Site icon IMLebanon

الشركات السويسرية مستعدة لدخول السوق الإيرانية أما المصارف فلا..

UBS-SWISS-BANK
فيرونيكا دي فور

بعد أن تمّ مؤخرا رفع العقوبات الدولية المفروضة على طهران، باتت الشركات السويسرية متحمسة لأن يكون لها موطئ قدم في السوق الإيرانية، غير أن القيود التي لا تزال تفرضها الولايات المتحدة على التعاملات المصرفية تقف حجر عثرة أمام البنوك السويسرية.
بعد ظهر يوم ثلاثاء، وفي أحد فنادق العاصمة برن، غصّت قاعة الاجتماعات بممثلي قطاع المال والأعمال الذين توافدوا من جميع أنحاء الكانتون على المؤتمر الذي نظمته الوكالة السويسرية للتجارة العالمية بالتعاون مع اتحاد التجارة والصناعة في برن، للتعريف بمجالات وفرص العمل التجاري في السوق الإيرانية.
قدّم الخبراء شرحا مفصلا حول آفاق اTستثمار والتجارة وما تحتاج إليه تلك السوق الواعدة التي بدأت تنهض من جديد، سواء فيما يتعلق بمشاريع البنية التحتية والسلع الإستهلاكية والمنتجات ذات الجودة الرفيعة التي باتت تترقبها وتتعطش إليها جموع غفيرة من الشباب، ومن الطبقة الوسطى، الذين اضطروا خلال 12 سنة من الحصار الدولي للإعتماد على الصناعات والمنتوجات الصينية.
لكن، تبددت الآمال عندما تقدّم أحد الحضور وهو ممثل بنك كانتون برن باستفسار حول الوضع بالنسبة للقطاع المصرفي، مشيرا إلى الصعوبات التي لا تزال تُواجه قضية تحويل الأموال من سويسرا إلى إيران وبالعكس. وهنا كانت الإجابة صريحة: “يبدو الوضع سيئا، والمفترض أننا نلتزم بالمعايير المالية الدولية، وقد قيل لنا بأن ننتظر، وفي الوقت الحاضر، لا أتوقع وجود إمكانية لتحويل أية مبالغ مالية إلى إيران”.

في التأنّي السلامة

في السياق، قال سُهيل العبيد من الوكالة السويسرية للتجارة العالمية التابعة لكتابة (أو أمانة) الدولة للشؤون الإقتصادية والمعنية بتعزيز العلاقات التجارية الخارجية للكنفدرالية: “إن البنوك السويسرية لا تريد أن تخاطر”، وأضاف: “مؤخرا، وفي مناسبة حدث من هذا القبيل، رغب أحد المشاركين بإرسال حوالة مصرفية بقيمة الإشتراك، وهي 60 فرنك سويسري، ولمجرد أنه أشار إلى إيران، بوصفها وجهة التحويل، رفض البنك المعني إتمام العملية”، وأكدّ قائلا: “ليس بإمكانك الذهاب إلى أي بنك سويسري وتقول إنّي أريد أن أرسل حوالة مالية إلى إيران”.
من جهته، أشار توراج اتزادي، الذي عمل في إيران من خلال شركة “مارتي للبناء” إلى أن “المعاملات المالية هي بالفعل صعبة للغاية”، وقد قام وفد السياسيين ورجال الأعمال السويسريين، الذي زار إيران في شهر فبراير الماضي، برفع القضية أكثر من مرة إلى وزير الإقتصاد يوهان شنايدر أمّـان.
التّخوّف الموجود لدى المصارف السويسرية له ما يبرره، خاصة وأن السلطات القضائية الأمريكية قامت العام الماضي بفرض غرامة مالية قدرها 8,9 مليار دولار على بنك بي.ان.بي باريبا الفرنسي بتهمة انتهاك العقوبات المفروضة على طهران، وفي عام 2009 تكبّد مصرف كريدي سويس، هو الآخر، غرامة مالية قدرها 536 مليون دولار لأن أنشطته في إيران “تدعم – برأي الأمريكيين – المنظمات الإرهابية”، كما أن الوقت لم يحن بعد لنسيان مرارة تلك العقوبات المالية المرهقة التي فرضتها واشنطن على المصارف السويسرية فيما يُعرف بقضية التهرب الضريبي.
في نفس الإطار، اعتبرت دانييلا فلوكيغر من رابطة الصيارفة السويسريين، في مقابلة مع swissinfo.ch، أن توخي الحذر من قبل المؤسسات المالية السويسرية “أمر منطقي” حينما يتعلّق الأمر بممارسة أعمال تجارية في إيران، وأوضحت بأنه “مطلوب من المصارفة أن تلتزم بالعقوبات الدولية، ولذلك من الطبيعي أن تتأخّر في ولوج السوق عن غيرها من القطاعات”، كما لفتت إلى أن الرابطة “لا تُصدر أي تعليمات أو توصيات لأعضائها بشأن أنشطتهم في الخارج”.

وضع حساس

من جهة أخرى، هناك عقوبات لا تزال سارية المفعول، ويُمكن لها أن تسبب مشاكل للشركات السويسرية الطامحة في دخول السوق الإيرانية والراغبة في نفس الوقت في المحافظطة على علاقاتها وأنشطتها التجارية في الأسواق الأمريكية. وبناء على ذلك، “يتعيّن على الشركات والمؤسسات التجارية السويسرية، قبل الإقدام على أي عمل تجاري مع إيران، أن تتثبّت تماما من أنها لا تخالف العقوبات الدولية”، كما تقول جينا شميد، نائبة رئيس دائرة العقوبات في كتابة الدولة السويسرية للشؤون الاقتصادية.
إن أية معاملة مالية مع إيران، يشارك فيها أي مواطن أمريكي أو تتعلّق بسلعة أمريكية المنشأ، يمكن أن تُعتبر خرقا للعقوبات، وقد تنجر عنها عواقب وخيمة، أضف إلى ذلك، أن العقوبات الدولية تتضمن أيضا حظر إجراء المعاملات المالية مع طهران بالدولار الأمريكي، ولذلك نجد حاليا بأن معظم الأنشطة والصفقات التجارية مع طهران تتم باليورو.

أسلوب شبيه بالمافيا

في غضون ذلك، صرّح أغلب من حضر من ممثلي قطاع الأعمال في المؤتمر الذي انعقد في برن أنهم ما زالوا يتحسّسون الوضع وأنهم لم يقوموا بعدُ بأي نشاط تجاري مع إيران، ومن بين هؤلاء ماركوس هاوري، المدير التنفيذي لشركة عقارية، الذي حضر لمجرد أخذ معلومات، وتفاجأ لأن بعض القيود لا تزال باقية على حالها، وقال: “لقد أذهلني كيف أن العقوبات التي فرضتها أمريكا لا تزال تُعيق تطوير إيران وأنها لا تزال هاجس خوف لسويسرا من الولايات المتحدة”، ثم أضاف هاوري مستنكرا: “هذا أسلوب شبيه بالمافيا”.
بيد أنه بفضل رفع برن لجزء من العقوبات التي سبق أن فرضتها على طهران في عام 2012، استطاعت بعض الشركات أن تخطو خطوة إلى الأمام وتقف على أعتاب السوق الإيرانية، وهي تنتظر اللحظة التي تتمكن فيها من تعزيز وجودها وتوسيع نشاطها في البلاد. وفي هذا الصدد، قالت ايلينا آمسلر، مسؤولة العلاقات التجارية مع إيران في شركة هيلموت فيشر التي تصدّر منتجاتها إلى هذه السوق منذ عام 2012: “لقد تفاجأت لحجم الفرص التي تتيحها هذه السوق”.
مع ذلك، أشارت آمسلر إلى وجوب توخّي غاية الحذر والتحقق من كافة التفاصيل لضمان أن لا تنتهك الشركة أيّـا من العقوبات التي لا تزال سارية المفعول، وخلصت إلى القول: “أنا في صراع دائم مع العقوبات التي لا زالت تفرضها الولايات المتحدة، سواء فيما يخص الخدمات المصرفية أو الشحن أو النقل”.