يبدو أن أكبر اقتصاد في العالم، تم اختراق حصنه المنيع من قبل القراصنة والمسربين، فالتحقيقات على قدم وساق داخل الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي الأميركي)، بل حتى في أروقة نظيره الأوروبي، لكشف شبكة مسربين لأكثر البيانات الاقتصادية حساسية في العالم، تلك التي ترسم مسار باقي الاقتصادات وتخط سكة القرارات المالية الهيكلية فيها.
وبحسب تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال”، اطلعت عليه “العربية.نت”، وضع باحثون من المركزي الأوروبي اليد على دلائل قوية قد تقود إلى كشف اللثام عن الكيفية التي تم من خلالها تسريب بيانات وتفاصيل عن قرارات حساسة تخص الاقتصاد الكلي الأميركي، من قبل شبكة استطاعت من وراء ذلك جني عشرات الملايين من الدولارات سنوياَ من خلال المتاجرة بتك المعلومات.
وفي بحث أعده خبراء أوروبيون نشر أمس الاثنين، حذر هؤلاء من أن تفاصيل بالغة الحساسية عن الاقتصاد الأميركي يتم الاطلاع عليها سلفاً في بعض الأسواق قبل الإعلان الرسمي عنها من قبل المسؤولين الأميركيين، ودعوا إلى تحقيق عاجل يكشف ملابسات عمليات التسريب تلك. وشددوا على أن ضمان النزاهة في الأسواق المالية، يقتضي تنفيذ اجراءات إفصاح صارمة على جميع الإعلانات والبيانات التي تشكل محركاً للأسواق العالمية.
وكان المفتش العام داخل الفيدرالي الأميركي قد طالب المسؤولين قبل أسبوعين بتشديد الرقابة حول البيانات الاقتصادية الحساسة التي يتم تسريبها لوسائل الإعلام، قبل وقت الإفصاح الرسمي عنها.
ومن المعروف أن الفيدرالي الأميركي ومؤسسات حكومية أخرى يفرضون حظراً على نشر هذه النوعية من المعلومات قبل موعدها المحدد، تحت إجراء يعرف بـ press lockup، ماعدا بعض المعلومات التي يحرص الفيدرالي نفسه على نشرها بشكل مسبق، عبر استمارات خاصة.
وتناول البحث الأوروبي 21 عملية إفصاح عن بيانات أميركية محركة للأسواق العالمية تمت بين 2008 و2014، وتتضمن تفاصيل تمهيدية حساسة عن الناتج المحلي الإجمالي والإنتاج الصناعي ومبيعات المنازل في أضخم اقتصاد عالمي.
وتوصل البحث إلى أنه وفي ثلث الحالات جنح مؤشر الأسهم وأسواق العقود الآجلة للخزانة إلى حد كبير في الاتجاه الصحيح، بدءا من 30 دقيقة تقريباً قبل وقت النشر الرسمي للبيانات الاقتصادية. وفي معظم الحالات، تم نشر تلك التقارير والمعلومات من قبل مجموعات تجارية خاصة.
وقدر البحث أنه في سوق العقود الآجلة المصغرة فقط، حققت تلك الشبكة حوالي 20 مليون دولار سنوياً منذ 2008 من خلال المتاجرة في البيانات الأميركية الرسمية.
وفي تقرير نشر الشهر الماضي، كشف المفتش العام الأميركي عن أوجه قصور متعددة ومفصلة تطال سياسات وإجراءات مجلس الاحتياطي الفيدرالي، وحذر من أن “بعض وكالات الأنباء تستفيد من الوصول المبكر لبيانات الاحتياطي الفيدرالي، عبر توفير الأخبار العاجلة التي تسمح للمضاربين والمستثمرين بالتحرك السريع وفقاً للمعلومات الحساسة والمحركة للسوق التي حصلوا عليها”.