يملي إجراء النيابية قبل نهاية الولاية الممددة للبرلمان الحالي، فان الأوساط لا تأخذ به لان مجلس النواب صوّت على التمديد لنفسه حتى سنة 2017 وباتت ولايته شرعية تماماً ولا مجال تالياً لأي تبديل في هذه الولاية قبل نهايتها.

وفي اي حال، تعتقد الأوساط السياسية البارزة ان الوضع السياسي الداخلي في لبنان سيغرق طوال الشهر الجاري في زاوية تَصرف الأنظار عن الأزمة الرئاسية والسياسية حيث يسود العقم والانتظار، ولو ان هناك محطات عدة ستخرق الانتخابات البلدية مثل الجلسات المحددة مسبقاً لانتخاب رئيس الجمهورية (10 الجاري) والحوار الوطني وبدء اجتماعات اللجان النيابية المشتركة (غدا) للبحث في مشاريع قانون الانتخابات النيابية، لافتة الى ان هذه المحطات لن تتجاوز كونها محطات شكلية رتيبة، وسط اقتناعٍ عام راسخ بأن لبنان لا يزال بعيداً جداً عن سكة الحل الكبير وجلّ ما يؤمل من نجاح إجراء الانتخابات البلدية هو فرصة تَنفُّس على طريق الانتظار الشاقّ.