ريغان موريس
تشكل مبيعات الروايات الرومانسية تجارة ضخمة تصل إلى مليار دولار أمريكي، متقدمة بشكل كبير على مبيعات قصص الخيال العلمي والألغاز، وغيرها من الكتب الأدبية الأخرى.
عند كتابة رواية رومانسية، هناك قاعدة واحدة مفادها أنه ينبغي أن تنتهي القصة بنهاية سعيدة. لكن الأسلوب الرومانسي في الكتابة ظل مهجورا لفترة طويلة، باعتباره بذيئاً أو تافهاً في نظر أصحاب العديد من دور النشر.
وتلك هي الحقيقة التي حيرت الأختين بيا ولياه كوتش، اللتين افتتحتا مؤخرا أول متجر لبيع روايات الحب والغرام حصرياً في الولايات المتحدة الأمريكية في لوس أنجيليس، والذي يحمل اسم “ذا ريبيد بوديس”، بالإضافة إلى شعار “الفتيات الذكيات يقرأن الروايات الرومانسية”.
تقول لياه كوتش: “إن حقيقة عدم وجود مكتبة تختص ببيع هذا النوع من الأسلوب القصصي في كتابة الروايات الرومانسية، وهو الأسلوب الأكثر مبيعاً في أمريكا، لم يكن أمرا محقّاً بالنسبة لنا بكل صراحة”.
وتضيف: “تجد محلات تختص ببيع المجلات والكتب المصورة، وأخرى لبيع قصص الخيال العلمي، وثالثة لبيع روايات الغموض والألغاز، بينما قد تتجاوز مبيعات الروايات الرومانسية مبيعات هذه الكتب مجتمعة. نحن نستحق أيضا أن يكون لدينا متجرنا الخاص لبيع هذه الروايات فقط.”
“عرض استثنائي”
تُقرأ روايات الرومانسية بالدرجة الأولى من قبل النساء. أما موقعها بين الأساليب الأدبية في كتابة الروايات فهي الأكثر مبيعاً في أمريكا الشمالية. فوفقا لرابطة “مؤلفي الروايات الرومانسية الأمريكيين”، فقد وصلت المبيعات في عام 2013 إلى 1.08 مليار دولار أمريكي (760 مليون جنيه استرليني).
أما قرّاء الروايات الرومانسية فإنهم “يريدون مكتبة لبيع الروايات يكون فيها البائع على دراية بما يبيع، ولا يسخر من قرّاء روايات الغرام”، حسب قول بيا المختصة بدراسة “عصر النهضة”، والتي حصلت على شهادات من جامعتي يال، ونيويورك.
وفوق ذلك تقول بيا ولياه، اللتان نشأتا في شيكاغو، إن أقسام روايات الغرام في معظم المكتبات غير وافية بالمرّة ناهيك عن إيجاد أحد العاملين فيها من القادرين على المساعدة في اقتراح رواية منها.
“هناك ما يصف روايات الغرام بصفات سلبية باعتبارها منحازة بإفراط لصالح أحد الجنسين”، كما تقول لياه البالغة 23 عاماً.
“ما يثير الاهتمام حقاً هو أنك عندما تتطلع إلى الفتيات المراهقات، تجد رفضاً متأصلاً في كل ما تحبذه الفتيات المراهقات، بالرغم من حقيقة قوتهن الشرائية الهائلة، ولا يجب صرف النظر عنهن. كما أعتقد أن الانحياز (نحو أحد الجنسين) يمتد ليشمل النساء من جميع الأعمار.”
ويتميز متجر “ذا ريبيد بوديس” بنظافته، والإنارة الجيدة المتوفرة فيه، وقد كرس أجزاء منه لبيع العديد من الأساليب القصصية المتفرعة عن روايات الرومانسية، مثل رعاة البقر، ومخلوقات الفضاء، وشعوب “الفايكينج” الجرمانية، وراكبي الدراجات النارية، والأشخاص أصحاب القوة الخارقة.
كما يوجد قسم للروايات الجنسية بأنواعها المختلفة، وجزء مخصص للروايات باللغة الإسبانية، والكثير من الروايات الأخرى التي تناسب الشباب البالغ.
ويتضمن قسم الروايات التاريخية قصصاً للكاتبة جين أوستن وحكاياتها الرومانسية، إضافة إلى سكان المناطق الجبلية من الأسكتلنديين.
“يمكن أن تقع في الغرام بعدة أشكال”، كما تقول بيا، البالغة 26 عاماً، مع ابتسامة ظاهرة.
وافتتح المتجر بمساعدة عشاق القصص الرومانسية. ولأنهما فتاتان من رواد التجارة والأعمال اللتين لم يُختبر نجاحهما قبل ذلك، لم تتوقعا أن تحصلان على أية مساعدة من البنوك. لذا، اتجهتا مباشرة صوب الشبكة العنكبوتية لجمع التمويل الأولي من أقرانهما من الأقرباء والأصدقاء.
وقد عثرتا على موقع “كيكستارتر” للتمويل الجماعي للمشاريع على الإنترنت، لجمع ما يقرب من مائة ألف دولار أمريكي لافتتاح المتجر.
وتقول الأختان إن العمل التجاري في المتجر فاق توقعاتهما خلال الأسابيع القليلة الأولى، وإن تخصصهما المحدد سيكون مفتاح نجاح المتجر على المدى البعيد.
تقول لياه: “نعتقد أن متاجر بيع الكتب المتخصصة ستكون هي السائدة بلا محالة في المستقبل، وخاصة إذا ما نظرنا إليها من منظور تجاري، ومن أجل الحصول على موارد مالية كافية.” وتضيف: “لمنافسة ’أمازون‘، عليك أن تقدم شيئاً استثنائياً.”
تقول الأختان إن قراء القصص الرومانسية يريدون مكاناً يلتقون فيه، ويتبادلون فيه الأحاديث المتعلقة بالكتب والروايات، وأن يلتقوا بمؤلفيها. مكان يستطيع فيه عشاق هذا الأسلوب الأدبي أن يقرأوا الروايات الرومانسية بدون خجل.
وتبين أرقام مبيعات الكتب أن من يشترون قصص الخيال الرومانسي هم أكثر ولاءً للمكتبات ومتاجر بيع الروايات مقارنة بعامة القراء.
فهناك41 في المئة من إجمالي مبيعات الكتب في الولايات المتحدة الأمريكية تتم في الوقت الراهن من خلال متاجر على الأرض لبيع الكتب، وليس من خلال مواقع الإنترنت. ويقول تقرير “نيلسون لمشتري الكتب الرومانسية” إن 56 في المئة من عشاق الرومانسيات لا يزالون يشترون كتبهم في المقام الأول من المتاجر الخاصة ببيعها في الشارع.
كما أن جمهور قرّاء الأدبيات الرومانسية يقرأون بنهم. فحسب تقرير نيلسون، يشتري قرابة ستة في المئة منهم أكثر من عمل رومانسي واحد في الأسبوع، و15 في المئة منهم يفعل ذلك مرة واحدة في الأسبوع على الأقل.
وتتغير في الوقت نفسه وصمة العار الموجهة ضد المؤلفات الرومانسية. فنجاح رواية “خمسون ظلا من الرمادي” قد أذهل العاملين في عالم النشر والتوزيع، وعرّف الكثير من القراء الجدد ـ بمن فيهم رجال أكثرـ على هذا الأسلوب القصصي.
ومع ذلك، تبقى الكتابة الرومانسية، بالدرجة الأولى، مكتوبة ومقروءة من قبل النساء ـ اللاتي يشكّلن أكثر من 85 في المئة من قرّاء المؤلفات الرومانسية.
’وقت مناسب‘
تقول ألويز جيمس، كاتبة الروايات الرومانسية ذات المبيعات الأكثر في الولايات المتحدة الأمريكية (اسمها الحقيقي هو ماري بلاي) إن فكرة متجر متخصص حصرياً في بيع الروايات الرومانسية هي “فكرة رائعة”.
وقد ابتدعت اسماً مستعاراً لكتابة روايات الغرام لأنها لم تكن تريد الإخلال بسيرتها المهنية الأكاديمية ـ وهي حالياً أستاذة في قسم الآداب بجامعة فوردهام في نيويورك.
وجاء الاسم المستعار للسيدة جيمس نتيجة ضرورة اقتصادية في أواخر تسعينيات القرن الماضي عندما احتاجت بلاي إلى دفع ديونها الدراسية عقب دراستها في جامعات هارفارد وأوكسفورد ويال.
تقول يلاي: “لذا، توجهت نحو أسلوب قصصي أحببته دوماً”، مضيفة أن ما حصلت عليه سلفاً لقاء أول كتاب لها جعلها تسدد جميع ديونها الدراسية.
منذ حينها، ألّفت السيدة جيمس 25 مؤلفاً، وجد 21 منها طريقه ليصبح في صدارة المؤلفات الأكثر مبيعاً ضمن قائمة المبيعات التي تصدرها مجلة نيويورك تايمز.
تقول ألويزا جيمس إنها عندما تقيم حفلة ما، أو عندما تقرأ أجزاء من مؤلفاتها وتوقع على النسخ المباعة في أحد متاجر بيع الكتب والروايات، فإن أصحاب المتاجر غالباً ما يصدمون بسبب الأعداد الغفيرة من الجماهير التي تحضر هذه الفعاليات، وخاصة في متاجر بيع الكتب التي يكون فيها قسم الرومانسيات صغيراً أو معدوماً.
وتضيف إن المتاجر العامة لبيع الكتب غالباً ما تخبرها أنها لا تشهد قرّاءً للروايات الرومانسية، وهو إدعاء تقول إنه “مضحك”.
وبالعودة إلى متجر “ذا ريبيد بوديس” للروايات الرومانسية، تنوي الأختان كوتش جعل المتجر مربحاً، وهناك خطط كبيرة لديهما لإنشاء نوادٍ للكتب والروايات وللنشاطات والفعاليات الاجتماعية.
يومياً، تقوم بيا بالاهتمام بالكتب التاريخية، بينما تعتني لياه، التي درست في جامعة كاليفورنيا الجنوبية، بالمؤلفات الصادرة حديثاً.
“نقول للناس على الدوام إن عليهم أن يتوقعوا من متجر ‘ذا ريبيد بوديس’ أن يكون جاداً”، حسبما تقول لياه.
وتضيف: “إنه مورد عيشنا. وهو تجارتنا، وبهذا الشكل فإننا جادون تماماً في عملنا هذا.”
وانسجاماً مع هذا القول، تضيف بيا: “تأتي إلى هنا لتستمتع ببعض الوقت. لكي تجد شيئاً قد يجعلك تبتسم.” وتضيف: “هذا ما نريد أن نحققه ـ فرصة نرتاح فيها من كل ما يدور في عالمنا المحيط بنا.”