Site icon IMLebanon

المصارف اللبنانية في العراق .. الخسائر لا تستدعي الإنسحاب

Fransabank
خضر حسان

تؤثر الأزمات السياسية والأمنية على عمل المؤسسات المالية والمصرفية في الدول التي تشهد الأزمات. لكن لا يمكن الحكم بصورة عامة على تضرر عمل تلك المؤسسات بمجرد حصول الأزمة. إذ ان المؤسسات تأخذ بعين الإعتبار المخاطر التي يمكنها أن تصيب أسواق العمل، وبالتالي فإن لكل مؤسسة إستراتيجيتها بالتعامل مع الأزمات وتفادي الخسارة أو الإفلاس في أسوء الأحوال.

المصارف اللبنانية تُعد من المؤسسات التي تمتلك إستراتيجيات “عالية الجودة” تُمكنها من العمل في ظروف صعبة، وفي تفادي المخاطر. وبغض النظر عن الموقف من سياسة المصارف اللبنانية تجاه الأفراد وتجاه الدولة اللبنانية، إلا ان نجاحها إقتصادياً يُشهد له، حتى وصلت المصارف الى مرحلة أنها “تَحكُم” الدولة بشكل فعلي.

وبرغم نجاح القطاع المصرفي اللبناني، إلا ان الأزمات المحيطة بأسواق عمله تلعب دورها “الإيجابي” هي أيضاً، بإثبات جدارتها كأزمات لها “إحترامها”. وتُعدّ السوق العراقية واحدة من أسواق الأزمات المؤثرة على عمل المصارف، وتحديداً اللبنانية. إذ يشهد عدد من فروع المصارف اللبنانية في العراق تراجعات تصل الى حد تسجيل خسائر. فبحسب جدول حصلت عليه “المدن”، يتبيّن ان بنك الشرق الأوسط وأفريقيا سجل حتى شهر آب من العام الماضي، خسائر بلغت 1561 بليون ليرة لبنانية، في حين ان مجموع موجوداته بلغ 59898 بليوناً، والأموال الخاصة 17999 بليوناً، أما الودائع فقد سجلت 15972 بليوناً، بينما التسليفات سجلت 13650 بليوناً. من جهته سجل بنك الإعتماد اللبناني خسائر بقيمة 851 بليوناً، مع مجموع الموجودات بلغ 49021 بليوناً، فيما الأموال الخاصة سجلت 22755 بليونا، أما الودائع فسجلت 10763 بليوناً، في حين بلغت التسليفات 11159 بليوناً.

بنك لبنان والمهجر سجل مجموع موجودات بقيمة 70333 بليوناً، في حين ان الاموال الخاصة بلغت 18980 بليوناً، اما الودائع فبلغت 38381 بليوناً، والتسليفات بلغت 16479 بليوناً، فيما سجل المصرف خسائر بقيمة 2107 بليوناً. لم يبتعد مصرف فرنسبنك عن نظرائه في الخسارة، إذ بلغت موجوداته 84385 بليوناً، والاموال الخاصة 18688 بليوناً، والودائع 46001 بليون، أما التسليفات فبلغت 14748 بليوناً، في حين سجلت الخسائر 2044 بليون ليرة.

ليست الخسارة هي السمة الوحيدة في السوق العراقية، لأن بعضاً من المصارف اللبنانية سجل أرباحاً. فقد سجل بنك بيبلوس مجموع موجودات بقيمة 396991 بليون ليرة، وأموالاً خاصة بقيمة 41212 بليوناً، وودائع بقيمة 331644 بليوناً، والتسليفات بلغت 126737 بليون ليرة، أما الارباح فسجلت 7157 بليون ليرة. من ناحيته حقق بنك البحر المتوسط، أرباحاً بقيمة 1951 بليوناً، أما مجموع موجوداته فبلغت 673913 بليوناً، والاموال الخاصة بلغت 41951 بليون ليرة، والودائع 135526 بليوناً، فيما التسليفات سجلت 53361 بليوناً. بنك انتركونتيننتال حقق مجموع موجودات بقيمة 125066 بليوناً، والاموال الخاصة بلغت 36472 بليوناً، والودائع 87026 بليوناً، في حين بلغت التسليفات 27558 بليون ليرة، وحقق المصرف أرباحاً بقيمة 598 بليوناً.

وفي السياق نفسه، يذكر ان البنك اللبناني الفرنسي سجل مجموع موجودات بقيمة 65096 بليون ليرة، اما الاموال الخاصة فبلغت 17000 بليون، فيما الودائع سجلت 45395 بليوناً، والتسليفات 7454 بليوناً، اما الارباح فسجلت 2467 بليوناً. أما مجموع الموجودات لمصرف BBAC، فبلغت 399015 بليون ليرة، والأموال الخاصة سجلت 21462 بليوناً، والودائع وصلت الى 340106 بليون، في حين ان الأرباح سجلت 8533 بليون ليرة.
تأرجح المصارف اللبنانية في العراق بين الخسائر والأرباح لم يعنِ بالنسبة لمدير وحدة الدراسات في بنك بيبلوس نسيب غبريل أن هناك أزمة لدى المصارف اللبنانية. وغبريل الذي لم ينفِ ولم يؤكد أرباح أو خسائر المصارف، أكد على ان للمصارف اللبنانية “خبرة في التأقلم مع الأوضاع غير المستقرة، والعراق ليس أول سوق غير مستقر تعمل فيه المصارف اللبنانية. فالمصارف اللبنانية إختبرت العمل في الحرب الأهلية اللبنانية على مدى 15 عاماً، بالاضافة الى 11 عاماً من عدم الإستقرار السياسي، ما يعني ان الأزمات في العراق ليست جديدة لتشكل أزمة للمصارف اللبنانية”. وأضاف غبريل في حديث لـ”المدن” ان “السوق العراقية كبير، وفيه الكثير من الفرص، علماً ان عدم الإستقرار في السوق العراقية لا يساعد على سهولة أو سرعة تحرك الإستثمارات والأعمال المالية والمصرفية، لكن هذا لا يعني غياب الفرص بتاتاً”.

وقارن غبريل بين عمل المصارف اللبنانية في العراق وبين عملها في سوريا، حيث ان عدم الإستقرار في سوريا أكبر منه في العراق، الأمر الذي يزيد من حدة المخاصر في السوق السورية، ومع ذلك، فإن المصارف اللبنانية لم تنسحب من سوريا. وحيال الأزمة في السوق العراقية، يلفت غبريل النظر الى ان الأزمة دفعت بالمصارف الى “التريث” في عملية التوسع بفتح فروع في البلاد، و”هناك الكثير من المشاريع تأجلت، خاصة وان هبوط أسعار النفط أدى الى إنخفاض السيولة في السوق”، لكن التحديات “لم تصل الى مرحلة المخاطر، أو مرحلة إتخاذ قرار بالإنسحاب من العراق”.

وتجدر الإشارة الى ان التحديات التي تتفاعل معها الفروع اللبنانية في العراق، لا تؤثر على المصارف الأم في لبنان. وما تسجله الفروع من خسائر، ما هي إلا خسائر على الساحة العراقية وليست معياراً لربحية أو خسارة المصارف في لبنان. الأمر الذي يدفع غبريل الى الإشارة الى انه يصعب فعلياً معرفة الربحية أو الخسارة الفعلية للمصارف اللبنانية، ويعتبر غبريل ان الأرقام المتداولة لا يمكن ان تكون “تقييماً” للمصارف.