عزة الحاج حسن
يتكبّد ذوو الأمراض المستعصية مبالغ طائلة على أدويتهم التي تبدأ أسعارها من 650 ألف ليرة وصولاً إلى 25 مليون ليرة شهرياً، ورغم سدادهم نسبة 5 في المئة منها وهي فارق يغطية صندوق الضمان الاجتماعي إلا أنها تشكّل عبئاً كبيراً عليهم.
انطلاقاً من ارتفاع الأعباء المالية على ذوي الأمراض المستعصية، خرج مشروع تغطية أدوية الأمراض المستعصية 100 في المئة إلى دائرة البحث، لكنه لم يرَ النور حتى اللحظة ولا يبدو له أفق في المدى المنظور، إذ تحوّل المشروع إلى كرة تتقاذفها وزارة الصحة العامة مع صندوق الضمان الاجتماعي أمام أعين المرضى الذين هم الخاسر الأول.
ولكن متى أُعلن هذا المشروع؟ وهل فعلاً اكتملت عناصره، ولاسيما لناحية التمويل، وبات يحق لمرضى الأمراض المستعصية مطالبة الضمان بتغطية تامة لأدويتهم (100%) كما أعلن وزير الصحة العامة وائل ابو فاعور منذ أيام؟
تم الإعلان عن المشروع في 29 من شهر شباط/ فبراير الماضي في حضور أبو فاعور ووزير العمل سجعان قزي والمدير العام للضمان محمد كركي ونائب رئيس مجلس إدارة الضمان غازي يحيى، على أن تتم المباشرة بوضع خطة مدروسة تهدف إلى تأمين تغطية مالية للأدوية المستعصية تصل إلى 100 في المئة بدلاً من نسبة 95 في المئة التي يغطيها الضمان اليوم، وتم الإتفاق حينها على وضع دراسة تفصلية تتيح للضمان تحديد التغطية المالية لنسبة 5 في المئة للأدوية المستعصية، والإشتراك مع وزارة الصحة لطرح مناقصات بهدف شراء الأدوية بأسعار أدنى من السوق، واستحداث “شباك” للضمان في مستودع الأدوية في الكارنتينا، يمكّن المرضى من استلام أدوية الأمراض المستعصية المكلفة من دون دفع أي ثمن، وتصبح التغطية 100 في المئة.
أبو فاعور رمى الكرة في مرمى الضمان عندما تحدّاه بالأرقام، فرأى أن الوفر المالي الذي حقّقه الضمان من انخفاض كلفة الأدوية بنسبة 21 في المئة يبلغ نحو 55 مليون دولار، وبالتالي يمكن استخدامه في تغطية فارق أسعار أدوية الأمراض المستعصية. وانطلاقاً من هذه المعطيات دعا أبو فاعور المرضى إلى استحصال حقوقهم من الضمان، بما يوحي بأن الأخير تخلّف عن الإتفاق.
يحيى الذي شارك في الاجتماع عرض وجهة نظر مغايرة تماماً لرؤية أبو فاعور، فبعد تشكيكه بنوايا أبو فاعور قال في حديث لـ”المدن” إن المشروع ما زال قيد الدرس ولم يتم وضع أي دراسة في هذا الشأن، وكل ما حصل هو أنه تم إرسال لائحة تتضمن 299 دواءً من قبل مصلحة الصيدلة في الوزارة ليصار إلى تغطيتها بشكل كامل، ولكن لم يتم طرح مناقصات كما لم يتم الاستماع الى اللجنة الاستشارية العليا في الضمان واللجنة الفنية إذ يجب ان يضعا تقريريهما حول المشروع الذي من المفترض ان يكون له أساس أو مسودة من حيث المبدأ.
وإذ استغرب يحيى كيف يمكن لوزير الصحة الطلب من الضمان توسيع نطاق تغطيته للأدوية وتغطية كامل أسعار أدوية الأمراض المستعصية، وهو على علم بأنه لا يحق للضمان إجراء أي تعديل بالتقديمات الصحية إلا بعد استصدار مرسوم من مجلس الوزراء، كما أنه لا يخفى على أبو فاعور عجز فرع المرض والأمومة نتيجة زيادة الخدمات الاستشفائية. وأكد يحيى أن الضمان لن يباشر بالمشروع ما لم تتم دراسته بشكل معمّق بالدرجة الأولى ثم بعد سداد الدولة مستحقات الضمان البالغة 1700 مليار ليرة.
وحول ما أعلنه أبو فاعور أن خفض أسعار الأدوية بنسبة 21 في المئة يمكن أن تسدّ تكلفة تغطية أدوية الأمراض المستعصية أكد يحيى أنها لا تحقق أي وفر بل كل ما تقدمه هو بعض الخفض في الفاتورة الدوائية، وهو ما لا يسمح للضمان بتوسيع فئة الأدوية ورفع نسبة التغطية، ووصف طلب أبو فاعور بالوقاحة، طالباً منه “أن يكفي الضمان شرّه”.