Site icon IMLebanon

انتخابات العاصمة… برامج اقتصادية فضفاضة

beirutelectionsMun
عزة الحاج حسن

أيام معدودة تفصلنا عن انتخابات بيروت البلدية، التي ستشكّل ساعة الصفر للمجلس البلدي الجديد قبل انطلاقه في رحلة تنفيذ المشاريع التنموية والخدماتية الموكلة إليه، ولكن عند الحديث عن المشاريع التنموية والخدماتية وحتى البرامج الإقتصادية التي يرفعها مرشحو اللوائح الإنتخابية يخال المراقب نفسه انه بانتظار “بيروت” أخرى بشوارعها وحدائقها وأبنيتها وحتى مؤسساتها وبناها التحتية.
فالمبالغة برسم التصورات المستقبلية والمغالاة بإطلاق الوعود جعلا من البرامج الإنتخابية بشقّها الإقتصادي تحديداً، مجرّد شعارات ووعود فضفاضة لا قدرة لمجلس بلدي، مهما كان انتماؤه، أن ينفذها.
وسط تعدد اللوائح الإنتخابية والمرشحين المنفردين، تبقى لائحتا “البيارتة” و”بيروت مدينتي” هما الأبرز في الساحة الإنتخابية، وعلى الرغم من اختلاف تكوين كل منها لجهة انتماء أفرادها سياسياً وحزبياً، إلا أن برامج اللائحتين تحمل العناوين العريضة نفسها ويشوب الإثنتان أيضاً المبالغة في إطلاق وعود أقلها يحتاج الى اجتماع مجلس الوزراء.
تستغل اللائحتان (كغيرهما من اللوائح والمرشحين) حاجات المواطن “البيروتي” وتمسّان همومه المعيشية والإجتماعية، وتطلقان الوعود بتأمين فرص عمل للشباب وتوفير الكهرباء لـ24/24، ناهيك عن تأمين ضمان الشيخوخة وغيرها من المشاريع التي تتجاوز حلولها حجم وصلاحيات وقدرة بلدية بيروت أو غيرها من البلديات ويصوّرون برامجهم الإنتخابية وكأنها مرفقة بعصا سحرية.
يَعِد المرشحون بتأمين فرص عمل في بلد تجاوزت فيه البطالة الخطوط الحمر وسط عجز الحكومات المتعاقبة عن التخفيف من وطأة البطالة، ويعدون بتأمين التيار الكهربائي بشكل دائم 24/24 في حين تعجز الدولة برجالها ومؤسساتها عن حل أزمة الكهرباء العائدة الى عشرات السنين والتي تكبد الخزينة العامة المليارات سنوياً، وإن دلّ ذلك على شيء إنما يدل على أحد أمرين: إما أن المرشحين غافلون عن صلاحيات المجلس البلدي وإما أنهم يعمدون الى إيهام الجمهور بوعود أقل ما يقال فيها أنها “فضفاضة”.
عن آلية الحد من البطالة وتأمين فرص العمل للشباب البيروتي يرى المرشح عن لائحة البيارتة محمد سعيد فتحة في حديثه الى “المدن” أنها ستكون من خلال تنمية البنى التحتية في بيروت وتحسين الخدمات العامة التي بدورها ستنعش الاقتصاد وبالتالي ستخلق فرص عمل”، وعند سؤاله عن إمكانات وصلاحية المجلس البلدي في تنمية البنى التحتية لاسيما الكهرباء والمياه والإنترنت وغيرها استدرك “إن المقصود بالبنى التحتية هو الطرق والحدائق العامة” وهو ما يشير بوضوح الى ضياع “بوصلة” الأهداف والوعود.
مرشح آخر من لائحة البيارتة، عبدالله درويش، يبدي حماسه لبدء التطهير الوظيفي من عقر دار البلدية معتبراً ذلك جزءاً من توفير فرص العمل للشباب البيروتي فيقول في حديث الى “المدن”: “سندرس الامكانية الادارية للوظائف الموجودة حالياً في بلدية بيروت وسنحاول ملء الفراغات الموجودة بالاشخاص الكفوءين، وبعد وضع دراسة هيكلية لكافة الوظائف في البلدية وتقييم اداء الموظفين سيتم تنقية البلدية من الموظفين غير الفاعلين واستبدالهم بآخرين كما سيتم توظيف الكفاءات الشبابية لتنفيذ الخطط الموضوعة واهمها تعزيز حجم ودور الحرس البلدي لحماية الممتلكات العامة والخاصة” وهنا يبدو واضحا أن المرشح درويش فاته أن موظفي البلديات يتم استقدامهم عبر مجلس الخدمة المدنية ولا يمكن صرف موظفين حاليين (غير المتعاقدين) إلا بالحالات التي ينص عليها القانون الإداري، إذا فالأمور ليست كما يتصوّرها ويصوّرها المرشحون، ووعودهم بغالبيتها لا تلامس أرض الواقع.
وليست وعود بعض مرشحي لائحة “بيروت مدينتي” بأفضل حال إذ تعد المرشّحة منى حلاق “بتقديم مجموعة من الخيارات السكنيّة لحل أزمة السكن في بيروت” في الوقت الذي تواجه فيه آلاف العائلات البيروتية خطر التشرّد بسبب غياب استراتيجية واضحة للسكن منذ عشرات السنين، ومع استحداث قانون جديد للإيجارات لا زال الجدل حوله قائماً، كما تعد حلاق بالعمل على بناء مدينة تستقطب استثمارات في سبيل خلق فرص عمل على الرغم من غياب البيئة الإستثمارية على مساحة الوطن منذ نحو 5 أعوام.
إلا ان مرشح “بيروت مدينتي” ابراهيم منيمنة وفي حديثه الى “المدن”، وضع النقاط على الحروف بشأن الوعود بتأمين فرص عمل فأوضح أن لديه بعض التوجهات التي من الممكن أن تشكّل حافزاً لتوسيع سوق العمل أبرزها تنظيم أماكن العمل والتجارة كالاسواق الشعبية وتقديم حوافز لها، إضافة الى استحداث أماكن مخصصة لاستقطاب الشباب البيروتي المبدع في مجال المعلوماتية وتأمين البنى التحتية اللازمة لتلك الأماكن افساحاً في المجال لتطوير هذا النوع من الإبداع، كما من الممكن استحداث مراكز فنية ثقافية تعيد إحياء واجهة بيروت الثقافية التي من شأنها تأمين فرص عمل واستيعاب المواهب والطاقات.