IMLebanon

بيروت: التحدّي يكمن في نسبة المشاركة

beirut

كتب بيار عطاالله في صحيفة “الأخبار”:

ثلاثة أيام تفصل عن الانتخابات البلدية في بيروت، والمشكلة الأكبر ليست في تشكيل لائحة الحريري لـ “البيارتة” وإعلانها وانتساب “التيار الوطني الحر” اليها بعد طول معارضة وامتناع. بل إن التحدّي الأكبر يتمثل في كيفية حض الناخبين في أحياء بيروت ومناطقها المختلفة، كي لا نقول “الشرقية” و”الغربية” و”الشيعية”، على المشاركة في الانتخاب وعدم التعامل مع الحدث بلامبالاة، وتالياً اعتبار الانتخابات برمتها “لزوم ما لا يلزم”.

لا أحاديث في الصالونات والمقاهي البيروتية، إلا عن نسب المشاركة المتوقعة نهار الاحد، مقارنة مع نسبة 22 في المئة التي تحققت في انتخابات 2010 البلدية، وهو ما يعني بالأرقام أن العدد لم يتجاوز 85 الف ناخب، في مدينة – عاصمة يبلغ عدد ناخبيها 453 الفاً، منهم 65 في المئة من المسلمين، والخشية التي يتم تداولها ان يتراجع عدد المقترعين الى ما دون النسب السابقة، او في افضل الاحوال ان تراوح نسب المقترعين مكانها، مع اداء تراجعي، ليصبح بحدود 18 في المئة. وفي تحليل الناشط المدني ورئيس جمعية “نحن” محمد ايوب، أن فتور الناخبين وعدم حماستهم للمشاركة يعودان أولاً وأخيراً الى عدم قيام وزارة الداخلية بالترويج للانتخابات البلدية والاختيارية في شكل جدي وفاعل، حيث لا يزال قسم كبير من الناخبين متردداً ويقدم نظريات مؤداها أن الانتخابات لن تجرى في ساعتها الاخيرة، مبرراً ذلك بتحليلات مختلفة وأسباب يعتبرها جدية، في حين أن الانتخابات حاصلة لا محالة.

لا يقتصر التنظير عن استحالة حصول الانتخابات البلدية والاختيارية على أبناء بيروت وناخبيها، بل يكاد يكون حالة تعمّ جميع المناطق من دون استثناء، بدليل صور المرشحين وحملاتهم الانتخابية المفترضة التي لم ترتفع إلا منذ أيام قليلة، وفي نمطها العشوائي والكثيف المعروف. وهكذا يصبح موقف اللامبالاة البيروتية من الانتخابات أمراً مفهوماً ربما، لكن للامور أبعاداً أكثر “تسييساً” لجهة تسجيل موقف سياسي من الاحزاب والقوى والشخصيات السياسية، ذلك أن ثمة مشكلات وأداءً سيئاً لشخصيات بلدية بيروتية محسوبة على “تيار المستقبل”، وهناك من يرى ان “المستقبل” لا يهتم بأبناء بيروت وحاجاتهم إلا في المواسم الانتخابية، في حين أن ثمة الكثير من المشاريع والمهمات والمسؤوليات الاجتماعية والتنموية التي لم تهتم بها بلدية بيروت خلال السنوات الاخيرة لاسباب غير معروفة. وبهذا المعنى، وفق ناشطين في المجتمع المدني، كان كلام سعد الحريري خلال المهرجان الانتخابي الذي نظمته لائحة “البيارتة” في الطريق الجديدة، وشكل محاولة جدية لإعادة التواصل مع الرأي العام في بيروت.

أما في الجهة الشرقية من بيروت، فثمة من يقول إن نسبة المشاركة قد ترتفع لمصالح لوائح المعارضة البيروتية، وتحديداً “بيروت مدينتي”، في حين يرجح آخرون أن تنخفض النسبة مرة جديدة بسبب شعور مستمر لدى فئات مسيحية واسعة، واعتبار هؤلاء “مستلحقين” أو “مستتبعين” في العاصمة لمصلحة مشروع بلدي لا يكترث لأمرهم من قريب أو بعيد. وتلك الشكوى المسيحية تثبتها أرقام صناديق اقتراع الناخبين لمخاتير أحياء بيروت المسيحية التي فازت فيها لوائح “المستقبل” وحلفائه بفارق بسيط لا يتجاوز 300 صوت على لوائح “التيار الوطني”.

في رأي “بيروتيين” أن إعادة تركيب مشهد تقاسم الحصص في المجلس البلدي لن تؤدي الى أي مردود في صناديق الاقتراع، لأن نظام المحاصصة أفرغ بلدية بيروت من مضمونها كمؤسسة للخدمة العامة، وأعطى الأحزاب دوراً كبيرا على حساب المجلس البلدي، بحيث تحولت مراكز الاحزاب ومقارها الى مقصد لطالبي الخدمات، أياً كان حجمها. إضافة الى ذلك، فإن غياب الشفافية في أداء المجلس البلدي السابق والقرارات المجهولة بالنسبة الى المواطنين أدت الى مزيد من التباعد بين البلدية والرأي العام، الذي ينظر اليها كجسم غريب. في حين غابت خلال السنين الست الماضية كل أشكال التواصل بين النخب والبلدية، لولا مبادرات قام بها محافظ بيروت زياد شبيب لرأب هذا الصدع خلال السنين الثلاث الاخيرة من ولاية المجلس البلدي.