Site icon IMLebanon

هل يغيّر دونالد ترامب المشهد الدولي؟ (بقلم رولا حداد)

 

بقلم رولا حداد

الثابتة الوحيدة في كل ما يجري في منطقة الشرق الأوسط، كما في أجزاء عدة من العالم، أننا نعيش في مرحلة انتقالية بالغة الحساسية في انتظار انتخاب رئيس جديد في الولايات المتحدة الأميركية.

فالدولة الأقوى في العالم عانت سنوات من انعدام الوزن على صعيد السياسية الخارجية بقيادة الرئيس باراك أوباما. ووصلت الأمور بالرأي العام العالمي إلى حد السخرية من الرئيس الأميركي على صفحات الكاريكاتور في كبريات الصحف في العالم، وخصوصاً لناحية التردّد في اتخاذ القرارات، وعدم الجرأة على الإقدام، ما أمّن لروسيا تحقيق انتصارات خارجية، وخصوصاً في سوريا حيث أصبحت موسكو “الآمر الناهي”، وحيث باتت واشنطن بمرتبة الملحقة بالسياسات الروسية.

لكن، ومع وصول أوباما الى الأشهر الأخيرة من ولايته الرئاسية الثانية، يتابع العالم بترقّب وحذر مجريات المعركة الرئاسية الأميركية، والتي حُسِمت مرحلتها الأولى، وذلك بالوصول الى المرشحين الجمهوري والديمقراطي اللذين سيتنافسان على رئاسة الولايات المتحدة والعالم للسنوات الأربعة المقبلة.

وإذا كان ترشيح هيلاري كلينتون عن الحزب الديمقراطي متوقعاً ومنتظراً، فإن ما خلط الأوراق بقوة هو نجاح المرشح الجمهوري دونالد ترامب في حصد ترشيح حزبه رغم كل المعوقات التي اعترضته، وإن بقي الأمر يحتاج الى إعلان رسمي ليس أكثر، وذلك بعد انسحاب منافسَيه الجمهوريين تيد كروز وجون كاسيس.

وباتضاح صورة المواجهة المرتقبة بين كلينتون وترامب، يعيش العالم كله على أعصابه وليس فقط الأميركيين. ففي الشكل، وقبل أشهر قليلة، كان من الجنون المراهنة على أن ينال ترامب ترشيح الجمهوريين، وهو كان بحسب الاستطلاعات قبل أشهر قليلة ينال في أفضل الأحوال تأييد 39% من الناخبيين الجمهوريين. هذا الرقم وصل قبل ايام الى 56% وهو إلى ارتفاع ملحوظ.

ولعل من المفارقات اللافتة في الديمقراطية الأميركية، أنه من النادر ما استطاع مرشح، من الحزب نفسه لرئيس أميركي، أن يفوز في الانتخابات الرئاسية بعد ولايتين لرئيس من حزبه في البيت الأبيض. وبالتالي فإن المنطق التاريخي البسيط في الانتخابات الرئاسية الأميركية يعطي أفضلية لدونالد ترامب، بعد 8 سنوات للديمقراطي باراك أوباما في البيت الأبيض، وخصوصاً أن أوباما الذي وصل بتأييد عارم، يخرج من البيت الأبيض بعد أن أنهك حزبه بتراجع شعبي كبير، بسبب سياساته التي لم تنجح في تحقيق شعاراته في الداخل، كما أنه أضعف هيبة الولايات المتحدة وحضورها خارجياً.

وإذا كان فوز هيلاري كلينتون في الانتخابات الرئاسية لن يحمل مفاجآت تُذكر، رغم أنها ستغيّر الكثير من التكتيكات التي اتبعها أوباما، فإن الأنظار تتوجّه الى ما يمكن أن يحمله وصول ترامب الى البيت الأبيض من ثورة بالمعنى الكامل للكلمة، وخصوصاً في السياسة الخارجية للولايات المتحدة.

يكفي الإطلاع على خطاب ترامب حول خطته واستراتيجيته التي أعدّها للسياسة الخارجية، والتي تبدو بصمات مستشاره اللبناني الدكتور وليد فارس واضحة فيها، للدلالة على أن الأمور لن تبقى على ما هي عليه، وأن أقل ما يجب توقّعه هو وزير خارجية متشدداً يشبه غوندوليزا رايس وليس أقلّ من ذلك.

وبالتالي فإن على المسرح الدولي أن ينتظر تحولات أميركية جذرية ستعيد خلط الأوراق. وهذه التوقعات وحدها يمكن أن تفسّر الجهود المستميتة لكل من موسكو وطهران وبشار الأسد لمحاولة تحقيق انتصارات ميدانية، وخصوصاً في حلب، وذلك في استباق للمتغيرات المنتظرة بعد الانتخابات الأميركية في الخريف المقبل. فهل تنجح هذه المحاولات أم ينجح دونالد ترامب في تغيير المشهد الدولي في حال وصوله؟