Site icon IMLebanon

عن “النصائح الصديقة” للتعجيل بـ”الرئيس التوافقي”

 

 

 

كتب نبيل هيثم في صحيفة “السفير”:

فاجأ سياسي بارز محدثيه بقوله «لدي شعور بأننا مقبلون على خريف ربيعي في لبنان، صافٍ سياسياً، ومنتج رئاسياً».

لا شيء حالياً على المستوى الرئاسي، وليس على السطح اللبناني، والسياسي تحديداً، ما يؤشر إلى أفق مفتوح، ولكن السياسي «على يقين أننا بتنا نقترب شيئاً فشيئاً من انتهاء فترة الفراغ في الموقع الأول في الدولة». يقول «الصيف المقبل قد يشكل المرحلة التأسيسية للانتخابات الرئاسية في الخريف المقبل.. ولن أتفاجأ أبداً إن انتُخب رئيس الجمهورية قبل نهاية السنة.. واسمعوا مني.. قد ننام يوماً ونستيقظ على رئيس».

ألقى السياسي المذكور محدثيه في بحر من علامات الاستفهام، لأن كلامه «خارج السياق»، لا بل هو أقرب إلى التمني في الجو الرئاسي المسدود، وثانياً لأن السياسي نفسه كان حتى الأمس القريب، من أنصار مقولة أن لا رئيس للبنان قبل انتهاء الأزمة السورية.

يبرر السياسي نفسه، تفاؤله بامتلاكه معطيات تؤكد أن الاستحقاق الرئاسي صار يشكل مادة بحث رئيسية في الغرف واللقاءات الداخلية والخارجية، وتتم مقاربته بلغات متعددة الجنسيات: الأميركية، الروسية، الفرنسية، البابوية، الألمانية.. مروراً باللغتين «الإلزاميتين»: السعودية والفارسية.

المهم في رأيه أن البحث الرئاسي قد بدأ فعلاً ولو ببطء، ولكن يبقى الأهم في إتمام الطبخة التي لم تنضج بعد. وثمة أسباب عديدة للدفع في هذا الاتجاه:

– أولها، سلّم العالم باستحالة توافق اللبنانيين وحدهم على رئيس، وبالتالي لا بد من مساعدتهم، وثمة محاولات محدودة في هذا الإطار.

– ثانيها، وضع لبنان بات هشاً، سياسياً وأمنياً واقتصادياً ومؤسساتياً، وقد تنحدر الأمور في أية لحظة إلى ما لا تحمد عقباه على لبنان وكل أصدقائه، وصار من الضروري إعطاؤه سريعاً جرعة إيجابية ومعنوية زائدة لا تتوفر إلا بإتمام الانتخابات الرئاسية، التي تشكل بدورها المفتاح لإعادة إطلاق عجلات الدولة ومؤسساتها المعطلة.

– ثالثها، إنجاز الانتخابات الرئاسية في الوقت الحالي، أقل ضرراً من تأخير إتمامها، وهناك «نصائح صديقة» بدأت ترد الى بعض كبار السياسيين وكذلك الى قوى سياسية، بقطف الانتخابات الرئاسية، بما فيها من مصلحة للجميع، قبل الانتخابات الأميركية، أي قبل مجيء الإدارة الجديدة. والأهم أن هذه النصائح تلقي كرة التعجيل و «التوافق» بيد اللبنانيين، وهي تنطلق من أمرين:

– الأول، من محاولة عدم تضييع المزيد من الوقت، خاصة أن الإدارة الأميركية، التي هي ناخب أساسي في الاستحقاق الرئاسي اللبناني، ستأخذ وقتها لإعداد ملفاتها وأولوياتها بعد تسلم الرئيس الأميركي الجديد مهامه في أواخر كانون الثاني المقبل، وقد يتطلب هذا الإعداد بين أربعة الى ستة أشهر. فإن تم ذلك، ولبنان لم ينجز انتخاباته الرئاسية فمعنى ذلك لا انتخابات رئاسية في لبنان من الآن وحتى سنة على الأقل.

– الثاني، الإدارة الأميركية الحالية قد لا ترى لبنان على مسرح أولوياتها، وبالتالي هناك فرصة متاحة لتمرير انتخاب رئيس للبنان. وإن تم تفويت هذه الفرصة، فما يُخشى منه هو أن تأتي إدارة أميركية جديدة أكثر تصلباً من الإدارة الحالية، تصبح معها التسويات صعبة، وتعتمد في الشق اللبناني من اهتماماتها، منطقاً متشدداً ومشتبكاً مع قوى لبنانية وإقليمية وضاغطاً للمجيء برئيس لها الحصة الوازنة فيه. من هنا مصلحة الجميع في إتمام الاستحقاق الرئاسي قبل رحيل الإدارة الأميركية الحالية.

ولكن ماذا عن المرشحين المحتملين؟

من الواضح، كما يقول محايدون، إن لكل من ميشال عون وسليمان فرنجية حظوظه التي تقف عند التعطيل المتبادل من المرشِحين.

أمام هذا التعطيل المتحكم، قد تبدو حظوظ عون وفرنجية متساوية، كما يعتقد هؤلاء المحايدون، وقد يكون صحيحاً ما يقال إن عون بات مقتنعاً بأن رئاسته مستحيلة، وإن فرنجية بات مقتنعاً بأن الرئاسة صعبة إنما ليست مستحيلة. ولكن يسأل هؤلاء عن مغزى كلام بعض أركان «14 آذار»، وبينهم فريد مكاري عن تراجع حظوظ عون وفرنجية؟ وهل كان هؤلاء ليأتوا بهذا الكلام لو لم يكن متداولاً في محيطهم القريب في «14 آذار» أو في المحيط الأبعد في «8 آذار»؟ أو لأنّ هؤلاء بدأوا يلاحظون أنّ حظوظ مرشَّحين آخرين قد تحرّكت صعوداً، بعد ورود «أصداء دولية» عن أن التوجه نحو «رئيس توافقي» في لبنان صار الأكثر نضوجاً من أي طرح آخر؟