يرى الخبير السياسي الاقتصادي “أردال تاناس كاراغول” أن نقاشات الدستور التي شارفت على شهرها السادس ولم تتمكن بعد من حسم شكل النظام السياسي القادم في تركيا، ستؤثر على الحالة الاقتصادية في تركيا سواء نتج عنها استمرار النظام البرلماني أو الانتقال إلى النظام الرئاسي، موضحًا أنه يستحيل الحديث عن الاقتصاد بمعزل عن السياسة في البلدان النامية، نظرًا للتداخل الملموس بين المجالين، مبينًا أن تركيا ما زالت إحدى الدول النامية، وهذا ما يجعل اقتصادها عرضةً للتأثر بنوعية النظام السياسي الحاكم لها.
وفي مقاله بصحيفة يني شفق “نظام الرئاسة من منظور اقتصادي”، يشير كاراغول إلى أن تنفيذ الخطط الاقتصادية متوسطة وطويلة الأمد بحاجة إلى استقرار سياسي شامل، وفي ضوء ذلك؛ نجد أنه عند النظر إلى نوعية الأنظمة حول العالم، نلاحظ أن الأنظمة الرئاسية تتمتع بتوفير فرص أكبر للاستقرار، والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا خير دليل على ذلك، وأرجع ذلك إلى عدة أسباب:
ـ تقل صلاحيات الحكومة في النظام البرلماني، أما في النظام الرئاسي فيتمتع الرئيس بصلاحيات مستقلة وواسعة وهذا ما يسهل إتمام المشاريع الاقتصادية، على النقيض من النظام البرلماني الذي واجهت خلاله حكومة حزب العدالة والتنمية الكثير من العوائق القضائية والإدارية.
ـ اتخاذ النظام الرئاسي للقرار بشكل سريع يساهم في إرساء الاستقرار على الصعيدين السياسي والاقتصادي، الأمر الذي يساهم في جذب المستثمرين على عكس الآلية المتعثرة لاتخاذ القرار في النظام البرلماني.
ـ تخلص النظام الرئاسي من السلسلة الإدارية البيروقراطية يساهم أيضًا في تسريع تنفيذ القرارات المتخذة، حيث يتم تطبيقها في النظام المذكور من خلال شبكات تابعة للرئاسة.
وعلى صعيد متصل، يشير الخبير الاقتصادي “أونسال بان” إلى أن النظام الرئاسي أقدر من البرلماني على مواجهة الأزمات السياسية والاقتصادية، إذ أنه في حال حدوث أزمة يمكن للرئاسة إصدار قرار مباشر لا يحتاج لموافقة السلطات الأخرى، الأمر الذي يحصن ركائز الاستقرار الاقتصادي.
وأضاف أنه لا يمكن إسقاط الرئيس من خلال حجب الثقة كما في النظام البرلماني. وفي مقاله بصحيفة يني شفق “آثار النظام الرئاسي”، ذكر بان أن النظام الرئاسي بتسريعه لتنفيذ القرارات الإدارية والاقتصادية يحد من هدر موارد الدولة والمال العام، منوّها ً إلى أن حرص الرئيس على أخذ موافقة البرلمان على الميزانية العامة بشكل سريع يجعل الميزانية العامة معقولة ومتوازنة.
وأشار بان إلى أن توفير الاستقرار الدائم يرفع معدل القدرة على التنبؤ بالتغيرات المستقبلية، الأمر الذي يزيد من تدفق الأموال الساخنة والدائمة. وأكّد بان فرنسا والبرتغال تمكنتا من تحقيق نسبة عالية من الدخل والتطور والتقدم الاقتصادي في ظل النظام الرئاسي، مبينًا أن فرنسا انتقلت عام 1962 إلى نظام مختلط تكون صلاحيات الرئاسة فيه أكبر من صلاحيات البرلمان، وبينما كان دخلها القومي في ذلك العام 76 مليار دولار، وصل إلى 2 تريليون و6 مليار دولار بحلول عام 2011.