Site icon IMLebanon

الأشرفية لحلب: واشقيقتاه!

 

كتب نبيل بومنصف في صحيفة “النهار”:

في ذاك الزمن الكالح بين الاول من تموز 1978 و7 تشرين الاول ثبت في وقائع الحرب اللبنانية أنّ “حرب المئة يوم” على الأشرفية كانت الأشد دمارًا وفتكا أقله منذ بداية الحرب في 1975. لم تتوقف الآلة التدميرية للنظام السوري آنذاك الا بعدما بدلت معالم الأشرفية في دمار شبيه بدمار ستالينغراد في الحرب العالمية الثانية. كانت الدعاية البعثية لنظام حافظ الأسد تصف مقاومي الكتائب والأحرار بأنهم “عصابات”، وانبرت آلة النظام من المدفعية والراجمات ومنظومات “أورغ ستالين” والمدفعية من عيار 240 ملليمترا الى ” حراثَة ” المباني والأحياء السكنية بلوغا الى الملاجئ حيث سجلت في الايام العشرة الاخيرة من الحرب فواجع إنسانية لم تتمكن كل مناشدات العالم من وقفها حتى صدر قرار عن مجلس الامن حمل الرقم 436 بعد سقوط عشرات ألوف القتلى والجرحى.

لا مناسبة لبنانية لإثارة هذا التاريخ الملطخ بالدماء والدمار، ولكن يصعب تجاهل ما يدور في أذهان اللبنانيين الذين عايشوا ذاك الجحيم الآن وهم يعاينون معاناة إنسانية مماثلة ومتطابقة تشهدها حلب السورية وتسقط في البال سقوطا مدويًا. ليست الظروف نفسها لا إقليميا ولا دوليا ولا لبنانيا وسوريا أيضًا، ولكنها مفارقة مفجعة أيضًا بكل المقاييس أن يستحضر التاريخ ظروفا متشابهة الى هذا الحد بين دمار الأشرفية ودمار حلب على يد نظام لم يتغير ولم يغير أنماطه حتى تدمير بلاده . لن نجادل في ما لا نتمكن من إثباته أو نفيه بشأن جزء من تبعة ومسؤولية ترمى على معارضات سورية في جهنم حلب. فالعالم كله يقف كالعادة عاجزًا متواطئا أو متعاملاً مع شياطين التوظيف السياسي للدماء السورية كما تعامل قبلا مع 15 عامًا من حربنا، ولو أنّ مقاييس الاجرام والقتل والدمار في سوريا فاقت كل السوابق والحروب والمجازر عندنا وفي المحيط العربي. ولكن كل دعاية يقصد منها تبرئة النظام الأسدي من دماء حلب وعمرانها الآيل الى خراب غير متصور تضحي واقعيًا مشاركة جرمية في جحيم المدينة الأشهر والأعرق التي سفك تاريخها كما ناسها وسويت بالأرض كأنّ زلزالا أفاض عليها نيران الإبادة. ما دام العالم يقف متفرجا على المذبحة لن تكون هناك سوى مجزرة برسم نظام “جسمه لبيس” من أيام الأشرفية وقبلها الدامور الى حماه في عام 1982 الى حلب الآن، وما بينها من سائر أنحاء سوريا المحترقة. وأمّا الحديث عن “داعش” و”النصرة” فهو الوجه المكمل الكالح لمن أنتج وأتاح وأسلس القياد لدمار سوريا حين كانت لا تزال في متناوله القدرة الشاملة على منع حروب الأخرين على ارضه فكيف بالتواطؤ بين هذا النظام و”داعش” الذي كشفته حديثا وتكرارا وثائق جديدة على شراكة الاجرام وتقاسم جهنم بينهما؟