IMLebanon

الخطر على الدولار يتصاعد

StockMarkets
جون أوثرز

لماذا بدأت الأسواق تتصرف كما لو أنها تشعر بالخطر من مخاطر الركود الاقتصادي مرة أخرى؟ منذ بداية العام ومع حالة الترنح العجيبة، كان هناك انتعاش سريع لأسواق المخاطر في جميع أنحاء العالم.

كلما كانت السوق أكثر مخاطرة، يكون الانتعاش أكثر قوة، لأن الأسواق الناشئة والسلع الصناعية الكبرى تقود الهجوم. كان الأمر الثابت المحير هو الدولار الذي ضعف طوال الوقت.

لكن في الأسبوع الماضي انخفضت المعادن الصناعية بشكل حاد، وتراجعت عملات الأسواق الناشئة، وتراجع أداء أسهم الأسواق الناشئة في البلدان المتقدمة بشكل حاد أيضا. وتراجعت أسواق الأسهم في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك في الولايات المتحدة، حيث يظل مؤشر ستاندرد آند بورز 500 عالقا عند مستوى أقل من الرقم القياسي الذي سجله في 21 أيار (مايو) 2015، فيما بدأ الدولار تحركا سريعا إلى أعلى.

أما بالنسبة إلى أسواق الدخل الثابت، فإنها واثقة من أن “الاحتياطي الفيدرالي” سيعلق قرار رفع أسعار الفائدة إلى أجل غير مسمى. وعلى الرغم من دلائل تشير إلى العكس صادرة عن محافظي “الاحتياطي الفيدرالي” أنفسهم، ومن الاقتصاديين في كثير من المصارف الكبيرة، يعتقد المستثمرون في العقود الآجلة لأسعار الفائدة على ودائع المصارف لدى “الاحتياطي الفيدرالي” أن احتمال رفع البنك المركزي الأمريكي أسعار الفائدة الشهر المقبل لا يتجاوز 4 في المائة – ويقولون الآن “إن نسبة احتمال عدم رفع أسعار الفائدة هذا العام تبلغ 54 في المائة”. هذا يساعد على تفسير ضعف الدولار. لكن التوقعات التي من هذا القبيل ليس لها معنى يذكر ما لم تكن مدفوعة بمخاوف من وجود اقتصاد بطيء جدا.

أحد التفسيرات الواضحة لذلك قد تكون البيانات الاقتصادية. في الولايات المتحدة أظهر أحدث تقرير عن الوظائف أن معدل البطالة ارتفع بصورة طفيفة، من نسبة 4.9 إلى 5.0 في المائة، في حين ارتفع عدد الوظائف الجديدة في نيسان (أبريل) 160 ألف وظيفة فقط، وهو أدنى مستوى منذ سبعة أشهر.

لكن يُعطى وزن فوق الحد لهذه الأرقام، المشهورة على نحو سيئ بأنها عرضة للمراجعة في أحيان كثيرة. عند النظر في المتوسط لمدة 12 شهرا، نجد أن نمو الوظائف انخفض بشكل طفيف جدا فقط في حين إن البطالة بقيت ثابتة.

الأهم من ذلك، نمو متوسط الدخل ارتفع مرة أخرى إلى 2.5 في المائة، فوق المستوى المستهدف للتضخم من “الاحتياطي الفيدرالي”، البالغ 2 في المائة، ويعتبر مبررا كافيا لرفع أسعار الفائدة.

إلى جانب ذلك، توفر استبيانات مديري التوريد مؤشرا رئيسيا جيدا. أحدث استطلاع لمعهد إدارة التوريد العالمي للتصنيع، الذي تمت صياغته بحيث إن الرقم 50 هو الخط الفاصل بين التوسع والتقلص، أظهر أن صحة التصنيع تعاني تراجعا، لكن الرقم تقريبا إيجابي عند 50.1. إذا احتسبنا قطاع الخدمات في المؤشر، يرتفع هذا المعدل إلى 51.6 – وهو معدل لا يعد رائعا بأي شكل من الأشكال، ويعتبر مدعاة إلى القلق، ولكن لا يثير مشاعر الخطر حتى الآن.

وبعد ذلك، هناك أخبار من قطاع الشركات. إلى الحد الذي يمكن أن تُعتبَر فيه أرباح الشركات دليلا على الاقتصاد الكلي، هذه الأرباح بالتأكيد لا تبعث على الإحساس بالحماسة. ومع مشارفة موسم أرباح الربع الأول للشركات الأمريكية على الانتهاء الآن، فإن الإيرادات في طريقها إلى الانخفاض بنسبة 1.9 في المائة، في حين إن ربحية السهم الواحد تتجه إلى الانخفاض بنسبة 5.1 في المائة.

الأرباح الأوروبية تبدو أيضا فظيعة. هذه تعتبر أرقاما سيئة للغاية، ولا نشاهدها عادة إلا في حالة الركود – لكن في حالة أرباح الشركات الأمريكية، فهي تعتبر في الواقع أفضل قليلا مما كان الوسطاء يتوقعونه في الشهر الماضي. وليس من الواضح السبب في أن هذه من شأنها أن تدفع الأسواق نحو الانخفاض.

ثم نأتي إلى السياسة. كلمة “اليونان” بدأت تظهر في عناوين الصحف مرة أخرى، وتعتبر دائما مصدرا للقلق. وكذلك هي الحال مع كلمة “خروج بريطانيا” – من الاتحاد الأوروبي. الحجج حول عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي يجري بثها بشكل جيد من قبل السياسيين البريطانيين، لكن بطبيعة الحال حالة اللبس التي يخلقها الاستفتاء تقلق الأسواق.

ويعقد “الاحتياطي الفيدرالي” اجتماعه المقبل قبل تصويت بريطانيا وهناك اعتقاد شائع – وربما يكون صحيحا – أن حالة اللبس السياسي تستبعد اتخاذ قرار برفع أسعار الفائدة.

وهناك الولايات المتحدة. أنباء يوم الثلاثاء الماضي التي أفادت بأن دونالد ترامب نجح في تأمين ترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة من المتوقع أن تؤثر بشكل كبير في الدولار. فهل يفضل ترامب الحمائية بعدما اشتكى الأسبوع الماضي من “الفوضى التي يسببها الدولار القوي”. وقال أيضا “إنه سيستبدل جانيت ييلين، رئيسة “الاحتياطي الفيدرالي”، لأنها مسجلة على أنها تنتمي إلى الحزب الديمقراطي”. هذا يعتبر تغييرا جذريا عن السابق، إذ تم ترشيح ثلاثة من أسلافها في هذا المنصب من قبل رؤساء من كلا الحزبين. وأي علامة على تسييس “الاحتياطي الفيدرالي” من قبل أي حزب رئيسي تثير مشاعر الخطر لدى الأسواق. وتأكيد ترامب السخيف على أن المسؤولين الصينيين “يحبون أن يروا (الدولار) يصعد، (لأن عملتهم ترتبط بالدولار، فهذا يضعف مباشرة القدرة التنافسية للصين) يمكن أن يشير إلى أنه بأي حال ليس أسلم الأوصياء على العملة الاحتياطية للعالم”.

ولكن لا، ضعف الدولار في الأشهر الأربعة الأخيرة ليس خطأ ترامب. فقد ارتفع بسرعة منذ يوم الثلاثاء عندما بات ترشيحه مؤكدا تقريبا – والأسواق لا تزال تعمل، بشكل صحيح أو غير ذلك، على افتراض أنه لن يفوز بالرئاسة.

بالنسبة إلى المستقبل، هذا يشير إلى أن الخطر على الدولار في تصاعد. ونظرا للتزايد التدريجي في علامات التضخم في الولايات المتحدة، فإن ذلك لن يؤدي إلا إلى تحسن طفيف في المؤشرات الاقتصادية، بحيث تحض “الاحتياطي الفيدرالي” على رفع أسعار الفائدة. قد تكون السوق على حق في المراهنة على عدم حدوث ذلك – لكن في بعض الأحيان، كما يظهر المرشح ترامب، الأمور غير المتوقعة تحدث.