أقامت مصلحة النقابات في حزب القوات اللبنانية في أوتيل بادوفا – سن الفيل حفل استقبال ولقاء عماليا لمناسبة عيد العمال العالمي، برعاية رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع ممثلا بالنائب أنطوان زهرا، في حضور رئيس الإتحاد العمالي العام غسان غصن، الأمين العام المساعد لشؤون المصالح غسان يارد، ورئيس مصلحة النقابات في حزب القوات اللبنانية شربل عيد بالإضافة إلى أعضاء مكتب المصلحة، رؤساء الاتحادات والنقابات وأعضاء المجالس النقابية، وعدد من ممثلي القوى النقابية الحزبية والمدنية والرفاق.
بعد النشيد الوطني، ونشيد حزب القوات اللبنانية، وتقديم من عريفة الإحتفال جويس جعجع عرض وثائقي من إعداد مكتب الإعلام والتواصل في مصلحة النقابات تطرق للمشاكل التي يعاني منها العامل اللبناني في المجالات المختلفة، بالإضافة إلى عرض دور مصلحة النقابات.
جعجع
ورحب جعجع الذي وجه كلمته بواسطة الهاتف بالحضور من نقابيين وأصدقاء وصحافيين ورفاق ورفيقات وقال: “أريد في الحقيقة تهنئتكم على جرأتكم لإنكم حتى تجرأوا على إقامة مؤتمر نقابي وسط الإنتخابات البلدية فهذا قرار جريء جدا، فأنتم كالعادة حيث لا يجرؤ الآخرون”.
أضاف: “لا أدري لماذا هناك انطباع كأنه لا علاقة للقوات بالقضايا العمالية في وقت، وانا أتمنى أن يجري أحدهم تحقيقا في الموضوع، قد يكون أكثر حزب تنضوي في لوائه طبقة عمالية هو حزب القوات اللبنانية “.
وتابع: “أذكر تماما أيام الإعتقال أنه كلما أتى الأستاذ إدمون رزق، الذي كان يتولى الدفاع عني في إحدى القضايا، لزيارتي، نقل إلي سؤال العاملين في أحد المطاعم عني أثناء تقديمهم المائدة له، أو سؤال العاملين في أحد مواقف السيارات، أو ناطور إحدى البنايات لدى زيارته أحد المقيمين فيها؛ حتى أني في إحدى المرات قلت له : يا أستاذ إدمون ألا يسأل عني أحد سوى هؤلاء، مع احترامي لهم ولعملهم، فقال لي إن تسعة وتسعين بالمئة من الطبقة الشعبية تسأل عنك مقابل واحد بالمائة من الطبقات الأخرى”.
وقال: “قصدت بهذا السرد شرح وضع القوات مع العمال والطبقة العاملة والطبقة الشعبية التي يشرفنا أن نكون انبثقتا من رحمها، وفي هذه المناسبة أود أن أقول لكم إننا سنبقى أمناء لهذه المجموعة من البشر الى أبد الآبدين آمين”.
وأضاف: “في ما بتعلق بالوضع الشعبي عموما وبوضع العمال خصوصا، وبمجموعة المشكلات التي تعانونها أستطيع التحدث حتى يوم غد، غير أن أم المشاكل صراحة ليست هذه، لأنها مشاكل تقنية وتحل في كل لحظة من اللحظات، أم المشاكل هي غياب الدولة في لبنان، وعندنا يعتبرون أن الدولة غائبة الآن لانتفاء الإنتخابات الرئاسية، وهذا صحيح، لكن فعليا منذ سنة 2005 الى الآن، ومنذ نهاية الحرب حتى الآن، الدولة تقريبا غائبة أو مغيبة، وفي الوقت الحاضر أضيف الى غيابها غياب رئيس الجمهورية، ولهذا فإن الخطوة الأولى على طريق أي حل لأي معضلة، لأي مشكلة عمالية كانت أو غير عمالية، هي إنتخاب رئيس جمهورية، وليس هذا فقط، فهذه هي الخطوة الأولى، والخطوة الثانية والثالثة والرابعة والخامسة هي قيام دولة فعلية في لبنان، فمن دون قيام دولة فعلية في لبنان لا نستطيع أن نأمل شيئا على مستوى الأجور والليرة والبطالة والمعدات وتصريف الإنتاج. إذ يجب أن تكون الدولة موجودة، ومن هناك يتم الإنطلاق الى الحلول التقنية”.
وقال: “الإعتقاد السائد أنه طالما ليس هناك انتخابات رئاسية ولا دولة فعلية فهذا لا يعني ألا نقوم بأي مبادرة. كلا، بل يجب أن نفعل، وعلينا على الأقل أن نكون جاهزين في كل الملفات التقنية، في كل المجالات وفي جميع جوانب الأزمة العمالية، حتى حالما تقوم الدولة، ننفذ ونصل الى تحقيق الحلم الذي نحلم به”.
وتابع: “سأتطرق اليوم الى بضعة عناوين لأني أعلم أن المتكلمين في اللقاء سيتطرقون الى هذه المشكلات، وأولها ضرب الحركة العمالية الذي حدث إبان عهد الوصاية، فخلال عهد الوصاية، واسمه عليه، لا يتحمل وجود حركات نقابية فعلية، شيئا فشيئا، مع أن في لبنان حركة نقابية عمالية حقيقية، استبدلت هذه الحركة العمالية النقابية الفعلية بحركة صورية، وأكثر ما يكون من خلال تسجيل إتحادات ونقابات وهمية، بالعشرات. وأول ما نفكر فيه لدى عودة الدولة الفعلية في لبنان هو تأسيس نقابات واتحادات فعلية تعبر عن الأسماء التي تحملها”.
ثم تطرق الى موضوع البطالة، فاعتبر أنها “سبب الهجرة لأن أي لبناني مجال العمل مفتوح أمامه هنا، لا يعقل أن يفكر بالهجرة. فبرأيي لا أحد يفكر بمغادرة لبنان إلا عندما تضيق به سبل العيش ولكي نحل أزمة الهجرة لا ينبغي أن نتطرق الى أزمة الهجرة بحد ذاتها بل الى أزمة البطالة. وأزمة البطالة هي أزمة عدم وجود دولة تسجل الأرقام وتخطط وتحضر حتى عندما تتخرج أجيالها تجد فرصة العمل، إذ بين ثلاثين وأربعين ألف شاب وشابة يتخرجون كل عام، عشرة أو خمسة عشرة بالمةئة يجدون عملا والباقون يهاجرون، فمشكلة البطالة إذن هي إحدى المشاكل الأساسية التي يفترض حلها”.
وتابع: “النقطة الثالثة التي سأتطرق إليها هي اقتراح تعديلات على قانون العمل ونحن لدينا إقتراح قانون بهذا الخصوص درسته مصلحة النقابات في القوات، وأقر في مؤتمر أقمناه منذ سنتين، وهو ينتظر أن يفتح المجلس النيابي لكي نتمكن من التصويت ومن إقرار اقتراح التعديلات في قانون العمل وأنظمة الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي مع انفتاحنا التام والدائم على تلقي أي اقتراحات أخرى على هذا الصعيد”.
وتطرق الى مشكلة الدين العام، فقال: “أعترف أمامكم بكل صراحة، حتى بضعة شهور خلت لم أكن متصورا كم الفساد في الدولة اللبنانية، وأنا هنا أتحدث وفق انطباع شخصي ومن دون دراسات وافية بين يدي، أعتقد أن حجم الفساد السنوي في إدارات الدولة اللبنانية في المناقصات وخلافها من قصة الإنترنيت غير الشرعي الى موضوع النفايات، الى غيرها من الملفات التي طرحت ، ولم أكن أقدر أن حجم الفساد بلغ هذا الحد، فهو يبلغ حوالى ثمانمائة مليون دولار سنويا، فتصوروا أن ليس علينا أن نجبي هذه المبالغ من أحد، بل أن نمنع سرقتها، فلو كنا قادرين – ونحن قادرون بالتأكيد – وفي هذه المناسبة أنا أعدكم أن أول أهداف القوات اللبنانية، عند انتظام العمل السياسي في لبنان، هو محاربة الفساد”.
وشدد على أن ” صاحب الكف النظيف لا يخشى أحدا، في المقابل الحرامي جبان، وبالتالي من المؤكد سوف نحقق هدفنا بمحاربة الفساد”، وقال: “هذا المبلغ وحده كاف لبدء تسكير الدين العام وتخفيف العبء عن الميزانية العامة”.
وأشار الى “وجود أزمات عدة أخرى من أزمة السير متوقفا “عند موضوع مكننة الإدارة، وأبعد منه موضوع الحكومة الإلكترونية “، فأشار الى “وجود اقتراح قانون جاهز، هي مجموعة قوانين تسمح ببدء العمل بالحكومة الإلكترونية”، وقال :”الحكومة الإلكترونية هي رهاننا للحاضر والمستقبل، إنه رهاننا الذي يوفر وقتنا وجهدنا وأعباء كثيرة والكثير من الفساد الموجود في الدولة. لهذا أريد أن تتضافر جهودنا جميعا فور فتح المجلس النيابي لكي نتمكن من إقرار اقتراحات القوانين ومشاريع القوانين المتعلقة بالحكومة الإلكترونية لكي يصار الى بدء العمل بها وتنفيذها من قبل الدولة”.
أضاف: “الجدير ذكره في موضوع الحكومة الإلكترونية أنه لا يتطلب مليارات الدولارات التي لا ندري من أين سنحصل عليها، بل نحن في هذا المشروع نتكلم عن مئات ملايين الدولارات تباعا على ثلاث، خمس، سبع سنوات، غير أننا نكون في المقابل قد أنجزنا أول عمل في تاريخ الجمهورية اللبنانية يستفيد منه كل مواطن لبناني في الشمال والجنوب وجبل لبنان والبقاع وبيروت”.
وقال: “أعدكم أن نمضي قدما في هذ المشروع الجاهز والحاضر حتى الوصول الى قرار إقراره”.
وأعاد تأكيد أنه ” طالما ليس هناك من دولة فعلية فمهما تكلمنا بالجوانب التقنية وبالملفات الأخرى لن نصل الى أي مكان”.
وختم : “من هنا أطلب أن تتضافر جهودنا جميعا لكي نتمكن في أقرب وقت بإذن الله من بلوغ انتخاب رئيس جمهورية وقيام جمهورية فعلية في لبنان، جمهورية قوية تتيح لنا التحقيق الحلم الذي لطالما حلمنا به وكل لقاء وعيد عمال وأنتم بألف خير”.
عيد
ودعا رئيس المصلحة شربل عيد في مداخلته الى ” تأسيس طاولة حوار ونقاش نقابية حزبية ومدنية شاملة بغية طرح كل هموم العمال والحركة النقابية وعلى أساسها تم رفع التوصيات وقال: “هذا العيد الذي يمر على مختلف بلدان العالم في جو من البهجة والاحتفالية، إلا أنه يمر علينا من جديد ببؤس كامل، إذ لا يوم عطلة حتى، فمر العيد كغيره من أيامنا السوداء، صباحه ازدحام سير خانق، وظهره غذاء قمحه مسرطن فاسد، ومساؤه استراحة مفترضة في المنازل نوافذها محكمة الإغلاق كي لا نتنشق عبرها روائح النفايات”.
أضاف: “صورة وطننا لم تعد الروشة ولا مهرجانات بعلبك ولا الارز ولا بيت الدين ولا مزارات القديسين ولا وادي قنوبين، بل صورة لأكياس النفايات تعرض كل يوم شماتة بنا عبر شاشات العالم. عمالنا عقول مصدرة، أو مواطنون برسم الإفقار، معاملنا تعج بالغرباء، فنادقنا باردة، ومطاعمنا خالية، الصحراء من حولنا تحولت الى جنة خضراء وجنتنا الخضراء تحولت الى رمال لا مياه فيها، لا خضار ولا كهرباء ولا هواء”.
وتابع : “عيد العمال العالمي هو وبكل اسف، عيد البائسين في لبنان، نعم هو عيد من لا يعمل أصلا، وإذا عمل يعمل بشروط قاسية مجحفة طمعا بآخرة هنيئة، وإذا وصل اليها سدد كل ما جناه في اول فاتورة استشفاء، هو عيد المزارع الذي يبدأ نهاره قبل طلوع الفجر طمعا بمحصول يتلفه كل عام وهو يذرف عليه الدموع وعرق الايام، هو عيد المهجرين المهاجرين الذين رحلوا قسرا عن هذه البلاد فأصبحوا مطاردين في اعمالهم في بلدان الاغتراب، هو عيد العاجزين المتفرجين على السارقين العابثين بأمن الناس ومهشلي أصحاب الرساميل”.
وأضاف: “دعونا معا لنجعل من العيد عيدا، تعالوا معا نناضل لقيام الدولة، الدولة المسؤولة، المعنية بمصالح ناسها، دولة الشفافية والمساءلة لا دولة الفساد والمحاصصة والمحسوبيات. تعالوا معا ننادي بقيام “الدولة الراعية” لا “الدولة الريعية”، إذ اي رتب ورواتب واي زيادات واي علاوات من دون استثمارات؟ وأي استثمارات نطلب في دولة مسلوبة القرار، مسلوبة السيادة وحتى مسلوبة الهيبة على العابثين والخارجين عن القانون؟ أي استثمارات من دولة تسرق مداخيلها، تستدين لخدمة الدين، حدودها سائبة، أجهزة رقابتها مشلولة، ومسؤولوها يراشقون بعضهم البعض بالفساد؟”.
وقال: “نحن كمصلحة نقابات في القوات لبنانية لدينا افكار واقتراحات جدية انما لا ندعي القدرة على تحقيقها لوحدنا إنما جل ما نريد هو أن نتضامن ونجلس معا، كافة القوى النقابية الحزبية والمدنية على طاولة مستديرة، لتأسيس وإدارة حوار دائم لرسم خارطة طريق تقيمنا من هذه الكبوة التي تصيب الجميع مسيحيين ومسلمين، 14 و8 و22″.
وأشار الى ” المؤتمر النقابي الذي عقدته المصلحة وتم في خلاله طرح وثيقة تشريعية ننتظر انتخاب رئيس للجمهورية حتى تستأنف جلسات التشريع لنتقدم بتعديلات لمصلحة حقوق العمال”.
وقال : “ليتكل بعضنا على بعض ولنؤسس معا حركة نقابية منزهة فاعلة وموحدة، وأكرر مطالبتنا بحوار بين الجميع نطرح فيه كل ما سبق وذكرناه أو أي أفكار أخرى جديدة، وعندها نشكل قوة الضغط المطلوبة لنحقق للعمال عيدهم، وإلا فلنطلب من هذه السلطة السياسية إلغاء هذا اليوم من روزنامة الأعياد كي لا يبقى هذا العيد يوم النحيب والبكاء والتحسر على الحقوق المفقودة حتى قيام الدولة الموعودة”.
وفي الختام تم توزيع التوصيات الصادرة عن اللقاء على الحاضرين، لكي تكون مسودة عمل ترتكز عليها القوى النقابية كافة وأقيم كوكتيل.