كتبت الوكالة “المركزية”: صحيح أنّ “لائحة البيارتة” فازت “زي ما هيي” بعد اليوم الانتخابي الطويل الذي شهدته بيروت أمس، وصحيح أنّ أيّاً من الاطراف الاخرى التي خاضت المواجهة وأبرزها “بيروت مدينتي” و”مواطنون ومواطنات” لم تتمكن من خرق لائحة “المستقبل” التي ضمت تحت سقفها حلفاءه والخصوم، الا ان هذا الفوز وفق اوساط سياسية مستقلة، كان هزيلا ولم يأت على قدر طموحات التيار “الازرق” الذي استنفر ماكيناته لاستنهاض اهل العاصمة وحثهم على المشاركة في العملية الانتخابية، فلم ينجح، اذ لم تتخط نسبة هذه المشاركة الـ20%، لكن الخيبة الاكبر التي أعقبت اقفال الصناديق كانت من نصيب الحلف الثنائي المسيحي الذي يجمع “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”، حيث صب معظم الصوت المسيحي في بيروت في مصلحة “بيروت مدينتي”.
وفي السياق، تقول المصادر لـ”المركزية” ان النتائج التي أفرزتها “منازلة” بيروت لا بد ان تخضع في الايام القليلة المقبلة لقراءة متأنية من قبل داعمي لائحة “البيارتة” جميعهم، ستركز في شكل اساس على تحليل أسباب عدم مجاراة الشارع المسيحي توجّهات “التيار” و”القوات”، فهل رسب الحلف في امتحان العاصمة لعدم قدرته على شحذ همم قواعده وحثها على المشاركة، أم ان هذه القواعد غير مقتنعة لا بقرار قياداتها ولا بأداء البلديات السابقة، وباتت تبحث عن بديل في مكان آخر؟ أما النقطة الثانية التي ستكون موضع درس فتتمثل في نسبة المشاركة المسيحية والسنية في عملية الاقتراع اضافة الى مدى الالتزام بـ”لائحة البيارتة” مسيحيا وسنيا وعدم اخضاعها للتشطيب. وبناء على الاجوبة التي ستكون الساعات المقبلة كفيلة بتظهيرها، تتوقع المصادر ان يبني كل طرف على الشيء مقتضاه، والانظار في هذا الاطار ستتوجه نحو “بيت الوسط” في شكل خاص، فكيف سيتفاعل الرئيس سعد الحريري، الذي خاض معركته الانتخابية البيروتية تحت شعار “الحفاظ على عرف المناصفة الذي أرساه الرئيس رفيق الحريري” وصون التوازن الاسلامي ـ المسيحي في المجلس البلدي، مع الفتور المسيحي الذي قوبلت به مبادرته، وهل سيدفع عدم التجاوب هذا وتفضيل المسيحيين خيارات أخرى على ما قدّمه، رئيس “التيار الازرق” الى رسم علامة استفهام حول حرصه الكبير على “المناصفة” طالما انه لم يُقابل بالمثل، فيبحث عن صيغة جديدة للبلدية في الانتخابات المقبلة؟
وتلفت المصادر الى ان الاستحقاق في العاصمة ترك تصدعات لا يمكن تجاهلها داخل الفريق السياسي الواحد، فنواب العاصمة لا سيما في الدائرة الاولى لم يكونوا على الموجة نفسها، كما ان تفسخات ظهرت في قلب الحزب الواحد وهو ما شهدته صفوف “التيار الوطني الحر”. الا ان الاوساط تتوقع ان تكون هذه الخلافات محدودة في الزمان والمكان وان تنتهي مفاعيلها بانتهاء المنافسة الانتخابية بلديا واختياريا في العاصمة، غير أنها تختم مشيرة الى عِبر يجب استخلاصها من بين سطور انتخابات بيروت، هي ان سكان العاصمة فقدوا الامل بتحقيق التغيير المرجو ما دام قانون الانتخاب على حاله، وأن سطوة الاحزاب على قرارهم تلاشت الى حد كبير، وهو ما دلت اليه بوضوح المشاركة الخجولة ونسبة الاصوات الذي ذهبت لـ”بيروت مدينتي”.